مدى صحة حديث المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس.

حكم الحديث: منكر، وقلّ من وقف على علّة حديث عبد الملك بن أبي كريمة عن ابن جريج، والصواب أنه من قول الصحابي ابن مسعود ومع ذلك لا يصح ولكن في الرقائق لا بأس به

رواه أبو صخر حميد بن زياد المدني وخالد بن وضاح - مجهول - كلاهما عن أبي حازم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم

ورواه أبو الحسين محمد بن العباس بن الوليد ابن النحوي الفقيه - منكر الحديث - حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبي وعمي أبو بكر، عن أبي عبيدة الحداد، عن ابن عون، عن ابن سيرين والحسن؛ قالا: لا عشنا إلى زمان لا يعشق فيه، قال أبو هريرة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: المؤمن مألفة ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.

وهذا منكر اضرب عليه

ورواه مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير - ضعيف - فرواه عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي

وكله غير محفوظ

ورواه أسامة بن زيد الليثي - صدوق يخطئ - عن أبي حازم عن عون بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود النبي.

وهذا أيضاً غير محفوظ

والصواب ما رواه أبو نعيم الفضل بن دكين الكوفي وسفيان الثوري وجعفر بن عون الكوفي ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي عن أبي حازم عن عون بن عبد الله بن عتبة مرسلاً عن ابن مسعود من قوله.

قال مسعر بن كدام ليس أحد أعلم بحديث ابن مسعود من المسعودي وقال أبو حاتم الرازي كان أعلم بحديث ابن مسعود من أهل زمانه وقال يحيى بن معين حديثه عن عون والقاسم صحاح (انظر مسند علي بن الجعد ط نادر ص286 والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج5/ص251-251)

وسئل الدارقطني عن حديث عون بن عبد الله، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ‌المؤمن ‌يألف ولا خير فيمن لا يألف ويؤلف.

فقال: يرويه أبو حازم سلمة بن دينار واختلف عنه؛

فرواه أسامة بن زيد، عن أبي حازم، عن عون بن عبد الله، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه المسعودي، عن أبي حازم بهذا الإسناد موقوفا.

ورواه مصعب بن ثابت، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ورواه أبو صخر حميد بن زياد، وخالد بن الوضاح، عن أبي حازم، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة.

وأشبهها بالصواب حديث ابن مسعود (انظر علل الدارقطني ج5/ص232 وج8/ص182)

قلت وأما تخريج هذه الطرق

الطبراني في المعجم الكبير ط ابن تيمية (ج9/ص200) حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم، ثنا المسعودي، عن أبي حازم، عن عون بن عبد الله، قال: قال عبد الله: إن المؤمن مألف ولا خير فيمن لا يألف، ولا يؤلف.

- أبو نعيم الفضل بن دكين الملائي الكوفي ثقة سمع من المسعودي قبل الاختلاط، قال أحمد بن حنبل ‌سماع ‌وكيع من المسعودي بالكوفة قديماً - يعني قبل الاختلاط - وأبو نعيم أيضاً (العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية ابنه عبد الله ج1/ص325)

ابن أبي شيبة في المصنف ت الشثري (ج19/ص334) حدثنا وكيع عن سفيان عن المسعودي عن أبي حازم عن عون قال: قال عبد الله: المؤمن مألف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.

البيهقي في شعب الإيمان ط الرشد (ج10/ص442-443) أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل، أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري، حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا جعفر بن عون، أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، عن أبي حازم، عن عون بن عبد الله قال: قال ابن مسعود: المؤمن مألف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.

- أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل هو الماسرجسي قال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي الثقة العدل من بيت العلم والعدالة حدث عن أبي عثمان عمر بن عبد الله البصري. قلت وصحح له البيهقي حديثين بقوله إسناد صحيح (انظر المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور لأبي إسحاق الصريفيني ص190 ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج3/ص15 والسنن الكبرى للبيهقي ط العلمية ج5/ص518-519)

- أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري هو عمرو بن عبد الله بن درهم النيسابوري المطوعي الزاهد وصحح له البيهقي حديثين بقوله إسناد صحيح (انظر معرفة السنن والآثار للبيهقي ج3/ص15 والسنن الكبرى للبيهقي ط العلمية ج5/ص518-519)

- أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب هو محمد بن عبد الوهاب بن حبيب بن مهران العبدي الفراء النيسابوري ثقة من شيوخ الإمام مسلم صاحب الصحيح

أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء ط السعادة (ج4/ص254) حدثنا سليمان بن أحمد ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا المسعودي ح. وحدثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا محمد بن إسحاق ثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد العزيز بن أبي حازم قالا عن أبي حازم عن عون. أنه كان يقول: المؤمن موالف، ولا خير فيمن لا يألف ‌ولا ‌يؤلف.

ما أدري هذا كيف!!

تمام بن محمد الرازي الدمشقي في فوائده ط الرشد (ج1/ص370) أخبرنا الحسن بن حبيب، ثنا عبد اللطيف، ثنا عبد الأعلى، ثنا زين، عن أسامة، عن أبي حازم، عن عون بن عبد الله، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المؤمن يؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.

- الحسن بن حبيب هو أبو علي الحسن بن حبيب
- عبد اللطيف هو أبو القاسم ‌عبد ‌اللطيف بن نباتة بن نافع اليحصبي
- عبد الأعلى هو أبو يزيد عبد الأعلى بن عبد الواحد الكلاعي المصري المعروف بمُرَّة البَرَلُسِي

- زين هو أبو عبد الملك زين بن شعيب بن كريب المعافري الإسكندراني المصري صدوق صالح قال يحيى بن بكير المصري كان والله زيناً وقال يحيى بن بكير وكان مالك بن أنس يُعْجَبُ بزين بن شعيب المعافري وقال السلمي عن الدارقطني ثقة (الكفاية للخطيب ط العلمية ص429) وقد توبع

أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ط الفكر (ج5/ص432) أخبرنا عالياً أبو عبد الله الخلال أنا أبو طاهر بن محمود أنا أبو بكر بن المقرئ نا ابن قتيبة نا حرملة نا ابن وهب أخبرني أسامة عن أبي حازم عن عون بن عبد الله عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤمن يألف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.

- أبو عبد الله الخلال هو الحسين بن عبد الملك بن الحسين بن محمد الأصبهاني ثقة
-‌ أبو طاهر بن محمود هو أبو ‌طاهر أحمد بن ‌محمود بن أحمد بن ‌محمود الثقفي المؤدب ثقة صالح
- ابن قتيبة هو أبو العباس محمد بن الحسن بن قتيبة اللخمي العسقلاني قال الدارقطني ثقة (سؤالات حمزة السهمي للدارقطني ط المعارف ص78)

الخطيب في تاريخ بغداد ت بشار (ج4/ص199) أخبرني الأزهري، قال: حدثنا عبد الله بن عثمان الصفار، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن العباس الفقيه، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبي وعمي أبو بكر، عن أبي عبيدة الحداد، عن ابن عون، عن ابن سيرين والحسن؛ قالا: لا عشنا إلى زمان لا يعشق فيه، قال أبو هريرة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: المؤمن مألفة ولا خير فيمن لا يألف ‌ولا ‌يؤلف.

الطبراني في المعجم الصغير ط المكتب الإسلامي (ج1/ص362) وفي الأوسط ط الحرمين (ج4/ص356) حدثنا عبد الله بن أبي داود السجستاني [وفي الأوسط: عبد الله بن سليمان بن الأشعث]، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا يعقوب بن أبي عباد القلزمي، حدثنا محمد بن عيينة، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أكمل المؤمنين إيمانا أحاسنهم أخلاقا، الموطئون أكنافا، الذين يألفون ويؤلفون، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.

وقال البيهقي في شعب الإيمان أخبرناه أبو عبد الله بن عبد الله البيهيقي، حدثنا أحمد بن الحسين الخسروجردي، حدثنا داود بن الحسين، حدثنا حميد بن زنجويه، حدثنا يعقوب بن أبي عباد، حدثنا ابن عيية بإسناد مثله

هذا منكر ومحمد بن عيينة أخو سفيان ضعيف وقال أبو حاتم الرازي لا يحتج بحديثه يأتى بالمناكير (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج8/ص42)

ولا يتحمل محمد بن عيينة مثل هذا الإسناد ولم يتابعه عليه أحد وهذا من أخطر أنواع العلل فإن البعض يتساهل ويجعله شاهداً

- يعقوب بن إسحاق القلزمي هو يعقوب بن إسحاق بن أبي عباد المكي قال أبو حاتم الرازي كان يسكن قلزم قدمت قلزم وهو غائب فلم أكتب عنه ومحله الصدق لا بأس به (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج9/ص203)

وأما جملة "أنفعهم للناس" (فانظر هذه المقالة)

وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال: ‌خير ‌الناس للناس، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم، حتى يدخلوا في الإسلام.

وأخرج مسلم في صحيحه عن رجل قال يا رسول الله أرقي؟ قال من استطاع منكم أن ينفع ‌أخاه ‌فليفعل.

وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم ‌أخو ‌المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة.

هذا وبالله التوفيق