مدى صحة قال مالك بن أنس من إذالة العلم أن تجيب كل من سألك؟

قال الإمام مالك بن أنس: من إِزَالَة العلم أن تجيب كل من يسئلك.

قلت قوله (إِزَالَة) تصحيف وصوابه "إذَالّةِ" بالذال المعجمة ومعناه أي "من إهانة العلم أو من ضياعه" ولعل البعض يسيء فهم كلام مالك فأقول سيأتي ما يقصده مالك من هذا

حكم الأثر: صحيح

أخرجه أبو عوانة الإسفرائيني في زوائده على العلل ومعرفة الرجال لأحمد بن حنبل ت وصي الله عباس (ص263) أخبرني العباس بن الوليد، قال: حدثنا أبو مسهر، قال: سمعت مالك بن أنس، يقول: من إزالة العلم أن تجيب كل من يسئلك.

وهذا إسناد صحيح

- العباس بن الوليد هو أبو الفضل العباس بن الوليد بن مزيد العذري البيروتي
- أبو مسهر هو عبد الأعلى بن مسهر الدمشقي الغساني

وذكر ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (ج1/ص710) عن ابن وهب قال: وقال لي مالك إن من إزالة العلم أن يكلم العالم كل من يسأله ويجيبه.

ووصله الخطيب في الفقيه والمتفقه (ج2/ص418) أنا عبد الملك بن محمد بن محمد بن سليمان العطار، أنا أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري، نا عبد الله بن سليمان، قال: قرئ على الحارث بن مسكين، عن عبد الرحمن بن القاسم، أو ابن وهب، عن مالك بن أنس، قال: إن من إذالة العالم أن يجيب كل من كلمه، أو يجيب كل من سأله.

وهذا إسناد صحيح

- عبد الملك بن محمد بن محمد بن سليمان العطار يكنى أبا محمد قال الخطيب كتبت عنه وكان صدوقاً (تاريخ بغداد ت بشار ج12/ص191)
- أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري هو محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح الفقيه المالكي قال محمد بن أبي الفوارس كان ثقة أميناً مستوراً وانتهت إليه الرياسة في مذهب مالك (تاريخ بغداد ت بشار ج3/ص492)
- عبد الله بن سليمان هو أبو بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ثقة
- الحارث بن مسكين هو أبو عمرو المصري ثقة
- ابن القاسم مشهور هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم العتقي ثقة
- ابن وهب هو عبد الله بن وهب ثقة مشهور


وأما مقصد مالك بن أنس فنضرب مثالاً عما ورد عنه في بعض هذا الشأن

عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الناصح في حديث عبيد الله بن عمر ط جوامع الكلم (ص990) أخبرنا أبو بكر، ثنا يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهب، سمع مالك بن أنس يقول: ذل للعالم وإهانه له أن يخبر العلم كل من سأله، أو يجيب، وذل للعلم أن يخبر من لا يقبله.

- أبو بكر هو أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفراييني


وأخرج الخطيب في الفقيه والمتفقه (ج2/ص418) قرأت في كتاب محمد بن عبد الملك التاريخي، نا محمد بن نصر، نا إبراهيم بن المنذر، حدثني محمد بن صدقة، قال: جاء رجل إلى مالك، فسأله عن مسألة، فلم يجبه، فقال له: يا أبا عبد الله، ألا تجيبني عما أسألك عنه؟ فقال له مالك: لو سألت عما تنتفع به، أو قال: تحتاج إليه في دينك أجبتك.

وهذا إسناد رجاله صدوقون

- محمد بن عبد الملك التاريخي هو أبو بكر السراج قال الخطيب وكان فاضلاً أديباً حسن الأخبار مليح الروايات (تاريخ بغداد ت بشار ج3/ص603)
- محمد بن نصر منسوباً إلى جده وهو أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الفقيه الشافعي الترمذي قال الدارقطني ثقة ‌مأمون ‌ناسك (انظر سؤالات الحاكم للدارقطني ص149) وقال الخطيب كان ثقة من أهل العلم والفضل والزهد في الدنيا (تاريخ بغداد ت بشار ج2/ص233)
- إبراهيم بن المنذر هو أبو إسحاق الحزامي صدوق لا بأس به
- محمد بن صدقة هو أبو عبد الله الفدكي صدوق لكنه مدلس قال ابن حبان يعتبر حديثه إذا بين السماع في روايته فإنه كان يسمع من قوم ضعفاء عن مالك ثم يدلس عنهم (الثقات لابن حبان ج9/ص67) وقال الدارقطني وليس بالمشهور ولكن ليس به بأس (انظر علل الدارقطني ج2/ص143)

وقد صح عن عبد الملك بن عمير أنه قال من إضاعة العلم أن يحدث به غير أهله (انظر تخريجه في هذه المقالة)

هذا والله أعلم

الموضوع التالي الموضوع السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق