الحديث الأول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمعة من الجمع: إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين، فاغتسلوا، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه، وعليكم بالسواك.
مدار هذا الحديث على الزهري واختلف عليه
[1] الزهري عن عبيد بن السباق
اختلف في هذا عن الزهري فروي مرسلاً وموصولاً
أما المرسل فرواه جماعة من الحفاظ الأثبات عن مالك وهم: يحيى بن سعيد القطان أخرجه مسدد في مسنده كما عند ابن حجر في المطالب العالية (ج4/ص673) وابن وهب في الموطأ (ص78) وأيضًا في الجامع ت رفعت (ج1/ص128) ومن طريقه أبو أحمد الحاكم في كتابه عوالي مالك (ص39) ومن طريقه زاهر الشحامي في كتابه السباعيات (ص8) وأبو مصعب الزهري في الموطأ (ج1/ص173) ومحمد بن الحسن الشيباني في الموطأ (ص46) والقعنبي كما عند الجوهري في مسند مالك (ص222) والشافعي في المسند (ص63) وأيضًا في الأم (ج1/ص226) ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن والآثار (ج4/ص412) وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (ج1/ص513) ووكيع بن الجراح كما عند أحمد بن علي المروزي في كتابه الجمعة وفضلها (ص59) وزيد بن الحباب كما عند ابن أبي شيبة في المصنف ت كمال (ج1/ص435) كلهم من طريق مالك، قال: حدثني الزهري، عن ابن السباق [عبيد بن السباق]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أحمد - يعني البيهقي -: هذا مرسل وقال البيهقي في السنن الكبرى (ج3/ص345) هذا هو الصحيح مرسل وقد روي موصولًا ولا يصح وصله، وقال ابن عبد البر في التمهيد (ج11/ص209) عبيد بن السباق وهو من ثقات التابعين بالمدينة
وأما الموصول فرواه صالح بن أبي الأخضر
أخرجه ابن ماجه في السنن ت الأرنؤوط (ج2/ص197) وأبو أحمد الحاكم في كتابه عوالي مالك (ص40) والطبراني في المعجم الأوسط (ج7/ص230) كلهم من طريق عمار بن خالد الواسطي، حدثنا علي بن غراب، عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عبيد بن السباق عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. إسناده ضعيف صالح ضعيف والصواب المرسل بلا أدنى ذرة شك
هذا من جهة ومن جهة أخرى اختلف فيه على مالك أيضًا
1) يزيد بن سعيد الإسكندراني عن مالك
1- رواه عن يزيد أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني واختلف عليه أيضًا
فرواه عن أبي بكر السجستاني أبو أحمد الحاكم في كتابه عوالي مالك (ص39) ومن طريقه زاهر الشحامي في كتابه السباعيات (ص8) حدثنا يزيد بن سعيد الإسكندراني حدثنا مالك يعني ابن أنس عن ابن شهاب عن ابن السباق. وهذا أصح ما روي عن يزيد بن سعيد
وقد خولف أبو أحمد الحاكم خالفه أبو القاسم عيسى بن علي بن الجراح الوزير أخرجه ابن عساكر في المعجم (ج1/ص148) وعمر بن الحاجب في عوالي مالك (ص402) والذهبي في المعجم الكبير (ج1/ص355) فرواه عن أبي يكر السجستاني حدثنا يزيد بن سعيد الإسكندراني حدثنا مالك بن أنس عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
2- ورواه عن يزيد بن سعيد أبو علي - خطأ إنما هو أبو بكر - أحمد بن محمد بن خالد بن ميسرة - خطأ هو ميسر - أخرجه ابن المقرئ في المعجم (ص139) وابن عبد البر في التمهيد (ج11/ص211) وأيضًا رواه أحمد بن قراد الجهيني وعبد الله بن سليمان وأبو رفاعة عمارة بن وثيمة بن موسى وأبو علي الحسن بن أحمد بن سليمان أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (ج11/ص211) ومحمد بن محمد بن سليمان أخرجه ابن المظفر في غرائب مالك (ص143) والحسن بن إبراهيم بن مطروح الخولاني المصري أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج1/ص223) وفي المعجم الأوسط (ج3/ص372) وفي الصغير (ج1/ص223) وأبو علاثة محمد بن أبي غسان الفرائضي أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (ج3/ص345) وداود بن الحسين البيهقي أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (ج1/ص447) والإمام الحافظ الفطن سيد النقاد أبو حاتم الرازي قال ابن أبي حاتم في العلل (ج2/ص560) وسمعت أبي وحدثنا عن أبي خلف - خطأ إنما هو أبي خالد - يزيد بن سعيد بن يزيد الأصبحي الإسكندراني، قال: سمعت مالك بن أنس يسأل، فقال: حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة. قال أبي: وَهِمَ يزيد بن سعيد في إسناد هذا الحديث، إنما يرويه مالك بإسناد مرسل. وقال ابن عبد البر: وهذا اضطراب عن يزيد بن سعيد ولا يصح شيء من روايته في هذا الباب
3- ورواه عن يزيد بن سعيد الحسن بن أحمد بن سليمان أبو علي البصري - خطأ هو المصري - أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (ج11/ص210) حدثنا يزيد بن سعيد الصباحي قال حضرت مالكا سنة اثنتين وسبعين ومائة وهو يسأل عن غسل الجمعة قال حدثني صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
- أبو خالد يزيد بن سعيد الإسكندراني الأصبحي صدوق في حفظه شيء قال أبو حاتم الرازي محله الصدق (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج9/ص268) وقال ابن حبان يغرب (الثقات لابن حبان ج9/ص277) وقال ابن عبد البر ضعيف (التمهيد لابن عبد البر ج11/ص210)
2) ورواه حجاج بن سليمان الرعيني عن مالك بن أنس ذكره ابن عبد البر في التمهيد (ج11/ص210) عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة وحميد ابني عبد الرحمن بن عوف وعن أحدهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إسناده منكر وقال ابن عبد البر: رواه عن حجاج هذا وهو حجاج بن سليمان بن أفلح الرعيني أبا الأزهر جماعة هكذا ولا يصح فيه عن مالك إلا في الموطأ. انتهى قلت وقال أبو زرعة الرازي منكر الحديث (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج3/ص162) وقال ابن يونس المصري في حديثه خطأ ومناكير (تاريخ ابن يونس المصري ج1/ص109)
[2] الزهري عن أنس بن مالك عن النبي
أخرجه ابن عبد البر في التمهيد (ج11/ص212) من طريق أبي العباس أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة والبيهقي في السنن الكبرى (ج3/ص345) من طريق أبي الحسن علي بن محمد بن أحمد المصري الواعظ كلاهما (أحمد وعلي) من طريق يحيى بن عثمان بن صالح أنبأنا أبي أنبأنا ابن لهيعة حدثني عقيل أن ابن شهاب أخبره عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتابع يحيى بن عثمان بن صالح محمد الصغاني أخرجه الواحدي في تفسيره الوسيط (ج4/ص279) حدثنا عبد الرحمن بن محمد السراج إملاء - هو أبو القاسم ثقة -، نا أبو العباس المعقلي - هو محمد بن يعقوب الأموي الأصم ثقة -، نا محمد بن إسحاق الصغاني - هو أبو بكر ثقة -، نا عثمان بن صالح، نا ابن لهيعة، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إسناد منكر قال البرذعي: لأبي زرعة الرازي، رأيت بمصر أحاديث لعثمان بن صالح عن ابن لهيعة يعني منكرة، فقال: لم يكن عثمان عندي ممن يكذب ولكنه كان يسمع الحديث مع خالد بن نجيح وكان خالد إذا سمعوا من الشيخ، أملى عليهم ما لم يسمعوا فبلوا به. وبلى به أبو صالح أيضًا في حديث زهرة بن معبد، عن سعيد بن المسيب عن جابر ليس له أصل وإنما هو من خالد بن نجيح (الضعفاء لأبي زرعة - سؤالات البرذعي ج3/ص891) وابن لهيعة ضعيف
[3] الزهري عن عطاء عن أبي أيوب
أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (ج7/ص230) ورواه معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي أيوب. إسناده منكر معاوية بن يحيى هو أبو روح الصدفي ضعيف
[4] الزهري عن من لا يتهمه عن أبي سعيد الخدري عن النبي
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (ج3/ص72) حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق، ثنا عمرو بن عثمان، ومحمد بن مصفى، قالا: ثنا محمد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، أخبرني من، لا أتهم، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. إسناده ضعيف إبراهيم بن محمد بن عرق مجهول وشيخ الزهري مجهول لا يُعرف من هو
[5] الزهري عن من لا يتهمه عن أصحاب النبي عن النبي
أخرجه عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل (ج3/ص197) عن معمر، عن الزهري قال: أخبرني من، لا أتهم، عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. إسناده ضعيف شيخ الزهري مجهول لا يُعرف من هو
والخلاصة: أصح الأسانيد في هذا هو ما رواه مالك عن الزهري عن عبيد بن السباق عن النبي مرسلًا أي ضعيف
الحديث الثاني:
أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن يوم الجمعة يوم عيد فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صومكم ولكن اجعلوه يوم الذكر إلا أن تصوموا قبله أو بعده.
حكم الحديث: شاذ لا يصح بذكر العيد وصحيح بدون ذكر العيد
أخرجه إسحاق بن راهويه في المسند (ج1/ص451) وأحمد بن حنبل في المسن ط الرسالة (ج13/ص395) ومن طريقه الحاكم في المستدرك (ج1/ص603) وأخرجه ابن خزيمة في الصحيح (ج3/ص315) من طريق عبد الرحمن بن مهدي
وأخرجه ابن خزيمة في الصحيح (ج3/ص318) والحاكم في المستدرك (ج1/ص603) من طريق زيد بن الحباب
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (ج9/ص15) والطبراني في مسند الشاميين (ج3/ص164) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج26/ص89) كلاهما من طريق عبد الله بن صالح الجهني
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (ج2/ص79) والبيهقي في شعب الإيمان (ج5/ص382) وفي فضائل الأوقات (ص511) وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج26/ص89) ثلاثتهم من طريق ابن وهب ووقع في فضائل الأوقات عامر بن كريز وهو تصحيفٌ
وأخرجه أحمد بن حنبل ط الرسالة (ج16/ص517) من طريق حماد بن خالد
وأخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (ج4/ص457) والبزار كما عند الهيثمي في كشف الأستار (ج1/ص499) وابن شاهين في الصحابة كما عند ابن الأثير في أسد الغابة ط العلمية (ج3/ص136) من طريق أسد بن موسى وأسقط أبا هريرة من السند قال الدارقطني في العلل (ج11/ص119) ووهم فيه أسد والصحيح عن أبي هريرة
كلهم من طريق معاوية بن صالح، عن أبي بشر، عن عامر بن لدين الأشعري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن يوم الجمعة يوم عيد فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صومكم [زاد ابن وهب: ولكن اجعلوه يوم الذكر] إلا أن تصوموا قبله أو بعده [ولفظ: عبد الله الجهني وابن وهب عند البيهقي: إلا أن تخلطوه بأيام].
إسناده ضعيف معاوية بن صالح فيه ضعف وأبو بشر مؤذن دمشق قال الذهبي مجهول (انظر مختصر تلخيص الذهبي ج1/ص325) وقد صح لكن دون ذكر إن يوم الجمعة عيد رواه جماعة عن أبي هريرة منهم أبو صالح ذكوان ومحمد بن سيرين وأبو رافع وعبد الله بن عمرو القارئ ومحمد بن عباد المخزومي وسعيد المقبري
الحديث الثالث:
ورواه أبو الأوبر عن أبي هريرة بذكر العيد
حكم الحديث: شاذ لا يصح بذكر العيد
أخرجه ابن حبان في صحيحه ط الرسالة (ج8/ص375) وابن راهويه في المسند (ج1/ص268) من طريق جرير، عن عبد الملك بن عمير، عن رجل من بني الحارث بن كعب يقال له أبو الأوبر، قال: كنت قاعدًا عند أبي هريرة ولفظه لا تصوموا يوم الجمعة، فإنه يوم عيد إلا أن تصلوه بأيام. وهذا شاذ
قد خولف جرير خالفه جماعة من الحفاظ ولم يذكروا في الحديث إن يوم الجمعة يوم عيد وهم:
1- شعبة أخرجه أحمد بن حنبل في المسند ط الرسالة (ج16/ص7) وأبو داود الطيالسي في المسند (ج4/ص322) وابن الجعد في المسند (ص90)
2- وأبو عوانة أخرجه أحمد بن حنبل في المسند ط الرسالة (ج15/ص280)
3- ومعمر أخرجه عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل (ج4/ص96)
4- ومعتمر بن سليمان التيمي أخرجه عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل (ج1/ص481) وابن راهويه في المسند (ج1/ص268)
5- وزائدة أخرجه أحمد بن حنبل في المسند ط الرسالة (ج14/ص380)
6- وشريك أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ت عوامة (ج6/ص197) وأحمد بن حنبل في المسند ط الرسالة (ج16/ص7)
والخلاصة النهائية: كل حديث مرفوع عن الرسول صلى الله عليه وسلم نصًا إن يوم الجمعة يوم عيد فهو إما شاذٌ وإما ضعيفٌ
أما الآثار عن الصحابة في أن يوم الجمعة عيد سواء إشارةً أو نصًا فقد نشرتها في مقالة منفصلة (انظر تخريجها هنا)
هذا وبالله التوفيق