مدى صحة حديث إذا ‌حكمتم ‌فاعدلوا وإذا قتلتم فأحسنوا فإن الله محسن يحب المحسنين

عن أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ‌حكمتم ‌فاعدلوا وإذا قتلتم فأحسنوا، فإن الله محسن يحب المحسنين.

حكم الحديث: منكر من حديث أنس بن مالك بهذا اللفظ والصواب "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا ‌قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح" كما سيأتي

قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة: أخرجه ابن أبي عاصم في الديات وابن عدي في الكامل وأبو نعيم في أخبار أصبهان من طرق عن محمد ابن بلال حدثنا عمران عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره. - قال الألباني -: وهذا إسناد جيد رجاله ثقات معروفون غير محمد بن بلال وهو البصري الكندي قال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به وقال الحافظ: صدوق يغرب. انتهى

قلت إسناده ليس بجيد بل هو إسناد منكر غلط وهذا حديثان في حديث واحد بسبب الخلط وسوء الحفظ فإن قلت كيف؟

أقول أخرجه ابن عدي في الكامل (ج7/ص307) حدثنا ابن مكرم - هو أبو بكر محمد بن الحسين بن مكرم البغدادي -، حدثنا علي - هو أبو الحسن علي بن نصر بن علي الصغير -، حدثنا محمد - هو ابن بلال البصري الكندي -، حدثنا عمران القطان، عن قتادة عن أنس، لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس وصلى النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر في ثوب وقال إن ‌الله ‌محسن يحب الإحسان فإذا حكمتم فاعدلوا، وإذا قلتم (1) أحسنوا.

- (1) قلتم تصحيف وهو من القول والصواب "قتلتم" يعني من القتل

ففيه "أن نبي الله صلى الله عليه وسلم مرض وأمر أبا بكر أن يصلي بالناس وصلى النبي خلف أبي بكر في ثوب" وهذه قصة رواها الصحابي أنس أخرجها الترمذي في السنن ت بشار (ج1/ص390) من طريق ‌أنس، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه خلف أبي بكر قاعداً في ثوب ‌متوشحاً به.

وأما الشق الثاني "إن ‌الله ‌محسن يحب الإحسان فإذا حكمتم فاعدلوا وإذا قتلتم أحسنوا" فهو حديث رواه الصحابي شداد بن أوس أخرجه مسلم في صحيحه ط التركية (ج6/ص72) وغيره من طرق عن أبي قلابة، عن ‌أبي الأشعث، عن ‌شداد بن أوس قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا ‌قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته.

ولا أدري هل الخلط من محمد بن بلال أم من عمران القطان أم من كليهما فيكون سمعا الحديثين ثم عندما روياه، خلطا بين الاثنين فسيرا للحديثين إسناداً واحداً وأدخلا المتنين فيه فأصبحت حادثة أو قصة واحدة

- محمد بن بلال البصري قال العقيلي يهم في حديثه كثيراً وقال ابن عدي يغرب عن عمران القطان له عن غير عمران أحاديث غرائب وليس حديثه بالكثير وأرجو لا بأس به (الكامل لابن عدي ج7/ص308 والضعفاء الكبير للعقيلي ج4/ص37)

- عمران هو أبو العوام عمران بن داور- بالراء المهملة - القطان قلت يهم ويغلط في حديثه

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل وابن محرز كلاهما عن يحيى بن معين ضعيف وقال الدوري عن يحيى ليس بشيء (العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية ابنه عبد الله ج3/ص25 وتاريخ ابن معين رواية ابن محرز ج1/ص69 ورواية الدوري ج4/ص157)

وقال المروذي عن أحمد بن حنبل ليس بذاك وضعفه، وقال عبد الله عن أبيه أحمد بن حنبل أرجو أن يكون صالح الحديث. قلت قول أحمد بن حنبل "أرجو أن يكون صالح الحديث" لا يعني بذلك أنه ثقة أي قوي الحفظ بل هذا يعني أنه يغلط ولكنه في نفسه صدوق لا يكذب ولهذا يجب أن نميز بين عبارات الأئمة (العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية المروذي ت وصي الله عباس ص104 والعلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية ابنه عبد الله ج3/ص25)

وقال النسائي ضعيف، ومرة ليس بالقوي (الضعفاء والمتروكون للنسائي ص85 والسنن الكبرى للنسائي ط الرسالة )

وقال أبو داود السجستاني ضعيف (سؤالات الآجري لأبي داود ت الأزهري ط الفاروق ص142)

ونقل المزي أن الآجري سأل أبا داود عن عمران العمي فقال ما سمعت إلا خيراً هو من أصحاب الحسن قلت وهذا وهم فقول أبي داود ليس في عمران القطان بل هو آخر

وقال الدارقطني كثير الوهم والمخالفة (سؤالات الحاكم للدارقطني ص260) قلت ولو نظرت في علل الدارقطني رأيت أوهامه ومخالفاته


وقد رواه سعيد بن بشير عن قتادة ولم يذكر قصة مرض نبي الله

قال ابن أبي حاتم الرازي سألت أبي - يعني أبا حاتم الرازي - عن حديث رواه محمد بن بكار، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، عن رسول الله قال: إذا ذبحتم فأحسنوا، وإذا قتلتم فوحوا، فإن الله محسن يحب المحسنين؟ قال أبي: هذا وهم، إنما يروونه عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد، عن النبي (العلل لابن أبي حاتم ت الحميد ج4/ص518-519)


وروى البخاري في التاريخ الكبير ت المعلمي (ج1/ص43) عن محمد ‌بن ‌بلال البصري عن همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أو على خالتها.

قال البخاري ولا يصح فيه سمرة فانظر كيف يتفرد بأسانيد مغايرة لأسانيد الثقات فلا يخدعنك أن المتن صحيح

هذا والله أعلم

الموضوع التالي الموضوع السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق