مدى صحة زيادة إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم في حديث ما جلس قوم مجلسا

ما صحة زيادة "إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم" وفي لفظ "إن شاء عفا عنهم، وإن شاء أخذهم" التي في آخر حديث "ما جلس قوم مجلساً فأطالوا الجلوس ثم تفرقوا قبل أن يذكروا الله عز وجل و يصلوا على نبيهم إلا كانت عليهم من الله ترة، إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم".

حكم الزيادة: منكرة ضعيفة وسيأتي عن صحابة آخرين وموقوفاً على على بعض الصحابة وليس فيه هذه الزيادة

[1] حديث أبي هريرة

أخرجها الترمذي في السنن ت بشار (ج5/ص391) وأحمد بن حنبل في المسند ط الرسالة (ج16/ص193-194) من طريق ‌عبد الرحمن بن مهدي زاد أحمد مؤمل بن إسماعيل وأخرجه الطبراني في الدعاء (ص538) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين الملائي وأخرجه عبد الله بن المبارك في الزهد (ج1/ص342) وأخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة (ص53) من طريق محمد بن كثير العبدي وأخرجه البيهقي في الدعوات الكبير (ج1/ص251) من طريق محمد بن يوسف الفريابي ‌كلهم عن سفيان الثوري، عن ‌صالح [زاد ابن المبارك: ابن نبهان] مولى التوأمة، عن ‌أبي هريرة [وعند ابن المبارك: أنه سمع أبا هريرة]، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه، ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم [ولفظ أحمد وابن المبارك ومحمد بن كثير الفريابي: إن شاء عفا عنهم، وإن شاء أخذهم]. 

قال الترمذي هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة، عن النبي ومعنى قوله: ترة، يعني: حسرة وندامة وقال بعض أهل المعرفة بالعربية: الترة هو الثأر.

قلت سفيان الثوري سمع من صالح مولى التوأمة بعد الاختلاط فحديثه ضعيف والدليل قال سفيان بن عيينة لقيت صالحاً مولى التوأمة سنة خمس أو ست وعشرين ومائة أو نحوها، وقد تغير ولقيه الثوري بعدي فجعلت أقول له أسمعت من ابن عباس؟ أسمعت من أبي هريرة؟ أسمعت من فلان؟ فلا يجيبني بها فقال شيخ عنده إن الشيخ قد كبر ومرة قال سفيان بن عيينة لقينا صالحاً مولى التوأمة وهو مختلط (الضعفاء الكبير للعقيلي ج2/ص204 والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج4/ص417) وقال يحيى بن معين سفيان الثوري إنما أدركه بعد أن خرف فسمع منه سفيان أحاديث منكرات وذلك بعد ما خرف (الكامل لابن عدي ج5/ص85)

فصالح كان مختلطاً سنة 125 أو 126 هجري

وقد توبع سفيان الثوري تابعه عمارة بن غزية الأنصاري

أخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي (ص66) من طريق عباس بن الوليد النرسي والفظ له والطبراني في الدعاء (ص538) من طريق مسدد بن مسرهد وابن السني في عمل اليوم والليلة (ص398) من طريق سوار بن عبد الله العنبري القاضي والبيهقي في شعب الإيمان ط الرشد (ج3/ص132-133) من طريق عبيد الله بن عمر الجشمي أربعتهم عن بشر بن المفضل، حدثنا عمارة بن غزية، عن [وعند البيهقي: حدثني] صالح مولى التوأمة، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جلس قوم مجلساً [وعند الطبراني وابن السني والبيهقي: أيما قوم جلسوا] فأطالوا الجلوس ثم تفرقوا قبل أن يذكروا الله عز وجل أو [وعند الطبراني وابن السني والبيهقي: "و" بدل "أو" (1)] يصلوا على نبيهم إلا كانت عليهم من الله ترة، إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم.

- (1) قلت "أو" تصحيف والصواب "و" كما عند البقية

وقد توبع بشر بن المفضل

أخرجه قاسم السرقسطي في الدلائل في غريب الحديث (ج1/ص120) حدثنا أحمد بن مالك الشعيري، قال: نا محمد بن بكار، قال: نا عبيدة بن حميد، قال: نا عمارة بن غزية المدني به وفي آخره إلا كانت عليهم من الله ترحة إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم.

وأخرجه أبو بكر بن المقرئ في الثالث عشر من فوائده (ص186) من طريق بشر بن الوليد، ثنا إسماعيل يعني ابن عياش، عن عمارة بن غزية الأنصاري به وفي آخره إلا كان ذلك المجلس ترة عليهم من الله عز وجل يوم القيامة، إن شاء رحمهم وإن شاء عذبهم.

وأخرجه الطبراني في الدعاء (ص538) من طريق مهران الرازي، ثنا الحكم بن بشير، عن عمرو بن قيس يعني الملائي، عن عمارة بن غزية، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما جلس قوم قط مجلساً فطال مجلسهم ثم تفرقوا لم يذكروا الله عز وجل ويصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان لله عز وجل عليهم فيه ترة إن شاء عذبهم وإن شاء رحمهم.

فكما ترى رواه سفيان الثوري وسماعه من صالح بعد الاختلاط وعمارة بن غزية توفي بين 134 و140 هجري وصالح كان قد اختلط سنة 125 فلا ندري سماعه منه قبل أو بعد الاختلاط

وقد خولف الثوري وعمارة بن غزية خالفها زياد بن سعد الخراساني ثقة ثبت وابن أبي ذئب ولم يذكرا الزيادة وسماعهما من صالح أفضل من سماع الثوري وعمارة بن غزية

أما رواية زياد بن سعد الخراساني فقد أخرجها أحمد بن حنبل في المسند ط الرسالة (ج16/ص265) وأبو طاهر في المخلصيات (ج4/ص134) من طريق محمد بن عبدك ‌كلاهما عن حجاج بن محمد المصيصي، قال: قال ابن جريج، أخبرني زياد بن سعد، أن صالحاً مولى التوأمة أخبره أنه، سمع أبا ‌هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قعد القوم في المجلس، ثم قاموا ولم يذكروا الله فيه، كانت عليهم فيه حسرة يوم القيامة [ولفظ ابن عبدك: كانت حسرة عليهم يوم القيامة].

- أبو عبد الرحمن زياد بن سعد الخراساني قال ابن عدي والسماع القديم منه سمع منه بن أبي ذئب وابن جريج وزياد بن سعد وغيرهم ممن سمع منه قديماً (الكامل في ضعفاء الرجال ج5/ص88)

قلت فلا أدري ما أقول في زياد بن سعد وذلك أن ابن عدي جمعهم في سياق واحد وابن أبي ذئب نص البخاري على اختلاطه كما سيأتي

وأما رواية ابن أبي ذئب فقد أخرجها أحمد بن حنبل في المسند ط الرسالة (ج16/ص265) من طريق ‌حجاج بن محمد المصيصي ويزيد بن هارون وأخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (ج4/ص71-73) وأخرجه أبو محمد البغوي في شرح السنة (ج5/ص28) من طريق أسد بن موسى أربعتهم عن ابن أبي ذئب، عن ‌صالح مولى التوأمة، عن أبي ‌هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه، ولم يصلوا على نبيهم، إلا كان عليهم ترة.

ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي (ص65) حدثنا يعقوب بن حميد، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

قال يحيى بن معين ابن أبي ذئب سمع منه قبل أن يخرف (الكامل لابن عدي ج5/ص85) لكن خولف يحيى بن معين في قوله هذا خالفه البخاري حيث قال البخاري ابن أبي ذئب ما أرى أنه سمع من صالح قديماً يروي عنه مناكير ومرة قال ابن أبي ذئب سماعه من صالح أخيراً ويروي عنه مناكير (العلل الكبير للترمذي ص291 وص34)

ولعل الأمر أن ابن أبي ذئب سمع منه قبل وبعد الاختلاط قلت فعلى هذا نتوقف في حديثه لكن حديثه أحسن حالاً من الثوري وغيره

فالخلاصة سفيان الثوري جزماً سمع من صالح بعد الاختلاط وأما عمارة فلا أعلم نصاً فيه من المتقدمين وأما زياد بن سعد فقد نص ابن عدي أنه سمع من صالح قبل الاختلاط وأما ابن أبي ذئب فقد اختلف عليه وهو عندي سمع من صالح قبل الاختلاط وبعده أيضاً لكن طالما هنا وافق زياد بن سعد فقد قويت الحجة

ومما يقوي ضعف هذه الزيادة أن هذا الحديث رواه غير صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة ليس فيها هذه الزيادة وكمثال

قال أحمد بن حنبل في مسنده ط الرسالة (ج16/ص43) حدثنا عبد الرحمن - هو ابن مهدي -، عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح - هو ذكوان السمان -، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما قعد قوم مقعداً لا يذكرون فيه الله عز وجل، ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، إلا كان عليهم ‌حسرة ‌يوم ‌القيامة، وإن دخلوا الجنة للثواب.

كذا الصحابي هو أبو هريرة لكن أخرجه إسماعيل بن إسحاق القاضي في فضل الصلاة على النبي (ص54) حدثنا عاصم بن علي، وحفص بن عمر، وسليمان بن حرب، قالوا: ثنا شعبة، عن سليمان، عن ذكوان، عن أبي سعيد قال:‌‌ ما من قوم يقعدون ثم يقومون ولا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم يوم القيامة حسرة، وإن دخلوا الجنة للثواب. وهذا لفظ الحوضي

وأخرجه ابن أبي عاصم في الصلاة على النبي (ص65) حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا حجاج بن محمد، عن شعبة، عن الأعمش، عن ذكوان، عن أبي سعيد، قال: ما جلس قوم مجلساً لا يصلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم حسرة، وإن دخلوا الجنة لما يرون من الثواب.

وأيضاً روي الحديث عن جماعة من الصحابة عن النبي ليس فيه هذه الزيادة


[2] حديث أبي أمامة

الطبراني في الدعاء (ص537) حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي، ثنا سعيد بن عمرو السكوني، ثنا إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن الحارث الذماري، عن القاسم، عن أبي أمامة، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من قوم جلسوا مجلسا ثم قاموا لم يذكروا الله عز وجل ولم يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان ذلك المجلس عليهم ترة.

حديث عبد الله بن مغفل ويقال هو حديث عبد الله بن عمرو

أحمد بن حنبل في المسند ط الرسالة (ج11/ص663) حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا شداد أبو طلحة الراسبي، سمعت أبا الوازع جابر بن عمرو، يحدث، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من قوم جلسوا مجلسا لم يذكروا الله فيه، إلا رأوه حسرة يوم القيامة.

البيهقي في شعب الإيمان ط الرشد (ج2/ص71) والطبراني في الدعاء (ص537) كلاهما من طريق مسلم بن إبراهيم، حدثنا شداد ابن سعيد أبو طلحة الراسبي، حدثنا أبو الوازع جابر بن عمرو، عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من قوم اجتمعوا في مجلس فتفرقوا ولم يذكروا الله عز وجل إلا كان ذلك عليهم حسرة يوم القيامة.


[3] حديث جابر بن عبد الله الأنصاري

أبو داود الطيالسي في مسنده (ج3/ص314) والطبراني في الدعاء (ص539) من طريق سهل بن عثمان، ثنا وكيع كلاهما (أبو داود ووكيع) عن ‌يزيد بن إبراهيم التستري، عن ‌أبي الزبير، عن ‌جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، إلا قاموا عن أنتن ‌جيفة. ولفظ وكيع ما من قوم اجتمعوا في مجلس ثم تفرقوا ولم يذكروا الله تعالى ولم يصلوا على نبيهم صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة.


[4] عبد الله بن عمرو بن العاص موقوفاً وليس فيه الزيادة

أخرجه أحمد بن حنبل في الزهد (ص123) وأبو علي بن المنذر الطريقي في الدعاء للضبي (ص260) وأبو الليث السمرقندي في تفسيره من طريق إبراهيم بن يوسف ثلاتتهم عن أبي عبد الرحمن محمد بن فضيل الضبي وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (ج19/ص396) من طريق عباد بن العوام كلاهما (محمد بن فضيل وعباد) عن حصين، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو قال: ما اجتمع ملأ يذكرون الله إلا ذكرهم الله في ملأ أعز منهم وأكرم، وما تفرق قوم لم يذكروا الله عز وجل في مجلسهم إلا كان حسرة عليهم يوم القيامة.

إسناده صحيح

- حصين هو أبو الهذيل حصين بن عبد الرحمن السلمي الكوفي

هذا والله أعلم

الموضوع التالي الموضوع السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق