قال الإمام عبد الرحمن بن مهدي لفتى من ولد جعفر بن سليمان: مكانك، فقعد حتى تفرق الناس، ثم قال: تعرف ما في هذه الكورة من الأهواء والاختلاف وكل ذلك يجري مني على بال رضي إلا أمرك وما بلغني، فإن الأمر لا يزال هينا ما لم يصر إليكم، يعني السلطان، فإذا صار إليكم، جل وعظم، فقال: يا أبا سعيد وما ذاك؟ قال: بلغني أنك تتكلم في الرب تبارك وتعالى وتصفه وتشبهه، فقال الغلام: نعم، فأخذ يتكلم في الصفة، فقال: رويدك يا بني حتى نتكلم أول شيء في المخلوق، فإذا عجزنا عن المخلوقات، فنحن عن الخالق أعجز وأعجز أخبرني عن حديث حدثنيه شعبة عن الشيباني قال: سمعت زراً قال: قال عبد الله -يعني ابن مسعود- في قوله {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} [النجم: ١٨] قال: رأى جبريل له ستمائة جناح. قال: نعم فعرف الحديث، فقال عبد الرحمن صف لي خلقاً من خلق الله له ستمائة جناح، فبقي الغلام ينظر إليه، فقال عبد الرحمن: يا بني، فإني أهون عليك المسألة، وأضع عنك خمسمائة وسبعة وتسعين، صف لي خلقاً بثلاثة أجنحة ركب الجناح الثالث منه موضعاً غير الموضعين اللذين ركبهما الله، حتى أعلم. فقال: يا أبا سعيد، نحن قد عجزنا عن صفة المخلوق ونحن عن صفة الخالق أعجز وأعجز، فأشهدك أني قد رجعت عن ذلك وأستغفر الله.
قلت الحديث الذي أشار إليه الإمام عبد الرحمن بن مهدي أخرجه مسلم في صحيحه ط التركية (ج1/ص109) من طريق شعبة، عن سليمان الشيباني سمع زر بن حبيش، عن عبد الله قال: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} قال: رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح.
حكم الخبر: صحيح
أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ت الغامدي (ج3/ص585) ذكره عبد الرحمن قال: ثنا أبي قال: ثنا عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول لفتى فذكره.
- عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني هو أبو الحسن الزهري رُسته
- عبد الرحمن هو أبو محمد بن أبي حاتم الرازي إمام مشهور
- أبي هو الجبل الإمام الناقد أبو حاتم الرازي واسمه محمد بن إدريس وقد توبع
أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء ط السعادة (ج9/ص8) حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا محمد بن أحمد بن عمرو، ومحمد بن سهل قالا: ثنا عبد الرحمن بن عمر قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول: لفتى من ولد جعفر بن سليمان الهاشمي: مكانك. فقعد حتى تفرق الناس. ثم قال له: يا بني، تعرف ما في هذه الكورة من الأهواء، والاختلاف وكل ذلك يجري منك على بال رخي إلا أمرك، وما بلغني؛ فإن الأمر لا يزال هيناً ما لم يصل إليكم، يعني السلطان، فإذا صار إليكم جل وعظم قال: يا أبا سعيد، وما ذاك قال: بلغني أنك تتكلم في الرب وتصفه وتشبه قال: الغلام: نعم يا أبا سعيد، نظرنا فلم نر من خلق الله شيئاً أحسن ولا أولى من الإنسان، فأخذ يتكلم في الصفة، فقال له عبد الرحمن: رويدك يا بني حتى نتكلم أول شيء في المخلوق، فإن عجزنا عن المخلوق فنحن عن الخالق أعجز، أخبرني عن حديث حدثنيه شعبة، عن الشيباني قال: سمعت سعيد بن جبير (1) قال: قال عبد الله في قوله: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} [النجم: ١٨]. قال: رأى جبريل له ستمائة جناح. فبقي الغلام ينظر، فقال له عبد الرحمن: يا بني، فإني أهون عليك المسألة، وأضع عنك خمسمائة وسبعا وتسعين جناحا. صف لي خلقا بثلاثة أجنحة، ركب الجناح الثالث منه موضعا غير الموضعين اللذين ركبهما الله عز وجل حتى أعلم. فقال: يا أبا سعيد، قد عجزنا عن صفة المخلوق ونحن عن صفة الخالق أعجز؛ فأشهدك أني قد رجعت، عن ذاك وأستغفر الله.
- (1) "سعيد بن جبير" تصحيف صوابه "زر بن حبيش"
- أبو محمد بن حيان هو أبو الشيخ الأصبهاني عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان ثقة مشهور
- محمد بن أحمد بن عمرو هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عمرو بن هشام الأبهري الأصبهاني قال أبو الشيخ الأصبهاني شيخ ثقة كتب بأصبهان عن رستة. وقال أبو نعيم حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ثنا أحمد بن محمد بن عمرو الأبهري ثنا رسته (طبقات المحدثين لأبي الشيخ ط الرسالة ج4/ص113 وحلية الأولياء ج8/ص194)
- محمد بن سهل هو أبو جعفر محمد بن سهل بن الصباح الأصبهاني قال أبو نعيم حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر -هو أبو الشيخ الأصبهاني-، وعلي بن عمر، قالا: ثنا محمد بن سهل بن الصباح (تاريخ أصبهان ط العلمية ج1/ص221)
هذا والله أعلم