قال ابن حجر في فتح الباري (ج10/ص115) وعند البزار من وجه آخر عن ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت إني أخاف الخبيث أن يجردني فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها.
قلت قبل أن أبين ضعفها دعوني أذكر لكم أصل الحديث لتفهموا القصة
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من طريق عطاء بن أبي رباح، قَالَ: قَال لِي ابن عباس: أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هَذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا.
فالبعض ليؤكد أن هذا الصرع بالمرأة هو من قبل الجن استشهد بكلام الإمام الحافظ ابن حجر في فتح الباري (ج10/ص115) حيث قال وعند البزار من وجه آخر عن بن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت إني أخاف الخبيث أن يجردني فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها. انتهى
قلت هذه الزيادة ضعيفة لا تصح
أخرجها البزار كما قال ابن حجر في مسنده (ج11/ص280) حدثنا محمد بن مرزوق، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا صدقة، يعني ابن موسى، قال: حدثنا فرقد، يعني السبخي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، رضي الله عنهما.
وهذا إسناد ضعيف ليس بشيء
- صدقة بن موسى هو أبو المغيرة البصري الدقيقي ضعيف بالإجماع وقال الدارقطني متروك (سؤالات البرقاني للدارقطني ص37)
- فرقد السبخي قال الإمام البخاري فرقد أَبُو يعقوب السبخي عَنْ سَعِيد بْنِ جُبَيْرٍ فِي حديثه مناكير وقال ابن سعد وكان ضعيفًا منكر الحديث وقال أحمد بن حنبل ليس هو بقوي في الحديث ومرة سئل عن فرقد السبخي فحرك يده كأنه لم يرضه ومرة فرقد يروى عن مرة منكرات وقال أيوب السختياني لم يكن بصاحب حديث ومرة ليس بشيء وقال يحيى بن سعيد القطان ما يعجبني الحديث عن فرقد السبخي وقال أبو حاتم الرازي ليس بقوي في الحديث وقال يحيى بن معين ثقة ومرة ليس بذاك
(المصادر: التاريخ الكبير للبخاري بحواشي محمود ج7/ص131 والطبقات الكبرى لابن سعد ط العلمية ج7/ص180 والعلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية ابنه ج1/ص384 وج2/ص497 والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج7/ص82 والضعفاء الكبير للعقيلي ج3/ص458) قلت هو رجل صالح في نفسه لكنه ضعيف لم يكن الحديث من صنعته
وله شاهد ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب (ج4/ص1983) وأبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة (ج6/ص3503) وعبد الرزاق كما عند ابن حجر في الإصابة (ج8/ص395) من طريق الحسن بن مسلم وحنظلة بن أبي سفيان عن طاوس يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالمجانين، فيضرب صدر أحدهم ويبرأ، فأتي بمجنونة يقال لها أم زفر، فضرب صدرها، فلم تبرأ ولم يخرج شيطانها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو يعيبها في الدنيا، ولها في الآخرة خير.
إسناده ضعيف ومتنه منكر
1- مرسل والمرسل ضعيف
2- حاشا للرسول صلى الله عليه وسلم أن يضرب صدور النساء
3- مخالف لما في الصحيح أن الرسول لم يضرب صدرها بل قال لها إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك فقالت: أصبر
أما دخول الجن جسد الإنسان فهو ثابت بأحاديث صحيحة منها ما أخرجه البخاري في صحيحه (برقم 2038) ومسلم في صحيحه (برقم 2175) عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال للرجلان: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُلْقِيَ فِي أَنْفُسِكُمَا شَيْئًا.
يعني يدخل جسدكما ويوسوس لكما فتظنا السوء بي
هذا والله تعالى أعلم