مدى صحة قال رجل لأحمد بن حنبل إن رجلاً قال خلق الله آدم على صورته أي صورة الرجل فقال كذب هو قول الجهمية وأي فائدة في هذا

قال رجل لأحمد بن حنبل إن رجلاً قال خلق الله آدم على صورته أي صورة الرجل فقال كذب هو قول الجهمية وأي فائدة في هذا. وله طرق أخرى عن أحمد كما سيأتي

قلت قول أحمد بن حنبل "وأي فائدة في هذا" يقصد الإمام أحمد أي لم يعد للحديث فائدة إذا كان خلق آدم على صورة آدم يعني كلام لا معنى له فكأني أقول لك صنع الصانع الموبايل على صورة الموبايل! وقال بنحو كلام أحمد بن حنبل هذا ابن قتيبة الدينوري في هذا الوجه حيث قال: فقال قوم من أصحاب الكلام أراد خلق آدم على صورة آدم، لم يزد على ذلك، ولو كان المراد هذا، ما كان في الكلام فائدة ومن يشك في أن الله تعالى خلق الإنسان على صورته، والسباع على صورها، والأنعام على صورها؟! (تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص318)

حكم الأثر: صحيح ثابت

أخرجه الطبراني في السنة كما عند ابن حجر في فتح الباري (ج5/ص183) ومن طريقه عبد الرحمن بن منده في كتابه الإسلام كما عند أبي يعلى بن الفراء في إبطال التأويلات ط إيلاف (ص88) حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال قال رجل لأبي - يعني أحمد بن حنبل - إن رجلاً قال خلق الله آدم على صورته أي صورة الرجل فقال كذب هو قول الجهمية [زاد ابن الفراء عن أحمد أنه قال: وأي فائدة في هذا].

قلت وهذا إسناد صحيح

1) رواية أبي طالب أحمد بن حميد عن أحمد بن حنبل

أخرجها ابن بطة في الإبانة الكبرى (ج7/ص266) حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء نا أبو نصر عصمة بن أبي عصمة [نا أبو العباس الفضل بن زياد القطان (1)] قال: نا أبو طالب - هو أحمد بن حميد -، قال: سمعت أبا عبد الله، يقول: من قال: إن الله تعالى خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه؟.

- أبو حفص عمر بن محمد بن رجاء هو العكبري قال الخطيب وكان عبداً صالحاً ديناً صدوقاً (تاريخ بغداد ت بشار للخطيب ج13/ص93)
- (1) سقط من إسناده لأن عصمة يروي عن أبي طالب بواسطة الفضل بن زياد القطان وهو رجل معروف من أصحاب أحمد أيضاً لكن روى مسائل بواسطة أبي طالب
- أبو نصر عصمة بن أبي عصمة هو عصمة بن عصام بن الحكم بن بن عيسى بن زياد بن عبد الرحمن الشيباني العكبري

وقد توبع أبو نصر عصمة حيث قال ابن أبي يعلى طبقات الحنابلة ت الفقي (ج1/ص309) قال حمدان سألت أبا ثور عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق آدم على صورته" فقال: على صورة آدم وكان هذا بعد ضرب أحمد بن حنبل والمحنة فقلت: لأبي طالب قل لأبي عبد الله فقال: أبو طالب قال: لي أحمد بن حنبل صح الأمر على أبي ثور من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه؟.

- حمدان هو أبو جعفر محمد بن علي بن عبد الله بن مهران الوراق يعرف بحمدان قال الدارقطني ثقة وقال الخطيب وكان فاضلاً حافظاً عارفاً ثقة (تاريخ بغداد ت بشار ج4/ص102)

وروى الخلال في السنة كما عند ابن تيمية في تلبيس الجهمية (ج6/ص416-417) عن أبي طالب من وجهين قال سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل يقول من قال إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه.

وقال أبو يعلى ابن الفراء في إبطال التأويلات ط إيلاف (ص88) قال أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن فراس في كتابه، عن حمدان بن علي، قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول وسأله رجل فقال: يا أبا عبد الله، الحديث الذي روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: "أن الله خلق آدم على صورته" على صورة آدم قال: فقال أحمد بن حنبل: فأين الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله تعالى خلق آدم على صورة الرحمن عز وجل، ثم قال أحمد: وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلق.

- أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن فراس هو العَبْقَسيّ المكي قال الذهبي كَانَ ثقة مستوراً مقبول القول (تاريخ الإسلام ت بشار ج7/ص798) وقال رشيد الدين بن المنذري فى مختصره لتاريخ المسبحي وكان مستوراً قد نقل الحديث عن الكثير والتقى بالواردين كثير الحديث مقبول الشهادة (انظر العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين لتقي الدين الفاسي ج3/ص126)

وقال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة ت الفقي (ج1/ص93) إبراهيم بن أبان الموصلي عنده عن إمامنا مسائل: منها قال: سمعت أبا عبد الله وجاءه رجل فقال: إني سمعت أبا ثور يقول إن الله خلق آدم على صورة نفسه فأطرق طويلاً ثم ضرب بيده على وجهه ثم قال: هذا كلام سوء هذا كلام جهم هذا جهمي لا تقربوه.

2) رواية أبي بكر أحمد بن محمد بن الحجاج المروذي عن أحمد بن حنبل

أخرجها ابن بطة في الإبانة الكبرى (ج7/ص264) حدثنا أحمد بن سلمان النجاد، حدثني محمد بن جعفر، نا أبو بكر المروذي، قال: قلت لأبي عبد الله: كيف تقول في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: خلق الله آدم على صورته؟ قال: أما الأعمش فيقول: عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل خلق آدم على صورة الرحمن فنقول كما جاء الحديث. وسمعت أبا عبد الله، وذكر له بعض المحدثين، قال: خلقه على صورته، قال: على صورة الطين، فقال: هذا كلام الجهمية.

- أحمد بن سلمان النجاد هو أبو بكر الفقيه الحنبلي قال الخطيب وكان صدوقاً عارفاً وقال الدارقطني حدث أحمد بن سلمان من كتاب غيره بما لم يكن في أصوله فقال الخطيب كان النجاد قد كف بصره في آخر عمره، فلعل بعض طلبة الحديث قرأ عليه ما ذكره الدارقطني، والله أعلم (تاريخ بغداد ت بشار ج5/ص309)

وقد توبع محمد بن جعفر تابعه أبو بكر الخلال كما عند ابن قدامة المنتخب من علل الخلال (ص265) أخبرنا المروذي، قال: قلت لأبي عبد الله: كيف تقول في حديث النبي صلى الله عليه وسلم "خلق آدم على صورته"؟ قال: الأعمش يقول عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن ابن عمر "أن الله خلق آدم على صورة الرحمن". فأما الثوري فأوفقه يعني: حديث ابن عمر. وأبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم على صورته" فنقول كما في الحديث

وقال الخلال في السنة كما عند ابن تيمية في تلبيس الجهمية (ج6/ص416) عن أبي بكر المروذي أظني ذكرت لأبي عبد الله عن بعض المحدثين بالبصرة أنه قال قول النبي صلى الله عليه وسلم خلق الله آدم على صورته قال صورة الطين قال هذا جهمي وقال نسلم الخبر كما جاء.

وقال أبو يعلى ابن الفراء في إبطال التأويلات ط إيلاف (ص89-90) وروى إسماعيل بن أحمد أبو سعد في كتاب السنة عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: كنا بالبصرة عند شيخ فحدثنا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله، عز وجل، خلق آدم على صورته"، فقال الشيخ: تفسيره: خلقه على صورة الطين، فحدثت بذلك أبي رحمه الله فقال: هذا جهمي أو قال: هذا كلام الجهمية.

وقال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة ت الفقي (ج1/ص211-212) وقال محمد بن جعفر سألت عبد الوهاب عن أبي ثور فقال: أتدين فيه بما حدثني به أبو طالب عن أبي عبد الله أنه سأله عنه ففال يجفي ويجفى من أفتى برأيه وقال زكريا بن الفرج سألت عبد الوهاب غير مرة عن أبي ثور فأخبرني أن أبا ثور جهمي وذلك أنه قطع بقول أبي يعقوب الشعراني حكى أنه سأل أبا ثور عن خلق آدم على صورته فقال: إنما هو على صورة آدم ليس هو على صورة الرحمن قال زكريا فقلت: بعد ذلك لعبد الوهاب ما تقول في أبي ثور فقال: ما أدين فيه إلا بقول أحمد بن حنبل يهجر أبو ثور ومن قال: بقوله قال زكريا وقلت: لعبد الوهاب مرة أخرى وقد تكلم قوم في هذه المسألة خلق الله آدم على صورته فقال: من لم يقل إن الله خلق آدم على صورة الرحمن فهو جهمي.

وقد ذكر أبو محمد بن حيان الأصبهاني في مجموع له في التفسير في سورة حم عسق بخط أبي مالك المكي، فقال صاحب الكتابة، عن حمدان بن الهيثم المديني، سمعت أبا مسعود يقول: قال أحمد بن حنبل: معنى حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: " إن الله خلق آدم على صورته "، قال: صور آدم قبل خلقه ثم خلقه على تلك الصورة، فإما أن يكون الله خلق آدم على صورته، وقد قال الله: {ليس كمثله شيء} ولا نقول إن الله يشبهه شيء من خلقه، ولا يخفى على الناس أن الله خلق آدم على صورة آدم ولا يجوز أن يقال: لله كيف لأن الله لا يوصف بصفة الإنسان وقد قال: {ليس كمثله شيء} فذاك ربنا، عز وجل، ليس كمثله أحد من خلقه قال أبو طالب المكي: هذا توهم عن أحمد إنما هذا قول أبي ثور فذكر ذلك لأحمد فأنكر عليه وقال: ويله وأي صورة كانت لآدم حتى خلقه عليها يقول: إن الله خلق على مثال، ويله فكيف يصنع بالحديث الآخر: "أن الله خلق آدم على صورة الرحمن" فهذا هو المحفوظ من قول أحمد، وإنما التبس القولان فنسب ذلك إلى أحمد لأن أبا ثور كان سئل عن قوله: "خلق آدم على صورته" فقال: الهاء عائدة على آدم

3) رواية إسحاق الكوسج عن أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه

وقال إسحاق الكوسج في مسائل أحمد وإسحاق ط الجامعة الإسلامية (ج9/ص4675) وط دار الهجرة (ج2/ص535) قلت لأحمد رضي الله عنه: "ينزل ربنا ليلة حين يبقى ثلث الليل الأخير إلى سماء الدنيا" أليس تقول بهذه الأحاديث و"يرى أهل الجنة ربهم عز وجل" "ولا تقبحوا الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته" يعني صورة رب العالمين، و"اشتكت النار إلى ربها عز وجل حتى يضع الله فيها قدمه" و "إن موسى عليه السلام لطم ملك الموت عليه السلام"؟ قال الإمام أحمد: كل هذا صحيح، قال إسحاق - يعني ابن راهويه -: كل هذا صحيح، ولا يدعه [وفي نسخة: ولا ينكره] إلا مبتدع أو ضعيف الرأي.

هذا والله تعالى أعلم

الموضوع التالي الموضوع السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق