هل يستطيع الجن (السحر) السيطرة على جسد الإنسان والتكلم على لسانه؟

هل يستطيع الجن التحكم بجسد الإنسان بالكامل والسيطرة عليه وعلى أفعاله والتكلم على لسانه؟

السلام عليكم ورحمة الله وأما بعد 

هل يستطيع الجن السيطرة على جسد الإنسان بالكامل والتحكم به وبأفعاله والتكلم على لسانه؟

بسم الله الرحمن الرحيم 

لا أعلم شيئًا لا من القرآن ولا من السنة الصحيحة ولا حتى عن الصحابة أن الجن يستطيعون فعل ذلك

وهنا أود أن أنبه أن دخول الجن في جسد الإنسان ثابت بالأحاديث الصحيحة منها ما أخرجه البخاري في صحيحه (برقم 2038) ومسلم في صحيحه (برقم 2175) عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال للرجلان اللذان رأياه مع زوجته صفية: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُلْقِيَ فِي أَنْفُسِكُمَا شَيْئًا. انتهى 

يعني يدخل جسدكما ويوسوس لكما فتظنا السوء بي وإنني أتكلم مع النساء الأجنبيات لكن الأمر ليس كذلك إنما هي زوجتي وليست امرأة غريبة أو أجنبية

لكن بعد الدخول إلى جسد الإنسان ماذا يستطيع أن يفعله الجن للإنسان؟

في الحديث السابق علمنا أنه يدخل الجسد ويقتصر على الوسوسة فقط لكن هل يتعدى فعله إلى غير ذلك؟ بمعنى هل يستطيع أيضًا أن يصرع الجن الإنسان وما طبيعة هذا الصرع أهو كامل أم جزئي وهل يستطيع أن يصيب الإنسان بالمرض أو هل يستطيع أن يقتل الإنسان وإلى آخر ذلك من الأسئلة

وقد روي عن الإمام أحمد حيث قال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل قلت لأبي: إن أقواما يقولون: إن الجني لا يدخل في بدن المصروع فقال: يا بني يكذبون هذا يتكلم على لسانه. انتهى قلت فهذا لا يثبت عن الإمام أحمد لأنه ليس له سند إليه ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (ج24/ص277) بلا إسناد وكما قال عبد الله بن المبارك الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء

وتوجد قصة أخرى لا تصح رواها علي بن المكري المعبراني حيث قال كنت في مسجد أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل فأنفذ إليه المتوكل بصاحب له يعلمه أن له جارية بها صرع وسأله أن يدعو الله لها بالعافية فأخرج له أحمد نعل خشب بشراك خوص للوضوء فدفعه إلى صاحب له وقال له تمضي إلى دار أمير المؤمنين وتجلس عند رأس الجارية وتقول له يقول لك أحمد أيما أحب إليك تخرج من هذه الجارية أو أصفع الآخر بهذه النعل فمضى إليه وقال له مثل ما قال: أحمد فقال: المارد على لسان الجارية السمع والطاعة لو أمرنا أحمد أن لا نقيم في العراق ما أقمنا به إنه أطاع الله ومن أطاع الله أطاعه كل شيء وخرج من الجارية وهدأت وزوجت ورزقت أولادا فلما مات أحمد عاودها المارد فأنفذ المتوكل إلى صاحبه أبي بكر المروذي وعرفه الحال فأخذ المروذي النعل ومضى إلى الجارية فكلمه العفريت على لسانها لا أخرج من هذه الجارية ولا أطيعك ولا أقبل منك أحمد بن حنبل أطاع الله فأمرنا بطاعته. انتهى قلت وهذه القصة ضعيفة جدًا إسنادها كلهم مجاهيل (انظر تخريجها هنا)

وتوجد قصة أخرى أَنَّ امْرَأَةً سوداء جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إني أصرع وأتكشف أخرجها البخاري ومسلم ولكن جاءت زيادة أخرجها البزار وفيها (إني أخاف الخبيث أن يجردني فدعا لها) وهذه الزيادة تشير إلى أن الجن يجعلها تتكشف ولكن هذه الزيادة لا تصح (انظر تخريجها وتفاصيلها هنا)

وهناك حديث وفيه أتت امرأة بابن لها قد أصابه لمم أي مس من الشيطان إلى النبي فوضع النبي صلى الله عليه يده على صدره وقال اخرج عدو الله، أنا رسول الله قال: فبرأ الصبي. قلت وهو حديث ضعيف مضطرب وقد تعقبت طرق الحديث كلها (انظر تخريجه هنا)

وتوجد آية المس {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} وقد فسرها علماء التفسير كالطبري وغيره بالجنون أو الخبل وصح عن قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ذلك وأما ما ورد عن ابن عباس في تفسيرها: آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا يخنق. فهذا إسناده غير محفوظ عن ابن عباس وهو خطأ إنما هو موقوف على سعيد بن جبير (انظر تخريج هذه الآثار هنا)

إذا هل يتحكم بجسد الإنسان بالكامل ويتكلم على لسانه؟ 

أقول كلا، ولا وجود لدليل عليه من القرآن والسنة الصحيحة وأما قول الرقاة في إنه يتكلم على لسانه وغيره أي التجربة العملية فأقول الشرع لا يثبت بالتجربة العملية إنما بالقرآن والسنة الصحيحة وأما الصرع فاحتماله قائم 

وقد استشهد بعض العلماء ردًا على هذا بقول الشيطان كما في كتاب الله عز وجل {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم} فقالوا بما معناه أنه لا يستطيع السيطرة على الإنسان بالكامل ولا التكلم على لسانه واستشهدوا بآية {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} فهذا مس ولكن الجن لم يتحكموا بجسد النبي أيوب صلى الله عليه وسلم بالكامل ولا تكلموا على لسانه

وفي صحيح البخاري (ج7/ص137) قال التابعي سفيان بن عيينة عن سحر التخييل الذي حدث للنبي صلى الله عليه وهذا أشد ما يكون من السحر.

وفي هذا أحاديث كثيرة وأقوال أخرى يحتاج إلى كتاب حتى أذكر كل شيء

وأخيرًا أود أن أقول شيئًا فليكن إيمانك قويًا بالله فإنه لا يحدث شيء إلا بإذنه

هذا والله تعالى أعلى وأعلم

إرسال تعليق