مدى صحة أن عمر رأى أمة سترت وجهها فمنعها من ذلك وقال أتتشبهين بالحرائر

حديث عمر: أنه رأى أمة سترت وجهها، فمنعها من ذلك، وقال: أتتشبهين بالحرائر.

حكم الأثر: لا وجود له بهذا اللفظ مسنداً لكن ورد عن عمر في الأمة من تشبهها بالحرائر

محمد بن الحسن الشيباني في الآثار (ج1/ص611) أخبرنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضرب الإماء أن يتقنعن، يقول: لا تتشبهين بالحرائر. مرسل لكنه صحيح له طرق أخرى كما سيأتي

قال محمد بن الحسن الشيباني: وبه نأخذ لا نرى على الأمة قناعاً في صلاة ولا غيرها، وهو قول أبي حنيفة رضي الله عنه. قلت قوله "القناع" يعني الذي يغطي الشعر لأنه في الصلاة، ومعلوم أنه في الصلاة الوجه مكشوف إنما الأمر في الشعر، وأما قوله "ولا غيرها" يقصد يعني في الشارع وهكذا

وأخرج البيهقي في السنن الكبرى ط العلمية (ج2/ص320) أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب - هو الأصم الأموي ثقة حافظ -، ثنا أحمد بن عبد الحميد، ثنا أبو أسامة، عن الوليد يعني ابن كثير، عن نافع، أن ‌صفية ‌بنت ‌أبي ‌عبيد حدثته قالت: خرجت امرأة مختمرة متجلببة، فقال عمر رضي الله عنه: من هذه المرأة؟ فقيل له: هذه جارية لفلان رجل من بنيه فأرسل إلى حفصة رضي الله عنها فقال: من حملك على أن تخمري هذه الأمة وتجلببيها، وتشبهيها بالمحصنات حتى هممت أن أقع بها لا أحسبها إلا من المحصنات، لا تشبهوا الإماء بالمحصنات. إسناده صحيح

- أحمد بن عبد الحميد هو أبو جعفر ‌أحمد ‌بن ‌عبد ‌الحميد ‌بن خالد الحارثي الكوفي قال الدارقطني ثقة (انظر سؤالات الحاكم للدارقطني ص84)
- أبو أسامة هو أسامة بن حماد الكوفي ثقة ثبت
- الوليد بن كثير هو أبو محمد القرشي المخزومي سكن الكوفة ثقة

فأين ستر الوجه؟

عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل الثانية (ج3/ص407) عن ابن جريج، عن نافع، أن صفية بنت أبي عبيد حدثته، أن عمر رأى وهو يخطب الناس أمة خرجت من بيت حفصة تجوس الناس ملتبسة لباس الحرائر، فلما انصرف دخل على حفصة ابنة عمر، فقال: من المرأة التي خرجت من عندك تجوس الرجال؟ قالت: تلك جارية عبد الرحمن (1)، قال: فما يحملك أن تلبسي جارية أخيك لباس الحرائر؟ فقد دخلت عليك، ولا أراها إلا حرة فأردت أن أعاقبها. قال عبد الرزاق وكذلك رأيته في كتاب الثوري. صحيح

- (1) جارية عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب وقال مالك بن أنس هي جارية عبد الله بن عمر بن الخطاب قال يحيى بن يحيى الليثي في موطأ مالك ت عبد الباقي (ج2/ص981) حدثني مالك، أنه بلغه أن أمة كانت لعبد الله بن عمر بن الخطاب رآها عمر بن الخطاب وقد تهيأت بهيئة الحرائر، فدخل على ابنته حفصة فقال: ألم أر جارية أخيك تجوس الناس، وقد تهيأت بهيئة الحرائر وأنكر ذلك عمر.

عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل الثانية (ج3/ص407) عن معمر، عن أيوب، عن نافع، أن عمر رأى جارية خرجت من بيت حفصة متزينة عليها جلباب، أو من بيت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل عمر البيت، فقال: من هذه الجارية؟ فقالوا: أمة لنا أو قالوا: أمة لآل فلان (1) فتغيظ عليهم، وقال: أتخرجون إماءكم بزينتها، تفتنون الناس؟.

مرسل

- (1) هنا شك والصواب "أمة لنا"

أبو إسحاق إسماعيل بن جعفر المدني كما في حديث علي بن حجر (ص201) ثنا حميد - هو الطويل -، عن أنس، أنه قال: جاء عمر بن الخطاب إلى أهله لحاجة فإذا في منزله امرأة عليها جلباب متقنعة به، قال: فرجع حين رآها، قال: ثم عاد فوجدها لم تبرح، ثم عاد فوجدها قد ذهبت، فلما دخل قال لأهله: من هذه التي قد عنتنا منذ اليوم؟ فقالت له امرأته: يا أمير المؤمنين ما كان عليك منها هي أمة فلان، قال: فلما راح قال: أيها الناس لا تشبه الأمة بسيدتها.


قصة أخرى لعمر مع أمة أخرى

يحيى بن سلام في تفسيره (ج2/ص739) حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب رأى أمة عليها قناع فعلاها بالدرة وقال: اكشفي رأسك ولا تشبهي بالحرائر. صحيح وقتادة مدلس لكنه سمعه من أنس فقد رواه شعبة عن قتادة كما سيأتي

قلت القناع هنا هو غطاء الرأس بدليل قوله "اكشفي رأسك" ولو كان الوجه غير مكشوف لقال عمر "اكشفي رأسك ووجهك"

عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل الثانية (ج3/ص407) عن معمر، عن قتادة، عن أنس، أن عمر ضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة، قال: اكشفي رأسك، لا تشبهين بالحرائر. إسناده صحيح

ابن أبي شيبة في المصنف ت الشثري (ج4/ص353) حدثنا وكيع قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس قال: رأى عمر أمة لنا متقنعة فضربها وقال: لا تشبهي بالحرائر. إسناده صحيح

قال شعبة بن الحجاج: كفيتكم تدليس ثلاثة الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة (انظر تخريجه في هذه المقالة)

ابن أبي شيبة في المصنف ت الشثري (ج4/ص354) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن أنس قال: رأى عمر جارية متقنعة فضربها وقال: لا تشبهين بالحرائر. إسناده صحيح

- عبد الأعلى هو أبو محمد عبد ‌الأعلى ‌بن عبد الأعلى السامي

ابن أبي شيبة في المصنف ت الشثري (ج4/ص354) حدثنا علي بن مسهر عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال: دَخَلَت على عمر بن الخطاب أمة قد كان يعرفها لبعض المهاجرين أو الأنصار وعليها جلباب متقنعة به فسألها: عتقت؟ قالت: لا، قال: فما بال الجلباب؟ ضعيه عن رأسك إنما الجلباب على الحرائر من نساء المؤمنين فتلكأت فقام إليها بالدرة فضربها بها برأسها حتى ألقته عن رأسها. إسناده صحيح


ابن سعد في الطبقات الكبرى ط العلمية (ج7/ص91) ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج58191) أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا أبو خلدة قال: حدثنا المسيب بن دارم قال: رأيت عمر وفي يده درة فضرب رأس أمة حتى سقط القناع عن رأسها، قال: فيم الأمة تشبه بالحرة؟.

عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل الثانية (ج3/ص407) عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن حسن بن محمد أن عمر بن الخطاب كان ينهى الإماء أن يلبسن الجلابيب

ابن أبي شيبة في المصنف ت الشثري (ج4/ص355) حدثنا هشيم عن خالد عن أبي قلابة قال: وإن عمر بن الخطاب لا يدع في خلافته أمة تقنع قال: وقال عمر: إنما القناع للحرائر لكي لا يؤذين. مرسل

هذا والله أعلم

الموضوع التالي الموضوع السابق
4 تعليقات
  • عبد الله
    عبد الله 11/25/2022

    ماردك على قول ابن حجر العسقلاني " رأى عمر ابن الخطاب أمة سترت وجهها ... " وذكر رواية البيهقي في كتاب المطالب العالية لاحظ ذكره للوجه ؟

    • Ezzeddin Aykal
      Ezzeddin Aykal 11/25/2022

      أخي ابن حجر لا يقول إن هذه الرواية وردت ووثابتة إنما ابن ذكرت قبله فهو ينقل ثم نقل عن البيهقي ما هو قريب من سياق هذا الحديث

  • Mohamed
    Mohamed 6/12/2023

    اخي هناك رواية وجدتها في كتاب (ابراز الحق والصواب في مسألة السفور والحجاب) ص32
    نص الرواية: ((مرت بعمر خطاب جارية متنقبة فعلاها بالدرة وقال: يالكاع تتشبهين بالحرائر، القي القناع)) فما صحتها؟

    • Ezzeddin Aykal
      Ezzeddin Aykal 6/12/2023

      "متنقبة" من النقاب تصحيف صوابه "متقنعة" و "مقنعة" بدون حرف التاء روى هذا الثعلبي في تفسيره وأبو محمد البغوي في تفسيره
      قال أبو محمد البغوي: قال أنس: مرت بعمر بن الخطاب جارية متقنعة فعلاها بالدرة، وقال يالكاع أتتشبهين بالحرائر، ألقي القناع
      وقال الثعلبي قال أنس: مرت جارية لعمر بن الخطاب مقنعة فعلاها بالدرة وقال: يا لكاع أتشبهين بالحرائر، ألقي القناع
      وقال السيوطي في جامع الأحاديث عن أنس قال: رأى عمر أمة لنا متقنعة فضربها وقال لا تشبهى بالحرائر ألقى القناع (ابن أبى شيبة، وعبد بن حميد). انتهى كلام السيوطي

إضافة تعليق
رابط التعليق