مدى صحة نقاش نافع الأزرق مع ابن عباس في الهدهد

السلام عليكم وبعد

1) سعيد بن جبير عن ابن عباس

أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده كما عند ابن المحب الصامت في صفات رب العالمين (ج5/ص215) ومن طريقه الحاكم في المستدرك ط العلمية (ج2/ص440) وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ت الشثري (ج17/ص507) وأخرجه الطبري في تفسيره ت شاكر (ج19/ص441) من طريق أبي السائب سلم بن جنادة الكوفي وأخرجه المقدسي في الأحاديث المختارة (ج10/ص382) وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج22/ص266) من طريق أحمد بن عمر الوكيعي أربعتهم عن أبي معاوية الضرير، ثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: كان سليمان بن داود يوضع له ست مائة ألف كرسي، ثم يجيء أشراف الإنس حتى يجلسوا مما يليه، ثم يجئ أشراف الجن حتى يجلسون مما يلي الإنس، ثم يدعو الطير فيظلهم، ثم يدعو الريح فتحملهم، فيسير في الغداة الواحدة مسيرة شهر فبينما هو يسير في فلاة إذ احتاج إلى الماء فجاء الهدهد فجعل ينقر الأرض فأصاب موضع الماء، فجاءت الشياطين فسلخت ذلك الموضع كما تسلخ الإهاب فأصابوا الماء فقال نافع بن الأزرق له: قف يا وقاف، أرأيت الهدهد كيف يجيء فينقر الأرض فيصيب موضع الماء ويجئ إلى الفخ [زاد البقية: وهو يبصره] حتى يقع في عنقه؟ فقال: إن القدر إذا جاء حال دون البصر.

رجاله ثقات سوى الأعمش فأنه مدلس وقد عنعن والمنهال بن عمرو جيد الحديث لكن له أوهام وقد خولف في إسناده في قوله (كان سليمان بن داود يوضع له ست مائة ألف كرسي....)

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ت كمال (ج6/ص336) عن وكيع بن الجراح وابن المبارك في الزهد (ج2/ص59) كلاهما عن سفيان - هو الثوري -، عن ضرار بن مرة [وعند ابن المبارك: أبو سنان الشيباني]، عن سعيد بن جبير، قال: كان سليمان يوضع له ستمائة ألف كرسي.

هكذا موقوفاً على سعيد بن جبير من قوله وهذا إسناد صحيح وضرار ثقة ثبت وهو أثبت من المنهال بن عمرو وقد توبع سفيان الثوري تابعه سفيان بن عيينة لكن خالفه في عدد الكراسي أخرجه ابن أبي حاتم الرازي في التفسير ط مصطفى الباز (ج9/ص2855) وإسحاق السبتي في تفسيره (ج2/ص6) من طريق محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج22/ص266) من طريق أبي عبيد الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي كلاهما عن سفيان - هو ابن عيينة -، عن أبي سنان - هو ضرار بن مرة -، عن سعيد بن جبير قال: كان يوضع لسليمان ثلاثمائة ‌ألف ‌كرسي، فيجلس مؤمنو الإنس مما يليه ومؤمنو الجن من ورائهم، ثم يأمر الطير فتظله، ثم يأمر الريح فتحمله قال سفيان [زاد السبتي: وزاد فيه آخر] فيمرون على السنبلة فلا يحركونها.


2) يوسف بن ماهك عن ابن عباس

أخرجه سعيد بن منصور في سننه ط الألوكة (ج6/ص504) والبيهقي في القضاء والقدر (ص220) من طريق عفان بن مسلم كلاهما عن أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، قال: قال ابن عباس: الهدهد يعرف بعد مسافة الماء في الأرض فقال له نافع بن الأزرق: قف قف يا ابن عباس! الهدهد يعرف بعد مسافة الماء في الأرض وهو ينصب له الفخ، فيذر عليه التراب مثل الذريرة [وعند البيهقي: الحريرة]، ثم يجيء حتى يأخذ الفخ بعنقه؟! فقال ابن عباس: قاتلك الله يا وقاف! أردت أن تقول: قال ابن عباس وقلت! إنما ينفع الحذر ما لم يأت القدر [وعند البيهقي: إن البصر ينفعك ما لم يأت القدر]، فإذا جاء القدر حال دون البصر.

إسناده صحيح وهو أصح شيء وأبو بشر هو جعفر بن أبي وحشية إياس اليشكري

وقد توبع أبو عوانة اليشكري أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ط مصطفى الباز (ج9/ص2859) حدثنا أبو زرعة، ثنا صفوان بن صالح، ثنا الوليد، ثنا سعيد بن بشير، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية، عن يوسف بن ماهك، أنه حدثهم: أن ابن الأزرق يعني نافعاً صاحب الأزارقة كان يأتي عبد الله بن عباس، فإذا أفتى ابن عباس فيرى هو أنه ليس بمستقيم، يقول له قف من أين أفتيت بكذا وكذا ومن أين كان؟ فيقول ابن عباس، أوقات من كذا، وكذا حتى ذكر يوماً الهدهد فقال: قف كيف تزعم أن الهدهد يرى ماسفة الماء من تحت الأرض وقد يذر على الفخ التراب، فيصطاد؟ فقال ابن عباس، لولا أن يذهب هذا فيقول كذا وكذا فرددت عليه لم قال له شيئاً، إن البصر ينفع ما لم يأت القدر، فإذا جاء القدر حال دون البصر، فقال ابن الأزرق: لا أجادلك بعدها في شيء من كتاب الله، أو قال في شيء.


3) عكرمة عن ابن عباس

أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في السنة (ج2/ص412 وص424) من طريق أبيه أحمد بن حنبل وابن أبي حاتم في تفسيره ط مصطفى الباز (ج9/ص2859) من طريق أبي سعيد الأشج كلاهما عن وكيع بن الجراح، نا أسامة بن زيد، عن عكرمة، قال: سئل ابن عباس، كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير؟ قال: إن سليمان صلوات الله عليه، نزل منزلاً فلم يدر ما بعد الماء، وكان الهدهد مهندساً، قال: فأراد أن يسأله عن الماء ففقده، قلت: وكيف يكون مهندساً والصبي ينصب له الحبالة فيصيده، قال: إذا جاء القدر حال دون البصر.

- أسامة بن زيد الليثي صدوق في حفظه كلام

ابن أبي عاصم في السنة (ج1/ص106) ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ط مصطفى الباز (ج9/ص2860) واللفظ والإسناد له ثنا أبي، ثنا أبي، حدثنا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل، ثنا أبي عمرو بن الضحاك بن مخلد، [ثنا أبي (1)]، أنبأ شبيب بن بشر، عن عكرمة قال: كان الهدهد دليل سليمان عليه السلام على الماء، فقال ابن الأزرق وهو يجادله: كيف يبصر الماء في الأرض، وأنا أنصب لها فخاً أرق [وعند ابن أبي عاصم: أدق بالدال] من قميصي هذا فلا يشعر به حتى يقع في عنقه فقال ابن عباس: ويحك يا ابن الأزرع إن الهدهد لينفعه الحذر ما لم يأت الأجل فإذا جاء الأجل لا ينفعه الحذر، حال القدر دون النظر.

 - (1) وقع "أبي" من إسناد ابن أبي حاتم

- شبيب بن بشر هو البجلي ضعيف قال البخاري منكر الحديث (علل الترمذي ص392) وقال أبو حاتم الرازي هو لين الحديث حديثه حديث الشيوخ (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج4/ص357) وقال ابن حبان يخطىء كثيراُ (الثقات لابن حبان ج4/ص359) وقال ابن معين ثقة (تاريخ ابن معين رواية الدوري ج4/ص85)

وأخرجه الحاكم في المستدرك ط العلمية (ج2/ص440) من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (ج4/ص743) من طريق إسحاق بن راهويه كلاهما عن سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد، عن الزبير بن الخريت، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان الهدهد يدل سليمان على الماء فقلت: وكيف ذاك والهدهد ينصب له الفخ يلقى عليه التراب؟ فقال: أَهْنَكَ الله [وعند اللالكائي: أَعَضَّكَ الله] بهن أبيك أولم يكن إذا جاء القضاء ذهب البصر؟.

إسناده صحيح

- الزبير بن الخريت بصري قال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين والدارقطني ثقة (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج3/ص581 وسؤالات البرقاني للدارقطني ت القشقري ص25)


4) مجاهد عن ابن عباس

أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ط مصطفى الباز (ج9/ص2859) حدثنا أبي، ثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي، ثنا وهيب أنبأ ابن خيثم، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: أتدرون كيف تفقد سليمان الهدهد، كان سليمان إذا كان في فلاة الأرض دعا الهدهد، فقال نافع بن الأزرق، يا ابن عباس، فإن الصبيان يأخذون الخيط فيدفنونه فيجيء الهدهد فيدخل رقبته فيه فيأخدونه فقال: ويحك يا نافع، ألم تعلم أنه إذا جاء القدر، ذهب الحذر.

- وهيب هو وهيب بن خالد البصري الباهلي ثقة مشهور
- ابن خيثم هو عبد الله بن عثمان بن خثيم البصري صدوق في حفظه كلام ولكنه قد توبع تابعه عطاء بن السائب

أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ط مصطفى الباز (ج9/ص2855) ذكر أبي - يعني أبا حاتم الرازي - ثنا القاسم بن الحارث المروزي، أنبأ عبدان، عن أبي حمزة، عن عطاء بن السائب، عن مجاهد، عن ابن عباس: أن سليمان كان يضع سريره، ثم يضع الكرسي، عن يمينه وشماله فيأذن للإنس، ثم يأذن للجن فيكونون خلف الإنس، ثم يأذن للشياطين فيكونون خلف الجن، ثم يرسل إلى الريح فتأتيه فتحملهم وتظله الطير فوقه وهو على سريره وكراسيه يسير بهم غدوة الراكب، إلى أن يشتهي المنزل شهراً، ثم تروح بهم مثل ذلك.

- القاسم بن الحارث المروزي هو القاسم بن محمد بن الحارث قال أبو حاتم الرازي صدوق (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج7/ص120)
- عبدان لقب واسمه عبد الله بن عثمان المروزي العتكي ثقة
- أبو حمزة هو محمد بن ميمون السكري المروزي

الطبري في تاريخه (ج1/ص489) حدثني العباس ابن الوليد الآملي، قال: حدثنا علي بن عاصم، قال: حدثنا عطاء بن السائب، قال: حدثني ‌مجاهد، عن ابن عباس، قال: كان سليمان بن داود إذا سافر أو أراد سفرا قعد على سريره، ووضعت الكراسي يميناً وشمالاً، فيأذن للإنس، ثم يأذن للجن عليه بعد الإنس، فيكونون خلف الإنس، ثم يأذن للشياطين بعد الجن فيكونون خلف الجن، ثم يرسل إلى الطير فتظلهم من فوقهم، ثم يرسل إلى الريح فتحملهم وهو على سريره، والناس على الكراسي فتسير بهم، غدوها شهر ورواحها شهر، رخاء حيث أصاب، ليس بالعاصف ولا اللين وسطاً بين ذلك فبينما سليمان يسير وكان سليمان اختار من كل طير طيراً، فجعله رأس تلك الطير، فإذا أراد أن يسائل شيئاً من تلك الطير عن شيء سأل رأسها فبينما سليمان يسير إذ نزل مفازة فسال عن بعد الماء هاهنا، فقال الإنس: لا ندري، فسأل الجن فقالوا: لا تدرى، فسأل الشياطين، فقالوا: لا ندري فغضب سليمان فقال: لا أبرح حتى أعلم كم بعد مسافة الماء هاهنا! قال: فقالت له الشياطين: يا رسول الله لا تغضب، فإن يك شيئا يعلم فالهدهد يعلمه، فقال سليمان: علي بالهدهد، فلم يوجد، فغضب سليمان فقال: {ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذاباً شديداً أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين}، يقول: بعذر مبين لم غاب عن مسيري هذا؟ وكان عقابه للطير أن ينتف ريشه ويشمسه فلا يستطيع أن يطير، ويكون من هوام الأرض إن أراد ذلك، أو يذبحه، فكان ذلك عذابه.

إسناده ليس بشيء ضعيف وهذا أسوء من أقول "إسناده ضعيف"

- ‌العباس ‌بن ‌الوليد الآملي مجهول

- علي بن عاصم ليس بشيء ضعيف

الفريابي في القدر (ص236) والطبراني في مسند الشاميين (ج2/ص356) من طريق إبراهيم بن محمد بن عرق كلاهما (الفريابي وابن عرق) عن محمد بن مصفى، حدثنا بقية، حدثني أبو بكر بن أبي مريم، عن علي بن أبي طلحة، أن نافع بن الأزرق مر بابن عباس وهو يحدث، يقول: كان سليمان بن داود إذا ما نزل دعى الهدهد، فبحث الأرض، فدله على الماء، وكانت معرفته إذا كانت الأرض تربد علم أن الماء قريب منها، فأمرهم فحفروا، فاستخرجوا الماء، فقال له نافع بن الأزرق: ألا تخاف الله يا ابن عباس، إن الهدهد لصلالة بالحبة فوق الأرض [وعند الطبراني: الهدهد توضع له الجنة فوق الأرض]، فلا يعلم حتى لوحد في رقبته [وعند الطبراني: حتى يؤخذ برقبته]، وأنت تزعم أنه يخبرهم بما تحت الأرض، فقال ابن عباس: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قد ينفع الحذر ما لم يبلغ القدر، فإذا بلغ القدر لم ينفع الحذر، وحال القدر دون النظر فقال ابن عباس: يا ابن الأزرق أردت أن تقول: مررت بابن عباس، فرددت قوله فلم يخرج منه [وعند الطبراني: فرددت إليه قوله فلم يجد له مخرجاً].

غلط رفعه إلى النبي إنما هذا من قول ابن عباس وعلته أبو بكر بن أبي مريم فهو ضعيف وعلي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس

ابن أبي عاصم في السنة (ج1/ص106) ثنا ابن مصفى، ثنا بقية، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قد ينفع الحذر ما لم يبلغ القدر، فإذا جاء القدر حال دون النظر.

غلط رفعه إلى النبي إنما هذا من قول ابن عباس وعلته أبو بكر بن أبي مريم فهو ضعيف وعلي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس


5) محمد بن راشد التيمي مرسلاً معضلاً

يحيى بن سلام في تفسيره (ج2/ص538) حدثني محمد بن راشد التيمي، أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس: لم تفقد سليمان الهدهد؟ قال: إنهم كانوا إذا سافروا نقر لهم الهدهد عن أقرب الماء في الأرض، فقال نافع بن الأزرق: وكيف يعلم أقرب الماء في الأرض، ولا يعلم بالفخ حتى يأخذ بعنقه؟ قال ابن عباس: أما علمت أن الحذر لا يغني مع القدر شيئاً؟.


6) أبو مجلز لاحق بن حميد عن ابن عباس

أخرجه الطبري في تفسيره ت شاكر (ج19/ص440-441) حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت عمران عن أبي مجلز، قال: جلس ابن عباس إلى عبد الله بن سلام، فسأله عن الهدهد: لم تفقده سليمان من بين الطير فقال عبد الله بن سلام: إن سليمان نزل منزلة في مسير له، فلم يدر ما بعد الماء، فقال: من يعلم بعد الماء؟ قالوا: الهدهد، فذاك حين تفقده. قال الطبري حدثنا محمد، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا عمران بن حدير، عن أبي مجلز، عن ابن عباس وعبد الله بن سلام بنحوه.

رجاله ثقات

- ابن عبد الأعلى هو محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ثقة
- عمران بن حدير ثقة
- أبو مجلز هو لاحق بن حميد ثقة

هذا والله الموفق

الموضوع التالي الموضوع السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق