مدى صحة قصة أن شريحاً القاضي قضى على عمر للرجل صاحب الفرس؟

ساوم عمر بن الخطاب بفرس فركبه ليشوره فعطب فقال للرجل: خذ فرسك فقال الرجل: لا قال: اجعل بيني وبينك حكماً قال الرجل: شريح فتحاكما إليه فقال شريح: يا أمير المؤمنين حز ما [خذ بما] ابتعت أو رد كما أخذت فقال عمر: وهل القضاء إلا هكذا؟ سر إلى الكوفة فبعثه قاضياً عليها قال وإنه لأول يوم عرفة فيه

حكم القصة: ضعيفة لإرسالها ولربما سمعها الشعبي من شريح فقد كان يجالسه فإن كان كذلك فهي صحيحة والله أعلم

أخرجها ابن سعد في الطبقات الكبرى ط العلمية (ج6/ص183) وابن أبي شيبة في المصنف ت كمال (ج7/ص271) وأبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء (ج4/ص137) وابن أبي حاتم الرازي في الجرح والتعديل (ج4/ص332) كلهم من طريق جرير بن عبد الحميد عن أبي إسحاق يعني الشيباني عن الشعبي قال: ساوم عمر بن الخطاب بفرس فركبه ليشوره فعطب فقال للرجل: خذ فرسك فقال الرجل: لا قال: اجعل بيني وبينك حكماً قال الرجل: شريح [زاد أبو نعيم: العراقي] فتحاكما إليه فقال شريح: يا أمير المؤمنين حز ما ابتعت أو رد كما أخذت فقال عمر: وهل القضاء إلا هكذا؟ سر إلى الكوفة فبعثه قاضياً عليها قال وإنه لأول يوم عرفة فيه.

وقد توبع أبو إسحاق الشيباني

1- تابعه زكريا بن أبي زائدة أخرجه عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل (ج8/ص49) من طريق سفيان بن عيينة وابن أبي شيبة في المصنف ت كمال (ج4/ص507) من طريق وكيع ومحمد بن الحسن الشيباني في الأصل ط قطر (ج11/ص190) من طريق أبي يوسف القاضي ووكيع الضبي في أخبار القضاة (ج2/ص189) من طريق هشيم كلهم  زكريا [زاد محمد بن الحسن الشيباني: ابن أبي زائدة]، عن الشعبي قال: ‌ساوم ‌عمر رجلاً بفرس، فحمل عليه عمر فارساً من قبله لينظر إليه، فعطب الفرس، فقال عمر: هو مالك، وقال الآخر: بل هو مالك، قال: فاجعل بيني وبينك من شئت، قال: اجعل بيني وبينك شريحاُ العراقي، فأتياه، فقال عمر: إن هذا قد رضي بك، فقص عليه القصة، فقال شريح لعمر: خذ بما اشتريت، أو رذ كما أخذت، فقال عمر: وهل القضاء إلا ذلك؟ فبعثه عمر قاضياً، وكان أول من بعثه [وعند ابن أبي شيبة: قال زكريا: قال عامر: وبعثه على قضاء الكوفة، وبعث كعب بن سور على قضاء البصرة].

وأخرج الشطر الأخير منه البيهقي في السنن الكبرى (ج10/ص149) وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج23/ص18) كلاهما من طريق يعقوب بن سفيان الفسوي ثنا أبو نعيم - هو الفضل بن دكين -، ثنا زكريا [وعند ابن عساكر: "زكريا بن عاصم" وهو خطأ]، عن عامر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: بعث ابن سور على قضاء البصرة وبعث شريحاً على قضاء الكوفة. ابن سور هو كعب بن سور الأزدي وقال ابن سعد في الطبقات الكبرى ط العلمية (ج7/ص64) أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق والفضل بن دكين - هو أبو نعيم - عن زكرياء بن أبي زائدة عن الشعبي أن عمر بن الخطاب بعث كعب بن سور على قضاء البصرة. وقال أبو نعيم الأصبهاني  في معرفة الصحابة (ج5/ص2385) حدثنا الغطريفي، ثنا أبو نعيم بن عدي، ثنا إبراهيم بن مالك، ثنا يحيى بن أبي الحواجب، ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، أن عمر بن الخطاب، بعث كعب بن سور على قضاء البصرة. وقال ابن أبي شيبة في المصنف ت كمال (ج7/ص252) حدثنا علي بن مسهر، عن زكريا، عن الشعبي، قال: استقضى شريحاً عمر على الكوفة في قضية واستقضى كعب بن سور على البصرة في قضية.

2- وتابعه منصور بن عبد الرحمن الغداني الأشل أخرجه أبو هلال العسكري في الأوائل (ص360) أخبرنا أبو أحمد عن الجوهري عن أبي يزيد عن الحسن ابن عثمان عن إسماعيل بن إبراهيم - هو ابن عُليّة - عن منصور بن عبد الرحمن عن الشعبي: أن عمر اشترى من رجل فرساً أن رضيه فحمل عليه رجلاً فعيب الفرس، فجاء به صاحبه، فقال: لا أقبله، دفعته اليك صحيحاً وتدفعه الى كسير، فقال عمر: اجعل بيني وبينك شريحاً، قال: لا أعرفه، ثم أتاه فقص عليه القصة، فقال: إن كنت حملت عليه بأمره فاردده عليه، والا فقد ضمنته حتى تدفعه اليه كما دفعه اليك، فقال عمر: ما الحق إلا هذا، اذهب فأنت قاض على الكوفة.
- أبو أحمد هو الحسن بن عبد الله العسكري
- الجوهري هو أحمد بن محمد بن عبد العزيز
- أبي يزيد قلت "يزيد" تصحيف وصوابه "زيد" بدون الياء وهو عمر بن شبة بن عبيدة النميري
- الحسن ابن عثمان هو أبو حسان الزيادي

3- وتابعه أبو الحكم سيار بن وردان العنزي أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه (ج1/ص491 وج1/ص431) من طريق علي بن الجعد وسعيد بن عامر وأخرجه وكيع الضبي في أخبار القضاة (ج2/ص189) من طريق روح بن عبادة ثلاثتهم عن شعبة، عن سيار، عن الشعبي، قال: أخذ عمر فرساً من رجل على سوم، فحمل عليه فعطب فخاصمه الرجل، فقال عمر: اجعل بيني وبينك رجلاً، فقال الرجل: فإني أرضى بشريح العراقي، فقال شريح: أخذته صحيحاً مسلماً، فأنت له ضامن حتى ترده صحيحاً مسلماً قال: فكأنه أعجبه، فبعثه قاضياً، وقال: ما استبان لك في كتاب الله فلا تسأل عنه، فإن لم يستبن في كتاب الله، فمن السنة، فإن لم تجده في السنة، فاجتهد رأيك.

وقد روي عن الشافعي أنه قال لم يكن شريح قاضياً لعمر أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي (ج1/ص546) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أحمد بن محمد المسافري بالنوقان قال حدثنا محمد بن المنذر قال: سمعت الربيع يقول: قال: سمعت الشافعي يقول فذكره.

إسناده حسن

- أحمد بن محمد المسافري هو أبو تراب أحمد بن محمد بن الحسين بن مهدي بن مسافر المذكر النوقاني الطوسي الواعظ قال السمعاني ذكره الحاكم أبو عبد الله الحافظ في التاريخ وقال هو والد أبى بكر المسافري النوقاني حدث بنيسابور غير مرة بعد أنى نظرت في حديثه بالنوقان (الأنساب ج12/ص235) وصحح الحاكم حديثاً من طريقه في المستدرك وروايته يتابع عليها

- محمد بن المنذر هو أبو عبد الرحمن محمد بن المنذر بن سعيد بن عثمان بن مرداس الهروي المعروف بشكر قال الدارقطني من حفاظ الحديث (المؤتلف والمختلف ج3/ص1315) وقال الخليلي ثقة حافظ روى عنه الكبار من أقرانه لحفظه وأمانته (الإرشاد للخليلي ج3/ص876) وقال ابن عساكر محدث مشهور صاحب رحلة وتصانيف (تاريخ دمشق ج56/ص31)

- الربيع هو الربيع بن سليمان المرادي صاحب الشافعي ثقة

ثم قال البيهقي قد اختلفوا فيه - يعني في شريح أنه كان قاضياً لعمر أم لا - وإلى هذا ذهب جماعة من أهل العلم وذكر الشافعي رحمه الله في كتاب الدعوى عن عمر بن الخطاب أنه أخذ فرساً من صاحبها على طريق السوم فذكر القصة

قلت لا أدري كيف كلام الشافعي هذا فالشعبي وأن روى الخبر مرسلاً فإن الشعبي أدرك وجالس شريحاً القاضي فكيف يروي أن عمر جعله على القضاء ويكون الأمر غير ذلك وقد صح عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى شريح حين ولاه القضاء: إذا أتاك أمر في كتاب الله تعالى فاقض به، ولا يلفتنك الرجال عنه، فإن لم يكن في كتاب الله وكان في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض به، فإن لم يكن في كتاب الله، ولا في سنة رسوله فاقض بما قضى به أئمة الهدى [وفي لفظ: فبما قضى به الصالحون وأئمة العدل]، فإن لم يكن في كتاب الله، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا فيما قضى به أئمة الهدى، فأنت بالخيار، إن شئت تجتهد رأيك، وإن شئت أن تؤامرني - يعني تشاورني -، ولا أرى مؤامرتك - يعني مشاورتك - إياي إلا أسلم لك (انظر تخريجه في هذه المقالة)

وقال وكيع الضبي في أخبار القضاة (ج2/ص190) أهل المدينة ينكرون أن عمر استقضى شريحاً، قالوا: والدليل على ذلك أنا لم نسمع له في أيام عثمان ذكراً، وقالوا كيف: يوله على المهاجرين، ولم يعرفه قط، ومن الحجة عليهم أنهم يروون هم أن عمر استقضى يزيد بن أخت النمر على المهاجرين، واستقضى سلمان بن ربيعة على أهل القادسية، وكعب بن سور على البصرة، وأبا مريم الحنفي، وهؤلاء كلهم مثل شريح.

هذا والله أعلم

الموضوع التالي الموضوع السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق