كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى شريح القاضي: إذا أتاك أمر في كتاب الله تعالى فاقض به، ولا يلفتنك الرجال عنه، فإن لم يكن في كتاب الله وكان في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض به، فإن لم يكن في كتاب الله، ولا في سنة رسوله فاقض بما قضى به أئمة الهدى [وفي لفظ: فبما قضى به الصالحون وأئمة العدل]، فإن لم يكن في كتاب الله، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا فيما قضى به أئمة الهدى، فأنت بالخيار، إن شئت تجتهد رأيك، وإن شئت أن تؤامرني - يعني تشاورني -، ولا أرى مؤامرتك - يعني مشاورتك - إياي إلا أسلم لك [في ولفظ: إلا خيراً لك والسلام].
حكم الأثر: صحيح إن شاء الله
رواه الشعبي واختلف عنه
فرواه أبو الحكم سيار بن وردان العنزي عن الشعبي عن عمر مرسلاً
وخالفه عيسى بن المسيب البجلي ضعيف فرواه عن الشعبي عن شريح عن عمر متصلاً
ورواه أبو إسحاق الشيباني عن الشعبي واختلف عنه أيضاً
فرواه سفيان بن عيينة وعبد الواحد بن زياد كلاهما عن الشيباني عن الشعبي عن عمر مرسلاً
وخالفهما سفيان الثوري ومحمد بن فضيل وأسباط بن محمد القرشي وعلي بن مسهر أربعتهم فرووه عن الشيباني عن الشعبي عن شريح عن عمر متصلاً
قلت وهنا ملحوظة عندما رواه سفيان الثوري عن الشيباني اختلف عنه فرواه قبيصة بن عقبة وأبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي وخلاد بن يحيى ثلاثتهم عن سفيان عن الشيباني عن شريح عن عمر متصلاً وخالفهم محمد بن يوسف الفريابي فرواه عن سفيان عن الشيباني عن عمر مرسلاً والصواب المتصل عن سفيان الثوري
وأرجو أنه لا تعارض فلعله هكذا وهكذا والشعبي جالس شريحاً القاضي وسمع منه
وأما مصادر التخريج لهذه الروايات بالتفصيل
[1] أبو الحكم سيار بن وردان العنزي عن الشعبي
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (ج10/ص189) وابن حزم في الإحكام (ج6/ص28-29) كلاهما من طريق سعيد بن منصور، ثنا هشيم، ثنا سيار، عن الشعبي، قال: لما بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه شريحاً على قضاء الكوفة قال: انظر ما تبين لك في كتاب الله، فلا تسألن عنه أحداً، وما لم يتبين لك في كتاب الله فاتبع فيه السنة، وما لم يتبين لك في السنة فاجتهد فيه رأيك.
[2] عيسى بن المسيب عن الشعبي
أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه (ج1/ص490) وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج23/ص19) كلاهما من طريق موسى بن عيسى بن عبد الله السراج [زاد ابن عساكر: أبو القاسم]، نا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، نا عبد الرحمن بن يونس، نا عمر بن أيوب، أنا عيسى بن المسيب، عن عامر، عن شريح القاضي، قال: قال لي عمر بن الخطاب: أن اقض، بما استبان لك من كتاب الله، فإن لم تعلم كل كتاب الله، فاقض بما استبان لك من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم تعلم كل قضية رسول الله فاقض بما استبان لك من أئمة المهتدين، فإن لم تعلم كل ما قضت به أئمة المهتدين فاجتهد رأيك، واستشر أهل العلم والصلاح.
[3] الشيباني عن الشعبي
1) سفيان بن عيينة عن الشيباني
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (ج10/ص189) وابن حزم في الإحكام (ج6/ص28-29) من طريق سعيد بن منصور والخطيب في الفقيه والمتفقه (ج1/ص492) وابن عساكر حزم في تاريخ دمشق (ج23/ص19-20) من طريق الحميدي وووكيع الضبي في أخبار القضاة (ج2/ص189) من طريق روح بن عبادة ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق الشيباني، عن الشعبي، قال: كتب عمر رضي الله عنه إلى شريح: إذا أتاك أمر في كتاب الله تعالى فاقض به، ولا يلفتنك الرجال عنه، فإن لم يكن في كتاب الله وكان في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض به، فإن لم يكن في كتاب الله، ولا في سنة رسوله فاقض بما قضى به أئمة الهدى [ولفظ الحميدي: فبما قضى به الصالحون وأئمة العدل]، فإن لم يكن في كتاب الله، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا فيما قضى به أئمة الهدى، فأنت بالخيار، إن شئت تجتهد رأيك، وإن شئت أن تؤامرني - يعني تشاورني -، ولا أرى مؤامرتك - يعني مشاورتك - إياي إلا أسلم لك [ولفظ الحميدي: إلا خيراً لك والسلام].
2) عبد الواحد بن زياد عن الشيباني
عبد الواحد بن زياد أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (ج2/ص847) أخبرنا عبد الوارث - هو ابن سفيان - قال: نا قاسم - هو ابن أصبغ -، ثنا أحمد بن زهير قال: نا موسى بن إسماعيل قال: نا عبد الواحد بن زياد، نا الشيباني قال: نا عامر الشعبي قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إلى شريح إذا وجدت شيئاً في كتاب الله فاقض به ولا تلتفت إلى غيره، وإذا أتى شيء، أراه قال: ليس في كتاب الله وليس في سنة رسول الله، ولم يقل فيه أحد قبلك فإن شئت أن تجتهد رأيك فتقدم، وإن شئت أن تتأخر فتأخر وما أرى التأخر إلا خيراً لك.
3) محمد بن فضيل بن غزوان عن الشيباني
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (ج10/ص196) من طريق سعيد بن عثمان التنوخي الحمصي عن معاوية بن حفص كوفي عن ابن فضيل وغيره، عن أبي إسحاق الشيباني، عن الشعبي، عن شريح، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إليه: إذا جاءكم أمر في كتاب الله عز وجل فاقض به، ولا يلفتنك عنه الرجال، فإن أتاك ما ليس في كتاب الله، فانظر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بها، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله، ولم يكن فيه سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر ما اجتمع عليه الناس فخذ به، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله، ولم يكن فيه سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتكلم فيه أحد قبلك , فاختر أي الأمرين شئت، إن شئت أن تجتهد برأيك، ثم تقدم فتقدم، وإن شئت أن تأخر فتأخر، ولا أرى التأخر إلا خيرا لك.
4) أسباط بن محمد القرشي عن الشيباني
أخرجه وكيع الضبي في أخبار القضاة (ج2/ص190) حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، قال: حدثنا أسباط، قال: حدثنا النسائي (1)، عن الشعبي، عن شريح، قال: كتب إلى عمر، إذا أتاك قضاء فاقض بما في كتاب الله، فإن أتاك ما ليس في كتاب الله، فاقض بسنة رسول الله صلى الله عليه، فإن أتاك ما ليس في سنة نبي الله، فاقض بما يجتمع فيه رأي المسلمين، فإن أتاك ما لم يجتمع فيه رأي المسلمين، فاختر إحدى اثنتين إن شئت فاجتهد رأيك، وتقدم، وإن شئت فتأخر، وأن تأخر خير لك.
- (1) قلت "النسائي" تصحيف وصوابه "الشيباني" وهو أبو إسحاق وقد أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (ج10/ص196) من طريق سعيد بن عثمان التنوخي الحمصي عن معاوية بن حفص الكوفي عن أسباط عن أبي إسحاق الشيباني، عن الشعبي، عن شريح، أن عمر بن الخطاب فذكره.
5) علي بن مسهر عن الشيباني
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ت كمال (ج4/ص543) والدارمي في سننه ت الداراني (ج1/ص265) والبيهقي في السنن الكبرى (ج10/ص196) ثلاثتهم من طريق علي بن مسهر، عن الشيباني، عن الشعبي، عن شريح، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كتب إليه: إذا جاءك شيء في كتاب الله فاقض به، ولا يلفتنك عنه الرجال، فإن جاءك أمر ليس في كتاب الله فانظر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بها، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله، وليس فيه سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانظر ما اجتمع الناس عليه فخذ به، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله، ولم يكن فيه سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتكلم فيه أحد قبلك فاختر أي الأمرين شئت: إن شئت أن تجتهد برأيك وتقدم فتقدم، وإن شئت أن تتأخر فتأخر، ولا أرى التأخر إلا خيراً لك.
6) سفيان الثوري عن الشيباني
1- خلاد بن يحيى عن سفيان الثوري
البيهقي في السنن الكبرى (ج10/ص196) بعد أن روى بإسناده من طريق ابن مسهر وابن فضيل وأسباط ثلاثتهم عن الشيباني عن الشعبي عن شريح عن عمر قال ورواه سفيان الثوري عن أبي إسحاق الشيباني بمعناه. قلت ولم أقف عليه مسنداً في مصنفات البيهقي لكن أخرجه من طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج23/ص20) أخبرنا أبو المعالي الفارسي نا أحمد بن الحسين البيهقي أنبأ أبو نصر بن قتادة أنبأ أبو محمد أحمد بن إسحاق البغدادي الهروي أنا معاذ بن نجدة ثنا خلاد بن يحيى ثنا سفيان هو الثوري بن (1) سليمان عن الشعبي عن شريح قال كتب إلي عمر أن اقض بما في كتاب الله - قال ابن عساكر - فذكر الحديث بمعناه إلا أنه لم يذكر أئمة العدل وقال في آخره فأنت بين الأمرين إن شئت أن تقدم وإن شئت أن تأخر وأرى أن تتأخر خير لك والسلام.
- (1) قلت "بن" تصحيف وصوابه "عن" وسليمان هو أبو إسحاق الشيباني
2- أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي عن سفيان الثوري
أخرجه النسائي في السنن الكبرى (ج5/ص406) ومن طريقه ابن حزم في الإحكام (ج7/ص148) أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو عامر [زاد ابن حزم: العقدي]، قال: حدثنا سفيان [زاد ابن حزم: الثوري]، عن الشيباني [زاد ابن حزم: أبي إسحاق]، عن الشعبي، عن شريح، أنه كتب إلى عمر يسأله، فكتب إليه: أن اقض بما في كتاب الله، فإن لم يكن في كتاب الله فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن في كتاب الله، ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاقض بما قضى به الصالحون، فإن لم يكن في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقض به الصالحون، فإن شئت فتقدم، وإن شئت فتأخر، ولا أرى التأخر إلا خيراً لك، والسلام عليكم.
3- قبيصة بن عقبة عن سفيان الثوري
أخرجه وكيع الضبي في أخبار القضاة (ج2/ص189) من طريق أبي عمرو أحمد بن حازم الغفاري وأخرجه الهروي في ذم الكلام وأهله (ج3/ص206-207) من طريق محمد بن يحيى النيسابوري ومحمد بن يحيى الذهلي وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (ج2/ص846) من طريق داود بن علي بن خلف أربعتهم عن قبيصة بن عقبة عن سفيان عن الشيباني، عن الشعبي، عن شريح كان عمر كتب إليه، إذا جاءك أمر فاقض فيه بما في كتاب الله، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله فاقض بما سن رسول الله، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله، ولم يسنه رسول الله فاقض بما أجمع عليه الناس، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يسنه رسول الله ولم يتكلم به أحد فاختر أي الأمرين شئت، فإن شئت فتقدم واجتهد رأيك وإن شئت فأخره ولا أرى التأخير إلا خيراً لك.
4- محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان الثوري
أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه (ج1/ص421) أنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، نا أبو العباس محمد بن أحمد بن حماد الأثرم في سنة ثلاثين وثلاثمائة، نا العباس بن عبد الله الترقفي، نا محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان، عن سليمان وهو الشيباني، عن الشعبي، قال: كتب عمر إلى شريح: أن اقض بما في كتاب الله، فإن أتاك أمر ليس في كتاب الله، فاقض بما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أتاك أمر ليس في كتاب الله ولم يسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانظر ما الذي اجتمع عليه الناس، فإن جاءك أمر لم يتكلم فيه أحد، فأي الأمرين شئت فخذ به، إن شئت فتقدم، وإن شئت فتأخر ولا أرى التأخير إلا خيراً لك.
هذا والله أعلم