حكم من قال أنت طالق ينوي بها ثلاثاً أو قصد بها ثلاثاً؟

قلتُ: قال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل: إذا طلق وقال أنتِ طالق -يعني مرة واحدة بلسانه- لكن نوى بها في نفسه ثلاثاً فهي واحدة، وأما مالك بن أنس والشافعي فقالا: هي ثلاث.

قلتُ: وبقول أبي حنيفة وأحمد بن حنبل نأخذ كما سيأتي لماذا

1) أبو حنيفة النعمان بن ثابت

أخرجه أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن يحيى بن الحارث السعدي المعروف بابن أبي العوام في فضائل أبي حنيفة وأخباره ومناقبه ط المكتبة الإمدادية (ص156) حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: ثنا روح بن الفرج قال: ثنا يحيى بن سليمان قال: ثنا عبد الله بن إدريس قال: سألت مالك بن أنس وابن أبي الزناد عن رجل قال لامرأته: أنت طالق ينوي ثلاثاً؟ قالا: هي ثلاث تطليقات، قال ابن إدريس: وقال أبو حنيفة: هي واحدة، قال يحيى: وبقول أبي حنيفة نأخذ، ألا ترى أن الله تعالى قال {الطلاق مرتان} [البقرة: 229]، فلا يكون الطلاق إلا باللسان لا يكون بالنية.

- محمد بن الحسن بن علي البخاري هو أبو عبد الله (انظر ترجمته في هذه المقالة)
- روح بن الفرج هو أبو الزِّنْبَاع القطان المصري ثقة
- يحيى بن سليمان هو أبو سعيد الجعفي الكوفي سكن مصر صدوق يخطئ
- عبد الله بن إدريس هو الكوفي ثقة

قلتُ: وهذا صحيح عن مالك، وقول يحيى بن سليمان الجعفي ألا ترى أن الله قال الطلاق مرتان هو قول جيد وسيأتي باقي أدلتنا


2) مالك بن أنس

في المدونة لمالك بن أنس ط العلمية (ج2/ص292) قلت -هو سحنون عبد السلام بن سعيد التنوخي-: أرأيت لو أن رجلاً قال لامرأته أنت طالق ‌ينوي ‌ثلاثاً أتكون واحدة أو ثلاثاً في قول مالك؟ قال-هو عبد الرحمن بن القاسم العتقي-: نعم، ثلاث، قال: كذلك قال لي مالك هي ثلاث إذا نوى بقوله أنت طالق ثلاثاً.

وقال أحمد بن حنبل: قال مالك: إذا نوى ثلاثاً، فهي ثلاث (مسائل حرب الكرماني ت فايز حابس ج1/ص429)


3) أحمد بن حنبل

قال أبو داود السجستاني سمعت أحمد بن حنبل: سئل عن الرجل يقول لامرأته: أنت طالق، ينوي ثلاثاً؟ قال: هي واحدة، ثم قال أحمد: زعموا أن إسحاق، يعني: ابن راهويه يذهب إلى أنها ثلاث، يأخذه من الحديث: الأعمال بالنية، وليس هذا من ذاك، أرأيت إن نوى أن يطلق امرأته، ثم لم يلفظ أيكون طلاقاً؟! (مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني ت طارق ص235)

قلت معنى قول الإمام أحمد "أرأيت إن نوى أن يطلق امرأته، ثم لم يلفظ أيكون طلاقاً؟!" أي أن الطلاق لا يقع حتى وأن كان في نيتك أي في نفسك طلقتها مادام أنك لم تلفظه بلسانك قلت وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم. وبه نأخذ وسيأتي أيضاً قول الشعبي فيما يدل على ما ذهبنا إليه

وقال صالح بن أحمد بن حنبل لأبيه أحمد بن حنبل طلق واحدة وهو ينوي ثلاثاً؟ قال: هي واحدة، قال إنما النية فيما خفي وليس فيما ظهر (مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح ط الدار العلمية ج1/ص461)

قلت قوله "النية فيما خفي وليس فيما ظهر" أخذه أحمد بن حنبل من الشعبي رحمه الله (انظر شرحه وتخريجه في هذه المقالة)

وقال حرب بن إسماعيل الكرماني سمعت أحمد بن حنبل: قيل -يعني لأحمد-: فإن طلق واحدة ينوي ثلاثاً؟ قال: هي واحد إنما النية فيما خفي، وليس فيما ظهر منه (مسائل حرب الكرماني ت فايز حابس ج1/ص429)

قوله "قيل" الظاهر هو ابنه صالح كما سبق

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل قيل -يعني لأحمد- فإن طلق واحدة وهو ينوي ثلاثاً قال هي واحدة وانما النية فيما خفي وليس فيما ظهر (مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله ط المكتب الإسلامي ص373)


4) الشافعي

قال الشافعي: إن قال أنت طالق ينوي بها ثلاثاً فهي ثلاث (الأم للشافعي ط الفكر ج5/ص149)

هذا والله أعلم

إرسال تعليق