الرد على الذين يقولون الله أمر بتغطية القدم فكيف بالوجه وهو مجمع المحاسن

الرد على الذين يقولون الله امر بتغطية القدم فكيف بالوجه وهو مجمع المحاسن

نقلوا بعض الناس عن بعض أهل العلم قال: الذين أباحوا كشف الوجه للمرأة أكبر استنادهم على حديث ضعيف -يقصد حديث أسماء-، أو على رأي لابن عباس، وسبحان الله، كيف يُعْقَلُ أن نقول للمرأة، اكشفي هذا الوجه الجميل الجذاب الذي كالبدر، واستري الرِّجل، هل يمكن أن تأتي الشريعة بهذا ؟! والله لا تأتي به.

وبعضهم يقولون: النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتغطية القدمين فكيف بوجه المرأة وهو أولى من القدم ففيه مجمع محاسن المرأة ويفتن الرجل أكثر

ويقولون أيضاً {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} فمنع الله مجرد الضرب بالأرجل فكيف بوجه المرأة وفيه مجمع الزينة والمحاسن ويفتن؟! إذاً يجب تغطيته

الرد

فأقول هذا هو الرأي الذي كان يبغضه السلف -كما ستأتي أقوالهم لاحقاً- وهي زلة منهم ولكن لا بأس نرد عليهم

1) إذا كان الوجه أولى فلماذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتغطية الوجه بنص صريح طالما هو مجمع المحاسن والزينة وهو أولى من القدمين؟

ألستم تقولون الوجه أولى من القدمين؟ فإن قلتم نعم. فيُقال لكم إذاً كان على النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطي نصاً صريحاً في الوجه وليس في القدمين؟ عقولكم بماذا تجيب على سؤالي هذا؟

وهنا لن تستطيعوا أن تردوا لأنه اعتداء على النبي وعلى وحي الله عالم الغيب والسماوات، وربنا جل ثناؤه يقول {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}، فعلى قاعدتكم كيف يترك النبي صلى الله عليه وسلم الأولى والذي هو الوجه ثم يذهب إلى الأدنى منه مرتبة في الفتنة والذي هو القدمان فيأمر بتغطيتهما؟، ولكن حاشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا لو كان هكذا الأمر، لأمر النبي بنص صريح بتغطية الوجه

فانظروا كيف رددنا عليكم بالرأي أيضاً وذلك أن في المسألة نصوصاً من الصحابة والتابعين فكونوا ضمن دائرة هذه النصوص ولا تعتدوا عليها بالرأي فهو شر وقد قال عبد الله بن داود الخريبي: ليس الدين بالكلام إنما الدين بالآثار (انظر تخريجه في هذه المقالة)


2) هل استدل الصحابة أو أحد من التابعين أو من العلماء المتقدمين وهم ألوف مؤلفة بمثل ما قال هؤلاء؟ الإجابة: كلا

قال الصحابي معاذ بن جبل: أحذركم زيغةَ -يعني زلة- الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم. أخرجه أبو داود في السنن ت الأرنؤوط (ج7/ص21) بإسناد صحيح

وقال عمر بن الخطاب: يهدم الإسلام ثلاثة زلة عالم، وجدال المنافق بالقرآن وأئمة مضلون. أخرجه الفريابي في صفة النفاق (ص72) بإسناد صحيح

وقال ابن عباس: ويل للأتباع من زلة العالم (انظر تخريج أثره هنا)

وقال الأوزاعي: إياك ورأي الرجال وإن زَخْرَفُوهُ بالقول (انظر تخريجه في هذه المقالة)

يزخرفوه بالقول والرأي فيجعلونه حسناً بالرأي فتنخدع وتقول هذا هو الحق، وهو يكون باطلاً

وقال الصحابي سهل بن حنيف: يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم. أخرجه البخاري في صحيحه ط السلطانية (ج9/ص100)

وقال أبو الزناد عبد الله بن ذكواني المدني: إن السنن لا تخاصم ولا ينبغي لها أن تتبع بالرأي والتفكير، ولو فعل الناس ذلك لم يمض يوم إلا انتقلوا من دين إلى دين، ولكنه ينبغي للسنن أن تلزم ويتمسك بها على ما وافق الرأي أو خالفه ولعمري إن السنن ووجوه الحق لتأتي كثيراً على خلاف الرأي (انظر تخريجه في هذه المقالة بالتفصيل)

ولهذا قال يونس بن سليمان السقطي نظرت في الرأي فإذا فيه المكر والغدر والحيل وقطيعة الأرحام وجماع الشر فيه (انظر تخريجه في هذه المقالة)

لماذا؟ لأن الرأي يوهمك بصحة ما يُقال لك وذلك لعدم علمك بتفاصيل الأمر، فلماذا تذهب إلى أستاذ الرياضيات؟ لأنه أفهم وأكثر تعمقاً منك وأما أنت فلا ولذلك تخطأ ثم عندما تعرف السبب تقول "آه هكذا الأمر"

مثال

وهذا حالنا مع أهل البدع فيدخلون الرأي في آيات الله والأحاديث في صفات الله وغيرها فيقول بعضهم يجب أن لا تقول "أين الله" فهذا سؤال خاطئ لأن "أين" تدل على المكان والله خالق المكان فكيف الله يكون في المكان! ولكن ليس كما فهموا، فالله هو الذي قال في قوله {‌أم ‌أمنتم ‌من ‌في ‌السماء} قال إمام المفسرين الطبري وهو الله (تفسير الطبري طبعة هجر ج23/ص129) والنبي صلى الله عليهم نفسه قال للجارية أين الله؟ فقالت الجارية: في السماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها، فإنها مؤمنة (صحيح مسلم ت عبد الباقي ج1/ص381)

فأهل السنة يقولون أنّ الله عز وجل في السماء على عرشه وعلمه في كل مكان


مثال آخر

الله سمح بتعدد الزوجات فأتي أنا وأقول قال الله تعالى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} وقال {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} فأقول إذاً واحدة ثم أقول من جهة أخرى النساء يغرن بطبيعتهن التي خلقهن الله عليها فكيف الله سيجعلهن يغرن وهو خلقهن هكذا! إذاً واحدة، فأنا هنا في ماذا وقعت؟ وقعت في الرأي وهو شر (انظر الرد على هذه الشبهة في هذه المقالة بالتفصيل)

فهل علمت لماذا كان السلف يكرهون الرأي؟ وقال الإمام ابن المبارك المروزي لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء وهؤلاء لا يملكون إسناداً إلى كلامهم هذا، إنما هو رأي من أنفسهم

غفر الله لنا جميعاً ولا تنتقصوا أهل العلم وإن أخطأوا فلهم مكانتهم

هذا والله المستعان

إرسال تعليق