مدى صحة قال علي بن أبي طالب لا تكن ممن يرجو الآخرة بلا عمل

قال رجل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه عظني قال: لا تكن ممن يرجو الآخرة بلا عمل ويرجو التوبة بطول الأمل.

حكم الأثر: ضعيف جداً وقد روي أن الله قال هذا لنبيه داود وروي أيضاً هذا عن عون الهذلي من قوله كما سيأتي

قلت قبل أن أبدأ أقول صح عن علي بن أبي طالب في شيء يشبهه حيث قال علي بن أبي طالب: إن أخوف ما أتخوف عليكم اثنتين: اتباع الهوى وطول الأمل فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق وأما طول الأمل فينسي الآخرة وارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل. (انظر تخريجه في هذه المقالة بالتفصيل)

والآن نبدأ

أما ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه

أخرجه ابن النجار كما عند المتقي الهندي في كنز العمال (ج16/ص205) والسيوطي في جامع الأحاديث (ج30/ص429) من طريق عبد الملك بن قريب قال: سمعت العلاء بن زياد الأعرابي يقول سمعت أبي يقول صعد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب منبر الكوفة بعد الفتنة وفراغه من النهروان فحمد الله وخنقته العبرة فبكى حتى اخضلت لحيته بدموعه وجرت ثم نفض لحيته فوقع رشاشها على ناس من الناس فكنا نقول إن من أصابه من دموعه فقد حرمه الله على النار ثم قال يا أيها الناس لا تكونوا ممن يرجو الآخرة بغير عمل ويؤخر التوبة بطول الأمل. وهو أثر طويل

وهذا إسناد ضعيف جداً العلاء بن زياد الأعرابي وأباه مجهولان

أما ما روي عن أن الله عز وجل قاله لداود النبي صلى الله عليه وسلم أو بعض الحكماء قاله لابنه

حكم الأثر: ضعيف جداً

أخرجه ابن أبي الدنيا في التوبة (ص53) ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان ط الرشد (ج9/ص371) حدثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه، قال: قال رجل من العباد لابنه: يا بني لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة بطول الأمل.

وهذا إسناد ساقط ضعيف جداً

- عبد المنعم بن إدريس هو ابن سنان اليماني متروك الحديث متهم بالكذب ولم يسمع من أبيه والدليل أسرد ابن أبي حاتم في ترجمته بإسناد صحيح عن إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني أنه قال مات أبو عبد المنعم عندنا باليمن وعبد المنعم يومئذ رضيع (انظر الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج6/ص67)
- أبيه هو إدريس بن سنان ضعيف

وقد توبع إدريس بن سنان اليماني لكن لفظه فيه أن الله هو الذي قال هذا الكلام لنبيه داود

أخرجه السبكي في معجم شيوخه (ص230-232) بتصرف أخبرنا الشيخ الفقيه الإمام زين الدين أبو محمد عبد الرحيم بن إبراهيم بن كاميار القزويني الأصل ثم الدمشقي قراءة عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن علي بن عبد الواحد ابن خطيب القرافة إجازة، قال: أنبأنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني، قال: أخبرنا أبو مطيع محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز المصري الصحاف بأصبهان في شهر الله المبارك من سنة إحدى وتسعين وأربع مئة، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أبي نصر محمد بن محمد بن الحسن بن سليمان المعداني الواعظ إملاء في المحرم سنة ست عشرة وأربع مئة، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر - هو أبو محمد بن حيان المعروف بأبي الشيخ -، قال: وفيما قرئ على علي بن سعيد فأقر به، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يزيد، قال: حدثني عمير بن مودود، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عتاب بن بشير، عن خصيف بن عبد الرحمن، عن وهب بن منبه، قال: قرأت في الزبور فوجدت في اثنين وثلاثين سطراً من الزبور يقول الله تبارك وتعالى لداود عليه السلام: لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة بطول الأمل، فتقول في الدنيا بقول الزاهدين، وتعمل فيها بعمل الراغبين.

وهذا إسناد ضعيف جداً عمير بن مودود وأباه مجهولان وفيه عتاب بن بشير ضعيف قال أحمد بن حنبل أحاديث عتاب عن خصيف منكرة (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج7/ص13) وقال ابن عدي وعتاب بن بشير هذا روى عن خصيف نسخة وفي تلك النسخة أحاديث ومتون أنكرت عليه فمنها روى عن خصيف عن مقسم عن عائشة حديث الإفك وزاد فيه ألفاظاً لم يقلها إلا عتاب عن خصيف ومع هذا فإني أرجو أنه لا بأس به (الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي ج7/ص65)

وأما ما روي عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي من قوله

حكم الأثر: جيد

أخرجه أحمد بن يحيى البلاذري في أنساب الأشراف (ج11/ص238-239) وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء (ج4/ص255) من طريق أبي جعفر أحمد بن الحسين بن نصر الحذاء العسكري كلاهما (البلاذري والحذاء) عن أحمد بن إبراهيم [زاد أبو نعيم: الدورقي]، حدثني يحيى بن معين، ثنا الحجاج بن محمد عن [زاد أبو نعيم: عبد الرحمن] المسعودي عن عون أنه كان يقول في بكائه وذكر خطيئته [وفيه يخاطب نفسه ويقول] دعيت للخير تكسلين، ويحك لم تقولين في الدنيا قول الزاهدين، ولا تعملين للآخرة عمل الراغبين، يا نفس أترجين أن يرضى وأنت لا ترضين، مالك إن سألت تكثرين، وإن أنفقت تقترين، ترجين الآخرة بغير عمل وتؤخرين التوبة بطول الأمل. وهو أثر طويل

وهذا إسناد جيد

- أبو جعفر أحمد بن الحسين بن نصر الحذاء العسكري مولى همدان قال الدارقطني ثقة (انظر سؤالات حمزة السهمي للدارقطني ص146)
- أحمد بن إبراهيم الدورقي ثقة
- يحيى بن معين جبل لا يسأل عن مثله
- عبد الرحمن المسعودي كان قد اختلط وقد قال يحيى بن معين المسعودي أحاديثه عن عون وعن القاسم صحاح وأما عن أبي حصين وعاصم فليس بشيء إنما أحاديثه الصحاح عن القاسم وعن عون (انظر تاريخ ابن معين رواية الدوري ج3/ص429) وهو يروي هنا عن عون من قوله وليس حديثاً إلى النبي أو غيره فلا بأس

وهذا أي عن عون أصح شيء في هذا الباب

هذا والله تعالى أعلى وأعلم

الموضوع التالي الموضوع السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق