السلام عليكم وبعد
أخرج البخاري وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها، قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} [النور: 31] شققن مروطهن فاختمرن بها.
فقال موقع إسلام سؤال وجواب (لا يصح الاستدلال بقوله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) على عدم وجوب ستر المرأة وجهها، بل العكس هو الصحيح، فهذه الآية تدل على وجوب ذلك، ويبين هذا: فعل الصحابيات الجليلات من المهاجرات بعد نزول هذه الآية، فقد شققن أزرهنَّ وغطين بها رؤوسهن ووجوههن، كما ذكرت ذلك عائشة رضي الله عنها) ثم نقلوا قول ابن حجر في تفسيره (قوله فاختمرن أي غطين وجوههن وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع) ونقلوا تفسير الشنقيطي وقد قلد فيه ابن حجر
الرد
قلت بداية هو موقع رائع جداً ولكن لا شك أن هذا التفسير غلط وقد دخلوا في تناقض لم يفطنوا له كما سيأتي وعلى تفسيرهم أصبح تفسير الآية {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} يعني (وليضربن بخمرهن على وجوههن) فهل يقول بذلك أحد على وجه الأرض من لدن الرسول حتى الآن؟ وجيوبهن يعني صدورهن بإجماع أهل الأرض! وهم يعلمون ذلك لكن لا أدري ما أقول بعد
ومن جهة أخرى الحافظ ابن حجر لم يقل مثلاً "غطين صدورههن ووجوههن" حتى نقول محتمل إنما قال "غطين وجوههن" فقط فتأمل
وأما التناقض الذي لم يفطنوا له هل الجلباب هو غطاء الوجه أم الخمار؟ لربما ستقول وهل يؤثر هذا؟ أقول نعم
في آية القواعد يعني العجائز {فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن} يعني جلابيبهن وبالتالي سينكشف الوجه وهذا قولهم فإذا كان هكذا فإن الوجه لن ينكشف لأنهم جعلوا تغطية الوجه من وظيفة الخمار أيضاً والخمار سيبقى عليهن وأما الذي سيضعنه هو الجلباب فقط وليس الخمار فتأمل منصفاً ولهذا كي يخرجوا من هذا التناقض يجب أن يكفوا عن الاستدلال بالخمار على تغطية الوجه ويجب أن يستدلوا بالجلباب فقط على تغطية الوجه!
وأما بالنسبة لقول ابن حجر فقد احتج به موقع إسلام ويب أيضاً وهذا من أعجب ما رأيت كلاهما قلدا وما تفكرا فقد رد الألباني هذا التفسير في كتابه الرد المفحم (ص19-20) وقال بما معناه إن هذا سبق قلم من ابن حجر فإنه أراد أن يقول غطين صدورهن فقال وجوههن قلت وهذا هو الحق لأن الآية في الأصل هي في الجيوب أي الصدور! فعلى نقلهم عندما نزلت آية الجيوب فهمن الصحابيات الأمر بشكل خاطئ وغطوا وجوههن بدل صدورهن
وقال الألباني أيضاً أن تفسير ابن حجر في صفة ذلك أنها عكس قوله (غطين وجوههن) حيث قال ابن حجر (وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع) فقال الألباني بما معناه لو طبقته المرأة لوجد وجهها مكشوفاً غير مغطى ويؤكد ذلك قول ابن حجر والخمار للمرأة كالعمامة للرجل كما في فتح الباري (ج8/ص490) فالمقصد هل العمامة للوجه حتى يكون الخمار للوجه؟! وقال الألباني أيضاً وكذلك قول ابن حجر وهو التقنع ففي كتب اللغة: تقنعت المرأة أي: لبست القناع وهو ما تغطي به المرأة رأسها. قلت هذا هو الصواب
وصح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: يهدم الإسلام ثلاثة زلة عالم. وصح عن ابن عباس أنه قال: ويل للأتباع من زلة العالم (انظر تخريجهما هنا)
وإمام المفسرين الطبري لم يفهم هذا من الآية وأنا لا أقول إمام المفسرين لأقوي حجتي بل الآية حجتي فهي تأمر بالضرب على الجيوب التي هي الصدور، المهم فقد قال كما في تفسيره (ج19/ص159) وقول: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) يقول تعالى ذكره: وليلقين خمرهن، وهي جمع خمار، على جيوبهن - يعني: صدورهن -، ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وقرطهن. ثم أسرد الطبري حديث عائشة بمعنى الطبري لم يفهم منه تغطية الوجه مطلقاً فلم لم يسردوا قول الطبري؟
بل ولا حتى ابن كثير فهم ذلك فقد قال كما في تفسيره ت سلامة (ج6/ص46) وقوله: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} يعني: المقانع يعمل لها صنفات ضاربات على صدور النساء، لتواري ما تحتها من صدرها وترائبها؛.....وقال في هذه الآية الكريمة: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} والخمر: جمع خمار، وهو ما يخمر به، أي: يغطى به الرأس، وهي التي تسميها الناس المقانع. انتهى بتصرف ثم أسرد ابن كثير حديث عائشة يرحم الله نساء المهاجرات...
فالحق أن هذه الآية لا دخل لها في تغطية أو كشف الوجه إلا باستدلال من بعيد
هذا والله المستعان