قال الشَّافِعِي رحمه الله: وروي عن عون بن عبد اللَّه بن عتبة، عن أبيه. واختلف عليه في إسناده ومتنه، وهو إن صح فكان النبي صلى الله عليه وسلم خاطبها على قَدرِ معرفتها، فإنها وأمثالها قبل الإسلام كانوا يعتقدون في الأوثان أنها آلهة في الأرض، فأراد أن يعرف إيمانها، فقال لها: أين اللَّه؟ حتى إذا أشارت إلى الأصنام عرف أنها غير مؤمنة، فلما قالت: في السماء، عرف أنها برئت من الأوثان، وأنها مؤمنة بالله الذي في السماء إله وفي الأرض إله، أو أشار، وأشارت إلى ظاهر ما ورد به الكتاب. ثم معنى قوله في الكتاب: (مَنْ فِي السَّمَاءِ) الآية، أي: من فوق السماء على العرش.
انتهى
قلت قبل أن أبدأ فراجع هذه المقالة بعنوان (الرد على من قال حديث الجارية مضطرب وبيان صحته والروايات في ذلك!)
وهذه المقالة بعنوان (الرد على حسن السقاف في أن ابن حجر ضعف حديث الجارية)
والآن نبدأ
قلتُ: ليس الكلام للشافعي قطعاً وسنبين ما أراده البيهقي من قوله "واختلف عليه" كما سيأتي، وَذُكِرَ هذا الكلام المنسوب إلى الشافعي في "تفسير الشافعي" ولا يوجد كتاب للشافعي اسمه التفسير لكن جمعه أحمد بن مصطفى الفرَّان في رسالة دكتوراة له من الكتب من مثل مناقب الشافعي للبيهقي ومختصر المزني وجعله في كتاب سمّاه "تفسير الشافعي"
قلتُ: وهذا الكلام ليس للشافعي أخطأ فيه أحمد بن مصطفى الفرَّان، إنما هو للبيهقي والدليل في مناقب الشافعي للبيهقي ت صقر (ج1/ص396) قال الشافعي: قال «مجاهد» في قوله: {أَسْلَمْنَا} قال: استسلمنا مخافة القتل والسَّبْي.
قلت - القائل هو البيهقي -: وأما حديث «معاوية بن الحكم» فقد خالفه «عبيد الله» في لفظ الحديث، وهو، وإن كان مُرْسَلا، فرواته أفقه. ووافقه «الشريد بن سويد الثقفي» مرسلا.
وروى عن عون بن عبد الله بن عتبة عن أبيه، واختلف عليه في إسناده....إلخ.
فلعله ظن قوله "قلت" هو الشافعي، وليس كذلك والدليل القاطع في الخلافيات للبيهقي ت النحال (ج6/ص339) قال الإمام أحمد - هو البيهقي اسمه أحمد -: ......ولكنه صلى الله عليه وسلم خاطبها على قدر معرفتها، فإنها وأمثالها قبل الإسلام كانوا يعتقدون في الأوثان أنها آلهة في الأرض، فأراد يعرف إيمانها، فقال لها: أين الله؟ حتى إذا أشارت إلى الأصنام عرف أنها غير مؤمنة، فلما قالت: في السماء عرف أنها بريئة من الأوثان، وأنها مؤمنة بالله، الذي في السماء إله وفي الأرض إله، وأشارت إلى ظاهر ما ورد به الكتاب، ثم معنى قوله في الكتاب: {من في السماء}: من فوق السماء على العرش.
فالألفاظ كلها واحدة
وأما قول البيهقي "واختلف عليه" فهو كاملاً "وروي عن عون بن عبد اللَّه بن عتبة، عن أبيه. واختلف عليه في إسناده ومتنه"
فهو يقصد اختلف على عون وكلمة "عليه" تعود إلى "عون" وليس في كل الأسانيد! فإسناد مسلم هو من طريق "إسماعيل بن إبراهيم، عن حجاج الصواف، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي" فلا يوجد فيه "عون" مطلقاً!
وأما كيف اختلف على عون في إسناده ومتنه فأقول
أخرج البيهقي في السنن الكبرى ط العلمية (ج7/ص637) من طريق المسعودي، عن عون بن عبد الله، عن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة، أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء، فقال: يا رسول الله إن علي عتق رقبة مؤمنة فقال لها: أين الله؟ فأشارت إلى السماء بإصبعها، فقال لها: فمن أنا؟ فأشارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى السماء تعني أنت رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعتقها فإنها مؤمنة.
ثم أخرج البيهقي من طريق أبي معدان المنقري يعني عامر بن مسعود، نا عون بن عبد الله بن عتبة، حدثني أبي، عن جدي قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمة سوداء فقالت: يا رسول الله، إن علي رقبة مؤمنة أفتجزئ عني هذه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ربك؟ قالت: الله ربي قال: فما دينك؟ " قالت: الإسلام قال: فمن أنا؟ قالت: أنت رسول الله قال: فتصلين الخمس، وتقرين بما جئت به من عند الله؟ قالت: نعم، فضرب صلى الله عليه وسلم على ظهرها وقال: أعتقيها.
المقارنة بين الإسنادين والمتنين
الإسناد الأول: عون عن أبيه عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة ومتنه "أين الله؟" و"فأشارت إلى السماء بإصبعها"
وفي الإسناد الثاني: عون عن أبيه عبد الله بن عتبة عن جده ومتنه "من ربك؟" و"الله ربي"
وهذا يدلك أيضاً عندما قال "وروى عون" الكلام للبيهقي وليس للشافعي فالشافعي لم يروي الخلاف إنما البيهقي
هذا والله أعلم وبه العصمة