هل الأحاديث في الصفات والرؤية والاستواء وغير ذلك على ظاهرها؟

هل الأحاديث في الصفات والرؤية والاستواء وغير ذلك على ظاهرها؟

صح عن الإمام الشافعي قال: الحديث على ظاهره، وإذا احتمل المعاني فما أشبه منها ظاهر الأحاديث، أولاها به (انظر تخريجه في هذه المقالة)

وقال الشافعي في الرسالة ت شاكر (ص580) والقرآن على ظاهره حتى تأتي دلالة منه أو سنة أو إجماع بأنه على باطن دون ظاهر.

وصح عن بشر بن السري سأل الإمام حماد ‌بن ‌زيد البصري فقال: يا أبا إسماعيل الحديث الذي جاء أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى سماء الدنيا يتجول من مكان إلى مكان؟ فسكت حماد ثم قال: هو في مكانه يقرب من خلقه كيف شاء (انظر تخريجه في هذه المقالة)

قلت قوله "في مكانه" يعني أثبت الله على العرش على ظاهره وليس كما يزعم أهل البدع أنه بلا مكان، وقوله "كيف شاء" فيه إثبات أن لله كيفاً وليس كما يزعم أهل البدع أنه ليس له كيفاً البتة

وقال عباد بن العوام الواسطي لشريك القاضي عندنا قوماً من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث، قال: فحدثني بنحو من عشرة أحاديث في هذا، وقال: أما نحن فقد أخذنا ديننا عن التابعين عن أصحاب رسول الله فهم عمن أخذوا؟ (انظر تخريجه في هذه المقالة)

قلتُ: وهذا يدلك أن السلف فهم منه أن الحديث على ظاهره وأنكرته المعتزلة لظاهره، إذ لو كان مؤوّلاً لم يكن للإنكار معنى

قال الإمام يزيد بن هارون الواسطي: هذه الأحاديث التي في الرؤية والعظمة تمر كما جاءت، وتؤخذ بالقبول، لا يقال: لم؟ ولا كيف؟ (انظر تخريجه في هذه المقالة) وصح عن يزيد بن هارون أيضاً من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي (انظر تخريجه في هذه المقالة)

قال الإمام ابن شهاب الزهري: سلموا لِلسُّنَّةَ ولا تعارضوها. وفي لفظ: دعوا السنة تمضي لا تعرضوا لها بالرأي (انظر تخريجه في هذه المقالة)

دل أن الحديث على ظاهره إذ لا تستطيع صرفه عن ظاهره إلا بالرأي أو بحديث آخر يمكن الجمع بينهما

وصح عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي -يعني الإمام أحمد بن حنبل- عن قوم، يقولون: لما كلم الله عز وجل موسى لم يتكلم بصوت فقال أبي: بلى إن ربك عز وجل تكلم بصوت هذه الأحاديث نرويها كما جاءت. وقال أبي رحمه الله: حديعث ‌ابن ‌مسود رضي الله عنه "إذا تكلم الله عز وجل سمع له صوت كجر السلسلة على الصفوان" قال أبي: وهذا الجهمية تنكره وقال أبي: هؤلاء كفار يريدون أن يموهوا على الناس، من زعم أن الله عز وجل لم يتكلم فهو كافر، ألا إنا نروي هذه الأحاديث كما جاءت (انظر تخريجه في هذه المقالة)

فقوله "هذه الأحاديث نرويها كما جاءت" دل إن ذلك عنده على الحقيقة أو على ظاهره بدليل أنه يقول "بلى إن ربك عز وجل تكلم بصوت" ولم يفوض المعنى أو نفاه أو تَأَوَّلَه كما يزعم أهل البدع، وأما الكيفية فلا يدركها العقل البشري لأن ليس كمثله شيء

وصح عن الإمام علي بن المديني قال: من زعم أن الله عز وجل لم يكلم موسى على الحقيقة فهو كافر (انظر تخريجه في هذه المقالة)

فتأمل قوله "على الحقيقة" أي على ظاهرها

وقال الإمام الترمذي: ‌ولا يُقَالُ كيف؟ هكذا روي عن مالك، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا هذا تشبيه وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه -يعني القرآن- اليد والسمع والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده! وقالوا: إن معنى اليد ههنا القوة. وقال إسحاق بن إبراهيم -هو ابن راهويه-: إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد أو مثل يد، أو سمع كسمع أو ‌مثل ‌سمع، فإذا قال سمع كسمع أو ‌مثل ‌سمع فهذا التشبيه (سنن الترمذي ط الرسالة ج2/ص202)

قلتُ: قول الترمذي عن الجهمية "إن الله لم يخلق آدم بيده! وقالوا: إن معنى اليد ههنا القوة" فالجهمية لم تنكر النص القرآني وإنما أنكرت معناه الظاهر وقامت بتأويله فأصبح ماذا؟ أصبح أن الله لم يخلق آدم بيده فنفوا ونفوا حتى كأنهم يعبدون عدماً ولذلك قال يزيد بن هارون الواسطي: الجهمية كفار، لا يعبدون شيئاً (انظر تخريجه في هذه المقالة) وهذا عين ما تفعله الأشاعرة، فنقول استوى وقال السلف هو على العرش وهم ينكرون هذا ويقولون على العرش بعلمه وبقدرته! وأما قول الترمذي "ففسروها على غير ما فسر أهل العلم" فبماذا فسرها أهل العلم من السلف؟ قلتُ: بالظاهر فاليد هي اليد! فكما أن لك يداً فالباب له يد ولكن يد الباب تختلف عن يدك فأنت تعلم كيفيتهما وكذلك يد الله لكن لا تدري كيف هي لأن عقلك لا يدركها وذلك لأن الله ليس كمثله شيء، وقد سئل أبو زرعة الرازي عن تفسير {الرحمن على العرش استوى} فغضب وقال تفسيره كما تقرأ هو على عرشه ثم نقل أبو زرعة وأبو حاتم الإجماع أن الله على عرشه (انظر تخريجهم في هذه المقالة) ففسروا استوى بـِ "على" ولم يقولوا مثلاً "مستوٍ" بنص القرآن وهذا على لغة العرب، وصح عن سفيان بن عيينة في هذه الأشياء فقال قراءته تفسيره لا كيف ولا مثل (انظر تخريجه في هذه المقالة) وصح عن وكيع بن الجراح قال: نسلم هذه الأحاديث كما جاءت ولا نقول كيف كذا ولا لم كذا (انظر تخريجه في هذه المقالة) يعني لا تسأل كيف هي ولا تسأل مثلما ماذا هي، بدليل نقل الترمذي عن ابن راهويه "إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد". يعني كأن تقول يده كيد البشر. وقد حاول حسن السقاف تضعيف هذا عن ابن راهويه (انظر الرد عليه في هذه المقالة)

هذا والله أعلم

إرسال تعليق