هل صحيح أن حق تسمية المولود هو للأب لا للأم؟

كما تعلمون كثيرٌ من شيوخ اليوم يقولون أن تسمية الابن حق للأب لا للأم يأخذون بكلام ابن القيم مقلدين له في ذلك

حيث قال ابن القيم رحمه الله: هذا مما لا نزاع فيه بين الناس وأن الأبوين إذا تنازعا في تسمية الولد فهي للأب والأحاديث المتقدمة كلها تدل على هذا وهذا كما أنه يدعى لأبيه لا لأمه فيقال فلان ابن فلان قال تعالى {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} والولد يتبع أمه في الحرية والرق ويتبع أباه في النسب والتسمية تعريف النسب والمنسوب ويتبع في الدين خير أبويه دينا فالتعريف كالتعليم والعقيقة وذلك إلى الأب لا إلى الأم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ولد لي الليلة مولود فسميته باسم أبي إبراهيم وتسمية الرجل ابنه كتسمية غلامه.

انتهى

قلتُ: وعندي أن كلام ابن القيم رحمه الله خطأ لأنه لا يوجد نص صريح في المسألة إنما قياسات 

فأما قول ابن القيم رحمه الله "لا نزاع فيه بين الناس" لا أدري من هم الناس؟ هل هم علماء عصره أم يتعدى ذلك إلى الصحابة والتابعين قلت أما النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون فلا أعلم عنهم شيئاً صريحاً في هذه المسألة يدل على أن التسمية حق للأب أو للأم أو لكليهما

وأما استشهاد ابن القيم بآية {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}

فأقول فهذه الآية ليس لها علاقة البتة في تسمية الابن أو الابنة ولكن ابن القيم يقصد أنه طالما أن النسب يكون للأب أي مثلاً أنا عزالدين بن محمد وليس ابن فاطمة مع أنني فعلياً ابن فاطمة فالتسمية أيضاً كذلك وعندي أن هذا ليس بلازم لأنه لا دليل عليه واضرب لكم مثلاً أب وأم تطلقا والابن ما زال طفلاً وقد فطمته أمه وانتهت فترة الفطام فالحضانة لمن؟ للأم هكذا قضى أبو بكر صديق الأمة فقد صح أن عمر بن الخطاب طلق امرأته أم ابنه عاصم فنازعها الصبي فاختصموا إلى أبي بكر فقضى أن ريحها وفراشها خير له حتى يشب فإذا شب اختار لنفسه (انظر تخريجه بالتفصيل في هذه المقالة) فلماذا لا يلحق الطفل بأبيه بناء على النسب؟ وأيضاً بالإضافة إلى النسب فعقلاً ومنطقاً الأب هو الذي يعمل وبالتالي ينفق على ابنه أما الأم ففي كثير من الأحيان ليست كذلك فليس كل النساء يعملن

وأما قول ابن القيم رحمه الله "قال النبي صلى الله عليه وسلم ولد لي الليلة مولود فسميته باسم أبي إبراهيم"

فأقول لا أدري أين في هذا الحديث أن التسمية حق للأب وأما الأم فلا، وقد قالت امرأت عمران عندما وضعت حملها كما في القرآن {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ} فهل يفهم من هذا أن التسمية حق للأم لا للأب؟ واضرب لكم مثلاً لا شك أن تغطية الوجه مختلف عليه بين الوجوب والاستحباب فلو رأيت أثراً فيه أن صحابية كانت منتقبة فهل ستقول أن تغطية الوجه واجبة؟ كلا لا تلازم فقد تغطي المرأة وجهها لا لأنه واجب عندها إنما لأن ذلك أفضل مقتدية في ذلك بأمهات المؤمنين رضوان الله عليهن وقد قال البعض أن عمران توفى قبل أن تضع امرأته حملها ولذلك انتقلت التسمية للأم قلت سواء أكان حياً أم ميتاً فلا علاقة لكلامها هذا بأن الأم أو الأب أحق من الآخر في التسمية كما تقدم آنفاً وكذلك في تسمية النبي صلى الله عليه وسلم لابنه

وقد يستدل البعض بأحاديث طاعة الزوج

فأقول مستعيناً بالله أن هذا الاستدلال لا يصح فهل الطاعة مطلقة؟ ستقولون لا إنما الطاعة في المعروف فنقول لكم أوليس أمر المرأة في مشاركة التسمية مع الرجل من المعروف؟ فإن قلتم نعم فانتهى الموضوع فماذا لو أمر الزوج زوجته بخدمة أمه فهل هذه الطاعة واجبة؟ الجواب كلا، وقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك» قال: ثم من؟ قال: «ثم أبوك». أخرجه البخاري في صحيحه فعلى هذا هل نقول أن التسمية حق للأم لأن صحبتها هي الأولى بل هي التي تربي وتتعب وتسهر عليه الليالي، بل لو تطلقا فالحضانة للأم فما تقولون؟ قلت ولا شك أن الأمر ليس كذلك ولا يعطيها هذا الشيء الحق في تسمية المولود لأن الأب أيضاً يتعب ويعمل لينفق على أهله يعني زوجته وأولاده

قلت والصحيح عندي في هذه المسألة أن التسمية حق للأب والأم معاً والأمر يتم بالتشاور بينهما، هذا الذي أراه!

والله تعالى أعلم

الموضوع التالي الموضوع السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق