مدى صحة حديث إذا بنيت مسجد صنعاء فاجعله عن يمين جبل يقال له ضين

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوبر بن يحنس: إذا بنيت مسجد صنعاء فاجعله على يمين جبل يقال له ضين.

حكم الحديث: لا يصح وهو مضطرب سنداً ومتناً

أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ط دار الحرمين (ج1/ص253) حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال: نا إبراهيم بن محمد بن عرعرة قال: نا عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري، عن النعمان بن بزرج قال: حدثني ابن رمانة قال: قال وبر بن عيسى (1) الخزاعي: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بنيت (2) مسجد صنعاء فاجعله عن يمين جبل يقال له ضين.

- (1) قلت "بن عيسى" تصحيف والصواب "بن يحنس"

- (2) في الأصل "أتيت" لكن المحقق صوب الخطأ وقال هي "بنيت" وأثبتها في المتن

قال الهيثمي رحمه الله رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن. قلت تناقض الهيثمي فهو نفسه قال في حديث آخر: رواه الطبراني وفيه عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري ضعفه أبو زرعة ووثقه ابن حبان وغيره، وابن رمانة لم أعرفه (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي ط القدسي ج2/ص12 وج7/ص250)

فهنا الهيثمي لم يعرف ابن رمانة وهناك يقول إسناده حسن يعني ابن مانة حسن الحديث والهيثمي من المتأخرين وهو متساهل جداً في كثير من الأحاييين وللذماري حديث آخر منكر كما سيأتي أنكره الجهابذة المتقدمين والهيثمي يقول إسناده جيد فتأمل

قلت وبالنسبة لهذا الإسناد فهو خطأ وفيه احتمالان

الاحتمال الأول: يكون الإسناد "عبد الملك الذماري عن ابن رمانة عن النعمان بن بزرج عن وبر بن يحنس" لأن ابن رمانة من شيوخ عبد الملك الذماري بلا أدنى ريب فيكون نظر الناسخ انتقل عند نسخ السند فحدث ما حدث ويؤيده ما قاله أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد الرازي في تاريخ مدينة صنعاء ط الفكر (ص127) عبد الرزاق قال: حمّاد بن سعيد بن رمانة قال: أخبرني بعض أشياخي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر وبر بن يحنّس الأنصاري حين أرسله إلى صنعاء والياً عليها فقال: ادعهم إلى الإيمان، فإن أطاعوا لك به فاشرع الصلاة، فإذا أطاعوا لك بها، فمُرْ ببناء المسجد لهم في بستان باذان من الصخرة التي في أصل غمدان واستقبل به الجبل الذي يقال له ضين.

فهنا لفظ ابن رمانة في ذكر بناء المسجد وجبل الضين وهو يوافق لفظ الطبراني

فيكون شيخ ابن رمانة هنا هو النعمان بن برزج لكن هذا مجرد ظن لأني لا أعلم لابن رمانة رواية عن النعمان بن بزرج وهل أدرك ابن رمانة النعمان بن بزرج وسمع منه أم لا؟

- حماد بن سعيد بن رمانة ويقال "محمد" بدل "حماد" والدليل قال عبد الرزاق أخبرنا محمد بن سعيد بن رمانة [وعند الفاكهي: محمد بن سعيد الصنعاني قال عبد الرزاق يقال: محمد بن سعيد، ويقال: حماد بن سعيد]، قال: أخبرني كثير بن أبي ‌زفاف، قال: أتيت ابن عمر أنا وقيس مولى الضحاك (مصنف عبد الرزاق ط التأصيل الثانية ج8/ص519 والفاكهي في أخبار مكة ط4 ج1/ص409-410)

ربما يقول قائل وما الدليل على أن ابن رمانة شيخ عبد الملك الذماري هو نفسه شيخ عبد الرزاق؟

فأقول أخرج ابن عساكر من طريق محمد بن عمر السمسار هو الصنعاني حدثنا عبد الملك ‌الذماري أنبأنا ابن ‌رمانة حدثنا كثير بن أبي الزفاف قال مر فيروز بن الديلمي يريد الشام إلى معاوية (تاريخ دمشق لابن عساكر ج49/ص5)


الاحتمال الثاني: يكون وجود "ابن رمانة" في السند غير محفوظ حيث يكون الناسخ قد خلط بين حديثين بإسناديهِ أو في حديث واحد يكون الطبراني أسرد له إسنادان الأول من طريق ابن رمانة والثاني من طريق النعمان بن بزرج فخلط الناسخ ويؤيد هذا أنه رواه غير أحمد بن يحيى الحلواني عن إبراهيم بن محمد بن عرعرة وفيه "سليمان بن وهب" بدل "ابن رمانة"

أخرجه ابن منده كما في الجامع لأبي موسى الرعيني (ج5/ص324) وابن السكن كما عند ابن حجر في الإصابة - والإسناد لابن منده - من طريق صالح بن محمد بن أبي الأشرس هو المعروف بصالح جزرة ثقة حافظ إمام نا إبراهيم بن محمد بن عرعرة نا عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري نا سليمان بن وهب عن النعمان بن بزرج أن وبرة بن يحنس قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قدمت صنعاء فأت مسجدها الذي بجبال الضبيل جبلا (1) بصنعاء فصل فيه.

هذا ليس فيه "ابن رمانة"

- (1) بعضهم قال "جبل" دون الألف في آخره

قال ابن حجر زاد ابن السكن في روايته. فلما قتل الأسود الكذاب قال وبر: هذا الموضع الذي أمرني به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أصنع فيه المسجد. قال ابن مندة: تفرد به الذماري.

قال محمد فوزي محمد السعدني محقق القسم الثالث من المعجم الأوسط للطبراني (متابعات للوجه الثاني: فقد تابع عبد الملك الذماري علي هذا الوجه: أبو نعيم. أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة عن سليمان بن وهب، عن النعمان بن بزرج، أن وبر بن يحنس قال: فذكره

قلت هذا وهم شديد فأبو نعيم الأصبهاني ليس متابعاً فيه للذماري وأبو نعيم الأصبهاني متأخر توفي سنة 430 هجري بينما عبد الملك الذماري فوفاته بين 190- 200 هجري فكيف يكون متابعاً له، بل أبو نعيم أخرجه من طريق الذماري عن سليمان بن وهب

قال أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة (ج5/ص2731-2732) وبر بن يخنس روى عنه النعمان بن بزرج حديثه عند عبد الملك الذماري حدثنا سليمان بن وهب، عن النعمان بن بزرج، أن وبر بن يخنس قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قدمت صنعاء فأت مسجدها الذي بحيال الضيئيل جبلا بصنعاء فصل فيه.

لم يسق أبو نعيم الأصبهاني إسناده إلى عبد الملك الذماري إنما علقه، ونضرب أمثلة لتعلم كم راوٍ بين أبي نعيم الأصبهاني وبين عبد الملك الذماري. قال أبو نعيم الأصبهاني حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا علي بن المبارك الصنعاني، ثنا يزيد بن المبارك، ثنا ‌عبد ‌الملك بن عبد الرحمن ‌الذماري. انتهى مثال آخر: قال أبو نعيم حدثنا أبو أحمد الغطريفي، ثنا عبد الله بن شيرويه، ثنا إسحاق الحنظلي، ثنا ‌عبد ‌الملك بن محمد ‌الذماري (حلية الأولياء ط السعادة ج1/ص331 وصفة الجنة لأبي نعيم الأصبهاني ج2/ص39)


والخلاصة هذا الحديث لا يصح وعلته عبد الملك الذماري ولا نعلم رواية لعبد الملك الذماري عن سليمان بن وهب غير هذه وإنما محمد بن الحسن بن أتش الصنعاني هو المشهور بالرواية عن سليمان بن وهب

تاريخ مدينة صنعاء لأبي العباس أحمد بن عبد الله بن محمّد الرازي ط الفكر (ص125) قال الوليد بن زيد، حدثنا محمد بن يعقوب (1)، قال: أخبرني عبد الرحمن بن هشام بن يوسف عن أبيه، قال وذكر إبراهيم بن عمر وغيره: إن الأبناء قتلوا الأسود الكذاب، وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم حائط باذان مسجداً ويجعل من الصخرة إلى مؤخر جدره فبناه وصلى لهم فيه.

- (1) قال محققه في بقية النسخ: «عوسجة»

مرسل معضل

- الوليد بن زيد لم أعرفه وربما يكون الوليد بن مزيد بالميم
- محمد بن يعقوب وفي بعض النسخ عوسجة قلت محمد بن عوسجة يروي عن عبد الرحمن بن هشام عن أبيه
- عبد الرحمن بن هشام بن يوسف لم أجد له ترجمة
- أبيه هو أبو عبد الرحمن هشام بن يوسف الأبناوي قاضي صنعاء
- إبراهيم بن عمر هو أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن كيسان الصنعاني اليماني


ولعبد الملك الذماري حديث آخر منكر يرويه عن الثوري

أخرجه الطبراني في الأوسط (ج1/ص236) وابن أبي الدنيا في إصلاح المال (ص21) من طريق إبراهيم بن محمد بن عرعرة قال: نا عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري قال: نا سفيان الثوري، عن أبي الجحاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ‌ذئبان ضاريان جائعان، باتا في زريبة غنم أغفلها أهلها، يفترسان ويأكلان بأسرع فيها فساداً من حب المال والشرف في دين المرء المسلم.

قال الهيثمي رواه ‌الطبراني في ‌الأوسط ‌وإسناده ‌جيد (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي ط القدسي ج10/ص250)

قلت إسناده ليس بجيد بل لا أصل له والهيثمي متساهل قال ابن أبي حاتم الرازي سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه قطبة بن العلاء، عن الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر؛ قال: قال رسول الله: ما ذئبان ضاريان في حظيرة قلت - القائل هو ابن أبي حاتم الرازي -: وروى هذا الحديث أيضاً عبد الملك الذماري، عن سفيان، عن أبي الجحاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، عن النبي مثله، أيهما أصح؟ فقالا: جميعاً واهيين والصحيح عن الثوري أنه بلغه عن النبي. قال أبو زرعة: لا أصل لحديث قطبة، ولا لحديث عبد الملك الذماري. قال ابن أبي حاتم الرازي: فسمعت أبي - يعني أبا حاتم الرازي - يقول: لم أزل أطلب أثر هذا الحديث حتى رأيت في كتاب عبد الصمد بن حسان، عن الثوري، قال: قال رسول الله، ورواه أيضاً قبيصة عن الثوري: قال: قال رسول الله. يعني أنه مرسل

هذا والله أعلم

الموضوع التالي الموضوع السابق
3 تعليقات
  • طالب علم
    طالب علم 2/26/2023

    اخي هل صح ان يزيد رضى بقتل يزيد أو شارك فيه أو أمر به ؟

    • شرير
      شرير 2/27/2023

      تقصد قتل الحسين رضي الله عنه

    • طالب علم
      طالب علم 3/01/2023

      نعم ، لم انتبه اني كتبت بزيد

إضافة تعليق
رابط التعليق