قبل أن أبدأ أقول هذا الموقع لا شك أنه موقع مفيد جداً بل ونحث الناس على الأخذ منه لكن هناك مسائل غلط والعبرة بالدليل ويجب أن يبان الحق فيها فالمقصد مخالفتهم في شيء لا يعني أن ننكر كل ما ينشرونه فهذا ظلم والله لا يحب الظلم وقد صح عن ابن سيرين أنه قال ظلمت أخاك إذا ذكرت مساوئه ولم تذكر محاسنه (انظر تخريجه هنا).
قلت المرأة يحق لها كشف الوجه سواء بوجود الرجال الأجانب أو عدم وجودهم وسيأتي الأدلة ذلك
قلت احتج موقع إسلام سؤال وجواب وغيرهم بما روي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (كنا نغطي وجوهنا من الرجال في الإحرام). قلت هذا لا يدل أنه واجب بل هذا على الاستحباب لأنها لم تقل أمرنا الرسول إنما تقول نحن كنا نغطي واستغرب عدم نقلهم لأقوال الصحابة الذين يبيحون ذلك بل وحديث الخثعمية وهي محرمة بوجود النبي أيضاً كما سيأتي
وأيضاً قالوا وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ) قال الألباني: سنده حسن من الشواهد، ومن شواهده حديث أسماء المتقدم
قلت قول الألباني "وسنده حسن في الشواهد" يعني ضعيف ففيه يزيد بن أبي زياد ضعيف ومدلس وكان قد اختلط لكن إذا كان له شاهد فهو حسن (وانظر تخريج أثر عائشة بالتفصيل في هذه المقالة) وأما حديث أسماء فالقصتان مختلفتان فقصة أسماء لم يكن النبي حاضراً وهنا النبي حاضر ولكن مع ذلك فليس فيه شيء مما توهموه وهم غايتهم من هذه النصوص أن يوجبوا تغطية المرأة لوجهها أمام الأجانب وهذا ما ليس عليه دليل ولذلك قال ابن القطان الفاسي في إحكام النظر (ص171) هذا ضعيف، لضعف يزيد بن أبي زياد ونقول أيضًا لو صحَّ لم يكن فيه ما يحرم على المحرمة إبداء وجهها، ولا ما يوجب عليها ستره، فإنه ليس فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء. انتهى كلام ابن القطان بتصرف
أولاً: بالنسبة لأم المؤمنين عائشة فقد صح عنها من طريقين إباحة كشف الوجه للمحرمة في الإحرام (انظر تخريج الطريقين بالتفصيل هنا) اللفظ الأول من طريق معاذة عن عائشة أنها قالت: وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت واللفظ الثاني من طريق أم شبيب العبدية عن عائشة أنها قالت: المحرمة تغطي وجهها إن شاءت.
فإذا لم تشأ؟ كشفت وجهها
فكلتاهما معاذة وأم شبيب لم تذكرا الرجال الأجانب البتة وهذا يعني هي حرة سواء أكان هناك رجال أو لا وقولها هذا يدل على أن تغطية الوجه هو على الاستحباب وهذا مثل الرسول فإنه يصوم الاثنين وهو ليس بواجب فهل نقول فعله يجعله فرضاً
ثانياً: حديث الخثعمية في الإحرام يخالف ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم أقرها على كشف الوجه ودلالته أنها كانت حسناء ووضيئة بل وحتى الحافظ ابن حجر أقرها على كشف الوجه ولم يستطع أن ينفذ من ذلك! (انظر فتح الباري لابن حجر ج11/ص10) ولكن رد موقع إسلام سؤال وجواب على هذا بنقل الشنقيطي فأثاروا شبهات حوله ليتخلصوا من دلالة الكشف منها
1- كون الخثعمية حسناء ووضيئة لا يعني كشف الوجه إنما قد يكون انكشف خمارها بغير قصد فرأها الفضل ثم غطت وجهها
قلت في الحديث كما عند البخاري في صحيحه (ج8/ص51) "فطفق الفضل ينظر إليها" يعني هناك استمرارية بالنظر فهذا ينسف الاحتمال فإدامة النظر يعني أن وجهها كان مكشوفاً وليس لثانية ثم غطته وإلا لما استمر الفضل بالنظر إليها وإلا فعلام كان ينظر الفضل؟ على لباسها؟ هل يتوقع عقلاً ذلك؟ بل هو شاذ وما قول الشنقيطي رحمه الله إلا زلة منه
2- أن هذه الكلمات حسناء ووضيئة قد يطلق على لباسها كما زعم البعض غفر الله لهم
قلت ذلك مستحيل لغة بل هو قول شاذ باطل نعتبرها زلة ويجب أن لا يلتفت إليه بل إنما هي كلمات تطلق على وجه المرأة لأن المرأة المسلمة تغطي كل شيء فالأمر محصور في الوجه واليدين فقط وحتى أن ابن حجر أقرها ولم يستطع النفاذ من كشف الوجه ولكنهم يأبون فينقلون قول ابن القيم وابن عثيمين لأنه يوافق مذهبهم ولا ينقلون كلام ابن حجر بينما في حديث عائشة يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} [النور: 31] شققن مروطهن فاختمرن بها. نقلوا قول ابن حجر في تفسير (فاختمرن بها) بتغطية الوجه مع أنها زلة كما بينت ذلك في مقالة أخرى (انظرها هنا) فعندما العالم يخالفهم لا ينقلون كلامه وعندما يوافقهم ينقلون كلامه وهذا عجيب وليس من الإنصاف في شيء غفر الله لهم.
ثالثاً: الصحابي ابن عمر فقد شدد في كشف المرأة وجهها في الإحرام أخرج ذلك الطحاوي في أحكام القرآن (ج2/ص47) وابن حزم في المحلى بالآثار (ج5/ص78) بتصرف حدثنا محمد بن خزيمة، قال: حدثنا حجاج - هو ابن المنهال -، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، عن محمد بن المنكدر، قال: رأى ابن عمر امرأة قد سدلت ثوبها على وجهها وهي محرمة، فقال لها اكشفي وجهك، فإنما حرمة المرأة في وجهها. إسناده صحيح وهذا صريح جداً
رابعاً: ابن عباس في حالة الإحرام (انظر تخريج طرقه بالتفصيل) وخلاصته قال عطاء أخبرني أبو الشعثاء، أن ابن عباس، قال: تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به. أي لا تغطيه وأما الزيادة التي تدل على تغطية الوجه فشاذة كما بينته فقد راجع التخريج وله طريق آخر تدحض هذه الزيادة الشاذة رواها حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء عن ابن عباس أنه قال: المحرم يغطي ما دون الحاجب والمرأة تسدل ثوبها من قبل قفاها على هامتها. وهذه الطريق تحسم الخلاف ومعنى ثوبها أي جلبابها ومعنى قفاها أي مؤخرة رأسها من الخلف عند الرقبة ومعنى هامتها أي رأسها كذا في المعجم الوسيط الهامة الرأس وأعلاه أو وسطه وفي لسان العرب الهام جمع هامة وهي أعلى الرأس وأقصى حد للهامة هي الناصية أي الجبهة فقطعاً الوجه ظاهر
هذا والله المستعان