مدى صحة قال أحمد بن حنبل في أحاديث النزول لا كيف ولا معنى

مدى صحة أثر قال الإمام أحمد بن حنبل في أحاديث النزول نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى

قال أحمد بن حنبل لا كيف ولا معنى.

راويه علي بن عيسى لم يوثقه أحد كما سيأتي روى بنفس الإسناد عن أحمد يضحك ولا نعلم كيف يضحك فأثبت المعنى والكيف وجهله كما سيأتي وشرحه والجمع بينهما

نقل إسناده ابن قدامة في ذم التأويل (جذم التأويل/ص21-22) وابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية (ج3/ص708) كلاهما عن أبي بكر الخلال أخبرني علي بن عيسى أن حنبلاً حدثهم قال سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى إن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السمآء الدنيا وأن الله يرى وإن الله يضع قدمه وما أشبهه فقال أبو عبد الله نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى ولا نرد منها شيئاً ونعلم أن ما جاء به الرسول حق إذا كانت بأسانيد صحاح ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ولا يوصف الله تعالى بأكثر مما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله بلا حد ولا غاية {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى ١١] ولا يبلغ الواصفون صفته وصفاته منه ولا نتعدى القرآن والحديث فنقول كما قال ونصفه كما وصف نفسه ولا نتعدى ذلك نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعث.

قلتُ: في إسناده علي بن عيسى وهو أبو الحسن علي بن عيسى بن الوليد العكبري (انظر اسمه مصرحاً كمثال في السنة لأبي بكر الخلال ط الراية ج7/ص101) جهدت الجهد ولم أقف على من وثقه أو ترجم له والله أعلم

وروى الخلال بهذا الإسناد أي علي بن عيسى عن حنبل عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل قال يضحك الله ولا نعلم كيف ذلك إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيت القرآن. قلتُ: فهنا أثبت المعنى ونفى العلم بالكيف (انظر قوله في هذه المقالة)

فإن قلت هل يجمع بينهما؟

قلتُ الجمع له وجه فنقول لا كيف: أي لا تسأل عن الكيف لأنه مجهول لا نعلمه كما في قوله الآخر "يضحك ولا نعلم كيف ذلك"، ولا معنى: أي لا تزيغ لها المعاني التي تنفي ظاهره ويبقى ظاهره يعني مثلاً الجهمية قالت اليد في خلق آدم هو القوة فتحرفوها بالتأويل فزاغوا لها المعاني والسلف أبقوها كما هي يد يعني يد (انظر قول الجهمية في سنن الترمذي ط الرسالة ج2/ص202)

وقال اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ت الغامدي (ج3/ص502) قال حنبل بن إسحاق قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله ينزل إلى السماء الدنيا، فقال أبو عبد الله: نؤمن بها ونصدق بها ولا نرد شيئاً منها إذا كانت أسانيد صحاح، ولا نرد على رسول الله قوله ونعلم أن ما جاء به الرسول حق، حتى قلت لأبي عبد الله: ينزل الله إلى سماء الدنيا قال: قلت: نزوله بعلمه بماذا؟ فقال لي: اسكت عن هذا مالك ولهذا، أمض الحديث على ما روي بلا كيف ولا حد، إنما جاءت به الأثار وبما جاء به الكتاب قال الله عز وجل: {فلا تضربوا لله الأمثال} [النحل: 74] ينزل كيف يشاء بعلمه وقدرته وعظمته، أحاط بكل شيء علماً، لا يبلغ قدره واصف ولا ينأى عنه هرب هارب.

هكذا معلقاً وهو منقطع بين اللالكائي وحنبل وليس فيه "ولا كيف ولا معنى" ولكنه أيضاً من طريق عيسى بن علي بن بن الوليد وعلمت هذا لأن ابن بطة أخرج جزءاً منه في الإبانة الكبرى (ج7/ص242) أخبرني أبو صالح، قال: حدثني أبو الحسن علي بن عيسى بن الوليد قال: ثنا أبو علي حنبل بن إسحاق قال: قلت لأبي عبد الله: ينزل الله تعالى إلى سماء الدنيا؟ قال: نعم قلت: نزوله بعلمه أم بماذا؟ قال: فقال لي: اسكت عن هذا وغضب غضبا شديداً، وقال: ما لك ولهذا؟ أمض الحديث كما روي بلا كيف.

وقد تقدم أن علي بن عيسى بن الوليد هذا مجهول لم يوثقه أحد وقد خولف في هذا

أخرجه الخلال في السنة ط الراية ت عطية الزهراني (ج6/ص24-25) ومن طريقه ابن بطة في الإبانة الكبرى ط الراية (ج6/ص32-33) أخبرني عبيد اللَّه بن حنبل قال: حدثني أبي حنبل [زاد ابن بطة: ابن إسحاق] قال: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: قال اللَّه في كتابه: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] فجبريل سمعه من اللَّه، وسمعه النبي من جبريل عليهما السلام، وسمعه أصحاب النبي من النبي عليه السلام، والقرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ولا نشك ولا نرتاب فيه، وأسماء اللَّه في القرآن وصفاته في القرآن من علم اللَّه وصفاته منه، فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر، والقرآن كلام اللَّه غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، فقد كنا نهاب الكلام في هذا حتى أحدث هؤلاء ما أحدثوا، وقالوا ما قالوا، دعوا الناس إلى ما دعوهم إليه، فبان لنا أمرهم وهو الكفر باللَّه العظيم ثم قال أبو عبد اللَّه: لم يزل اللَّه عالمًا متكلمًا، نعبد اللَّه بصفاته غير محدودة، ‌ولا ‌معلومة إلا بما وصف بها نفسه، سميع عليم، غفور رحيم، عالم الغيب والشهادة، علام الغيوب، فهذِه صفات اللَّه تبارك وتعالى وصف بها نفسه، ولا تدفع ولا ترد، وهو على العرش بلا حد كما قال، استوى على العرش كيف شاء، والمشيئة إليه والاستطاعة له. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] لا يبلغ وصفه الواصفون، وهو كما وصف به نفسه، نؤمن بالقرآن محكمه ومتشابهه، كل من عند ربنا، قال اللَّه عز وجل: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا} [الأنعام: 68] فنترك الجدال والمراء في القرآن، ولا نجادل ولا نماري فيه، ونؤمن به كله، ونرده إلى عالمه إلى اللَّه تبارك وتعالى؟ فهو أعلم به، منه بدأ، وإليه يعود.

وعبيد بن حنبل وقيل عبد الله لم أجد من وثقه أيضاً

وقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائل أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ط الجامعة الإسلامية (ج9/ص4675) وط دار الهجرة (ج2/ص535) قلت لأحمد رضي الله عنه: "ينزل ربنا ليلة حين يبقى ثلث الليل الأخير إلى سماء الدنيا" أليس تقول بهذه الأحاديث و"يرى أهل الجنة ربهم عز وجل" "ولا تقبحوا الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته" يعني صورة رب العالمين، و"اشتكت النار إلى ربها عز وجل حتى يضع الله فيها قدمه" و"إن موسى عليه السلام لطم ملك الموت عليه السلام"؟ قال الإمام أحمد: كل هذا صحيح، قال إسحاق -يعني ابن راهويه-: كل هذا صحيح، ولا يدعه [وفي نسخة: ولا ينكره] إلا مبتدع أو ضعيف الرأي. وهذا صحيح

اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (ج3/ص562) أخبرنا عبيد الله بن محمد، قال: أخبرنا عثمان بن أحمد، قال: ثنا حنبل، قال: قلت لأبي عبد الله يعني أحمد، في الرؤية قال: أحاديث صحاح نؤمن بها ونقر وكل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد جيدة نؤمن به ونقر. وهذا إسناد صحيح

- عبيد الله بن محمد بن أحمد هو أبو أحمد بن أبي مسلم الفرضي المقرئ قال الخطيب وكان ثقة صادقاً ديناً ورعاً (تاريخ بغداد للخطيب ت بشار ج12/ص113)
- عثمان بن أحمد هو أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن يزيد الدقاق المعروف بابن السماك ثقة ثبت

هذا والله أعلم

إرسال تعليق