السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فما حكم من يقول عند الغضب "يا ابن الله" أو "يا بنت الله" وهو بوعيه ولم يجبره أحد على ذلك كأن يضع السلاح فوق رأسه فيقول له تكفر أو أقتلك؟
والجواب:
هذا كفر وهو كفر مخرج من الملة لأنه سب لله عز وجل بدليل ما أخرجه البخاري في صحيحه ت البغا (ج4/ص1629) من طريق ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه... وأما شتمه إياي فقوله لي ولد فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولداً.
وشتم الله أي سبه كفر وقد يقول البعض أن هذا غاضب يعني لم يكن يعنيها فنقول حتى ولم يكن يعنيها فهو كافر لأنه عند الغضب كان بوعيه وقد صح أن رجلاً من قريش جاء إلى ابن عباس فقال: يا ابن عباس إني طلقت امرأتي ثلاثاً وأنا غضبان فقال: إن ابن عباس لا يستطيع أن يحل لك ما حرم عليك عصيت ربك وحرمت عليك امرأتك (انظر تخريجه في هذه المقالة)
وصح عن عائشة أن جميلة (خولة) كانت امرأة أوس بن الصامت، وكان رجلاً به لَمَمٌ، فكان إذا اشتد لَمَمُهُ ظَاهَرَ من امرأته، فأنزل الله عز وجل فيه كفارة الظهار (انظر تخريجه في هذه المقالة بالتفصيل) واللمم يعني الغضب فلو كان الغضب لا يجعل الطلاق فعالاً لما نزلت الكفارة ولهذا قال ابن رجب الحنبلي فهذا الرجل ظاهر في حال غضبه وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرى حينئذ أن الظهار طلاق وقد قال: إنها حرمت عليه بذلك يعني: لزمه الطلاق فلما جعله الله ظهارا مكفراً ألزمه بالكفارة ولم يلغه (انظر جامع العلوم والحكم لابن رجب ت ماهر الفحل ج1/ص422)
فهذا الطلاق الذي هو أهون قد وقع مع الغضب فكيف الكفر بالله! ولو كان لا يكفر لأصبح في كل ثانية من يسب الله ثم يقول مجرد لحظة غضب ولأصبح سب الله على كل لسانِ!!
إلا أن هناك حالة نادرة لا يكفر بها وهو أن يغضب لدرجة يقول هو نفسه أنني لا أدري ما قلت! فهذا كالمجنون فعندها لا يكفر وهذه الحالة نادرة فإياكم وأن تستهونوا في الأمر وفي حق الله فإن حق الله كبير علينا وعلى السماوات والأرض فهو خالق كل شيء
وعلى المسلم التوبة فإن الله عز وجل يقول {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}
وعلى هذا فيجب أن لا يعود هذا الرجل أو الشاب لهذه الأقوال الكفرية وعليه بالتوبة النصوحة وعليه بقراءة هذه الآيات
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا. سورة مريم
فلعل الرهبة تقع في قلبه فيقول لا أعود إلى ذلك أبداً
هذا والله المستعان