حكم المناظرة: موضوعة مكذوبة على أبي حنيفة رحمه الله وهي مشهورة بين الناس
قلتُ:
أخرجها أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي البخاري في كشف الآثار الشريفة في مناقب الإمام أبي حنيفة (ج1/ص478-480 الأثر برقم 1586) حدثنا صالح بن سعيد بن مرداس، قال: حدثنا صالح بن محمد، قال: سمعت حماد بن أبي حنيفة، وحدثنا أبو زيد عمران بن فرينام، قال: حدثنا محمد بن علي السرخسي، قال: أخبرنا حامد بن آدم، قال: أخبرنا السيناني الفضل بن موسى، وبشار بن قيراط، وغيرهما، عن حماد بن أبي حنيفة، عن أبيه رضي الله عنهم، قال: لما بلغ الخوارج أن أبا حنيفة لا يكفر أحداً من أهل القبلة بذنب، وفد منهم سبعون رجلاً، فدخلوا عليه أحفل ما كان المجلس، فقاموا جميعاً فقالوا: يا أبا حنيفة! إن مسألتنا واحدة، فمر بالناس أن يفرجوا لنا، قال: أفرجوا لهم، فأفرجوا، فأتوا حتى وقفوا على رأسه، ثم سلّوا سيوفهم جميعاً، فقالوا: يا أبا حنيفة، يا عدو هذه الأمة، وقال بعضهم: يا شيطان هذه الأمة لقتلك أحب إلى كل رجل منا من جهاد سبعين سنة، ولا نريد أن نظلمك، فقال لهم أبو حنيفة: أتريدون أن تنصفوني؟ قالوا: بلى، قال فاغمدوا سيوفكم فإنه يهولني بريقها، قالوا: فكيف نغمدها ونحن نرجو أن نخضبها بدمك، قال: فتكلموا على اسم الله، قالوا: هاتان جنازتان على باب المسجد، أما أحدهما فرجل شرب الخمر حتى كظته وحشرج بها، فمات غرقاً في الخمر، والأخرى امرأة زنت حتى إذا أيقنت بالحبل فقتلت نفسها، فقال لهم أبو حنيفة من أي ملل كانا أمن اليهود؟ قالوا: لا، قال: أفمن النصارى؟ قالوا: لا، قال: أفمن المجوس؟ قالوا: لا، قال: من أي الملل كانا؟ قالوا: من الملة التي تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، قال: فأخبروني عن هذه الشهادة كم هي من الإيمان؟ ،ثلث، أو ربع أو خمس، قالوا: إن الإيمان لا يكون ثلثاً، ولا ربعاً، ولا خمساً، قال: فكم هي من الإيمان؟ قالوا: الإيمان كله، قال: فما سؤالكم إياي عن قوم زعمتم وأقررتم أنهما كانا مؤمنين؟ قالوا: دعنا عنك، أمن أهل الجنة هما أم من أهل النار؟ قال: أما إذا أبيتم فإني أقول فيهما ما قال نبي الله إبراهيم في قوم كانوا أعظم جرماً منهم : فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وأقول فيهما ما قال نبي الله عيسى في قوم كانوا أعظم جرماً منهم:{إن تعذبهم فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وأقول فيهما ما قال نبي الله نوح: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111) قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ}، وأقول فيهما ما قال نبي الله نوح عليه السلام: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ} إلى قوله: {إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ}، قال: فألقوا السلاح وقالوا: تبرأنا من كل دين كنا عليه، وندين الله بدينك، فقد آتاك الله فضلاً وحكمة وعلماً، وخرجوا وتركوا رأي الخوارج، ورجعوا إلى الجماعة.
إسناده ساقط بالمتهمين بالكذب والمجاهيل
- أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي البخاري المعروف بالأستاذ المصنف نفسه قال ابن الجوزي قال أبو سعيد الرواس كان يتهم بوضع الحديث. وقال أحمد السليماني كان يضع هذا الإسناد على هذا المتن وهذا المتن على هذا الإسناد وهذا ضرب من الوضع. وقال الخطيب صاحب عجائب ومناكير وغرائب وليس بموضع الحجة وقال أبو عبد الله الحاكم صاحب عجائب وأفراد عن الثقات، سكتوا عنه. وقال الخليلي وهو لين ضعفوه يأتي بأحاديث يخالف فيها حدثنا عنه الملاحمي والبصير بعجائب. وقال أبو زرعة أحمد بن الحسين الرازي ضعيف (الضعفاء والمتروكون لابن الجوزي ط العلمية ج2/ص141 ولسان الميزان لابن حجر ت أبي غدة ج4/ص579 والأنساب للسمعاني ط الهندية ج7/ص59 والإرشاد للخليلي ط الرشد ج3/ص971 وسؤالات حمزة للدارقطني ط المعارف ص228)
- صالح بن سعيد بن مرداس مجهول
- صالح بن محمد هو الترمذي قال ابن حبان كان رجل سوء مرجئاً جهمياً داعية إلى البدع، يبيع الخمر ويبيح شربه، وقد رشا لهم حتى ولوه قضاء ترمذ، فكان يتعصب على أهل الحديث، ويؤدب من يقول: الإيمان قول وعمل، حتى أنه أخذ رجلاً من الصالحين من أصحاب الحديث، فجعل الحبل في عنقه، وأمر أن يطاف به في الناس، فينادى عليه، وكان الحميدي يقنت عليه بمكة، وإسحاق بن راهويه إذا ذكره بكى من تجرئه على الله عز وجل، لا تحل كتابة حديثه ولا الرواية عنه، لم يكتب عنه أصحاب الحديث، وإنما وقعت روايته عند أهل الرأي، ولكني ذكرته ليعرف، تتجنب روايته. ولأبي عون عصام بن الحسين فيه قصيدة طويلة يذكره فيها. وقال الذهبي متهم ساقط ثم نقل الذهبي عن السليماني قال: هو منكر الحديث يقول بخلق القرآن (المجروحين لابن حبان ت حمدي ج1/ص470 وميزان الاعتدال للذهبي ت البجاوي ج2/ص300)
- أبو زيد عمران بن فرينام مجهول
- حامد بن آدم هو المروزي قال الذهبي كذبه الجوزجاني وابن عدي وعدّه أحمد بن علي السليماني فيمن اشتهر بوضع الحديث وقال: قال أبو داود السنجي -هو سليمان بن معبد-: قلت لابن معين: عندنا شيخ يقال له حامد بن آدم روى عن يزيد، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد وجابر رفعاه: الغيبة أشد من الزنا. فقال: هذا كذاب لعنه الله. قلتُ تكذيب ابن عدي وهم من الذهبي فابن عدي لم يكذّبه إنما نقل ابن عدي عن الجوزجاني أنه كذبه، حيث قال ابن عدي كان يكذب ويحمق في كذبه سمعت ابن حماد يحكيه عن السعدي -هو الجوزجاني- قال ابن عدي وحامد بن آدم لم أر في حديثه إذا روى عن ثقة شيئاً منكراً وإنما يؤتى ذلك إذا حدث عن ضعيف. وقال البيهقي في حديث: تفرد به حامد بن آدم وكان متهماً بالكذب وقال ابن حبان قال ربما أخطأ وقال الخليلي ثقة وأخذها الخليلي من شيخه الحاكم صاحب المستدرك والحاكم وابن حبان تعقبهما ابن حجر فقال ولقد شان ابن حبان الثقات بإدخاله هذا فيهم وكذلك أخطأ الحاكم بتخريجه حديثه في مستدركه. قلت والرجل يتفرد فهو إلى الكذب أقرب (ميزان الاعتدال للذهبي ت البجاوي ج1/ص447 والكامل لابن عدي ط العلمية ج3/ص409 وشعب الإيمان للبيهقي ط الرشد ج6/ص356 والإرشاد للخليلي ط الرشد ج3/ص913)
- بشار بن قيراط قال أبو زرعة الرازي منكر الحديث وقال أبو حاتم الرازي مضطرب الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به وقال السلمي عن الدارقطني لا شيء وقال ابن عدي روى أحاديث غير محفوظة وله أحاديث مناكير عمن يحدث عنه وهو إلي الضعف أقرب منه إلى الصدق (سؤالات البرذعي لأبي زرعة ت الأزهري والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ط المعارف العثمانية ج2/ص417-418 وسؤالات السلمي للدارقطني ت الحميد ص132 الكامل لابن عدي ط العلمية ج2/ص186)
أبو الحسن علي بن محمد بن نصر الدينوري اللَّبّان في مناقب أبي حنيفة (ص63-64) حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد الشُّروطي، ثنا عبد العزيز بن محمد، ثنا محمد بن أحمد الضُّبَعِي، ثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد الشروطي، قال : سمعت أبا يحيى البزاز، ثنا حفص بن عبد الرحمن، عن أبي يوسف، قال: لما بلغ الخوارج أن أبا حنيفة يُثبت معرفة الرب ولا يكفّر أحدًا بذنبه، وقد إليه أربعون رجلا فأتوا حلقته وسلوا سيوفهم، وقالوا: يا أبا حنيفة! إن هذا آخر يومك من الدنيا وأوَّلُ يومك من الآخرة. وقد آتيناك بمسألتين، هما من أشد مسائلنا فإن خرجت منهما وإلا ففيهما نفسك. فقال أبو حنيفة رحمه الله : أتريدون أن تنصفوني؟ قالوا: نعم. قال: اغْمُدوا سيوفكم فقد هالني بَرِيقُها. قالوا: كيف نَغْمُدها ونحن نرجو أن نَخْضِبها مِن دَمك قال: تكلموا قالوا: ما تقول في جنازتين بباب المسجد؛ أحدهما رجل شرب الخمر حتى سكر، ثم مات سكرانا، والأخرى امرأة زنت حتى حملت، فلما استيقنت بالحبل، شربت دواءً فأسقطتْ ولدها، ثم ماتت في نفاسها. ما تقول فيهما؟ فقال أبو حنيفة رحمه الله من اليهود كانا؟ قالوا: لا. قال : فمن النصارى كانا ؟ قالوا: لا. قال : فمن المجوس كانا ؟ قالوا : لا. قال : فمن أي الأديان كانا؟ قالوا : ممن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. قال أبو حنيفة رحمه الله : والإقرار بما جاء من عند الله؟ قالوا : والإقرار بما جاء من عند الله. قال : فأخبروني عن جملة هذا الكلام أهو من الكفر أو هو من الإيمان؟ قالوا : من الإيمان. قال : فأخبروني هو من الإيمان نصفه أو ثلثه أو ربعه؟ قالوا : إن الإيمان لا يكون نصفا ولا ثلثا ولاربعا، بل هو الإيمان كله. قال : كله؟ قالوا : بلى. قال : فما تسألوني عنهما فقد شهدتم أنهما مؤمنين. فقال رجل منهم : دعنا يا أبا حنيفة من هذا، أخبرنا أمن أهل الجنة أو من أهل النار؟ قال أبو حنيفة : أقول كما قال نوح في قوم كانوا أعظم جُرما منهما : {وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ} وأقول كما قال إبراهيم في قوم كانوا أعظم جرمًا منهما / { فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وأقول كما قال عيسى عليه السلام في قوم كانوا أعظم جرما منهما: {وَإِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وأقول كما أنزل الله عز وجل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ} قالوا: فرجت عنا يا أبا حنيفة فرج الله عنك، ونستغفر الله ونتوب إليه من جميع ما كنا عليه. وصاروا معه كلهم.
إسناده مظلم مسلسل بالمجاهيل
- عبد الله بن أحمد بن محمد الشُّروطي يكنى أبا محمد مجهول لا وجود له في الكتب
- عبد العزيز بن محمد قلت اسمه في أسانيد أخرى وهو أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن محمد بن عبد الله مجهول البتة لا وجود له في الكتب
- محمد بن أحمد الضُّبَعِي مجهول
- أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد الشروطي مجهول البتة
- أبو يحيىي البزاز مجهول
- حفص بن عبد الرحمن مجهول
هذا والله أعلم