مدى صحة قال الشافعي: مَن أراد الفقه فهو عيال على أبي حنيفة

قال الشافعي: مَن أراد الفقه فهو عيال على أبي حنيفة. قلت وسيأتي عكس هذا الكلام عن الشافعي

حكم الأثر: لا يصح وصح العكس

أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ت بشار (ج15/ص473) أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن علي - هو أبو بكر بن المقرئ -، قال: سمعت حمزة بن علي البصري (1)، يقول: سمعت الربيع -هو ابن سليمان المرادي ثقة -، يقول: سمعت الشافعي، يقول: الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه.

- (1) حمزة بن علي البصري قلت "البصري" بالباء الموحدة تصحيف وصوابه "المصري" بالميم وهو أبو عمارة حمزة بن علي بن العباس بن الربيع بن عبد رب الغُبَرِي الجوهري المصري العطار مجهول 

والدليل أن راوينا هذا هو أن أبا بكر بن المقرئ قال في معجمه حدثنا أبو عمارة حمزة بن علي بن العباس المصري ثم قال في الأثر الذي يليه حدثنا أبو عمارة حمزة قال: سمعت الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي (انظر معجم ابن المقرئ ص240) وقال ابن يونس المصري كتبت عنه (انظر تاريخ ابن يونس ج1/ص137) وروى عنه أيضاً الزبير بن عبد الواحد الحافظ (انظر تاريخ الإسلام للذهبي ت بشار ج5/ص146 ومناقب الشافعي للأبري ص78) وأبو محمد الحسن بن رشيق المصري (انظر الانتقاء لابن عبد البر ص90) وذكره السمعاني فقال "خيرة" وهذا تصحيف من النساخ وصوابه "حمزة" (ج10/ص16) ومثله تصحف عند ابن حجر (تبصير المنتبه بتحرير المشتبه ج3/ص1031)

ملحوظة مهمة: زعم البعض أن حمزة بن علي البصري "لا توجد له رواية في أي كتاب غير هذه" ولا شك أن هذا الكلام خطأ وذلك أنهم لم يفطنوا للتصحيف في "البصري" ولم يبحثوا في معجم ابن المقرئ وهو الراوي عنه كما برهنا

وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ت بشار (ج15/ص473) أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف الواعظ، قال: أخبرنا عبيد الله بن عثمان بن يحيى الدقاق، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن أحمد أبو إسحاق البخاري، قال: حدثنا عباس بن عزير أبو الفضل القطان، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، قال: سمعت محمد بن إدريس الشافعي، يقول: الناس عيال على هؤلاء الخمسة، من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عيال على أبي حنيفة. قال: وسمعته، يعني: الشافعي، يقول: كان أبو حنيفة ممن وفق له الفقه.

- أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف الواعظ هو المعروف بابن العلاف قال الخطيب وكان صدوقاً مستوراً ظاهر الوقار حسن السمت جميل المذهب (تاريخ بغداد للخطيب ت بشار ج4/ص173)

- عبيد الله بن عثمان بن يحيى الدقاق هو أبو القاسم المعروف بابن جنيقا قال الخطيب وكان صحيح الكتاب كثير السماع ثبت الرواية وقال الخطيب أيضاً ذكره محمد بن أبي الفوارس فقال: كان ثقة مأموناً فاضلاً حسن الخلق ما رأينا مثله في معناه (تاريخ بغداد للخطيب ت بشار ج12/ص109)

- إبراهيم بن محمد بن أحمد أبو إسحاق البخاري روى عنه الإمام ابن أبي حاتم الرازي (الجرح والتعديل ج9/ص123) وقال الذهبي قال أبو عبد الله الحاكم كان فقيه أهل النظر في عصره. وروى عنه الأستاذ أبو الوليد الفقيه في صحيحه (تاريخ الإسلام للذهبي ت بشار ج7/ص707)

- عباس بن عزير أبو الفضل القطان كذا "عزير" بالزاي المعجمة بعدها راء مهملة وهو صواب قال البيهقي لا أعرفه (انظر القراءة خلف الإمام للبيهقي ص154) قلت ولم أجد فيه جرحاً ولا تعديلاً فهو مجهول الحال ذكره ابن ماكولا وقال روى عنه إبراهيم بن محمد الغشتي وعبد الله بن محمد بن يعقوب وعبد الله بن محمد بن الحارث (انظر رفع الإرتياب لابن ماكولا ج7/ص6)

وقد توبع أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد البخاري أخرجه ابن عبد البر في الانتقاء (ص135-136) نا الحكم قال نا يوسف نا محمد بن حفص بن عمرويه قدم علينا حاجاً على باب التمارين قال سمعت عباس بن عزيز قال سمعت حرملة يقول سمعت الشافعي يقول كان أبو حنيفة وقوله في الفقه مسلماً له فيه قال وسمعت حرملة يقول سمعت الشافعي يقول [وفيه] ومن أراد الفقه فهو عيال على أبي حنيفة.

- الحكم هو أبو العاصي الحكم بن منذر بن سعيد بن عبد الله قال ابن عبد البر في سند رحمه الله (في نفس كتاب الانتقاء) وقال ابن بشكوال قال أبو علي - هو الحسين بن محمد الصدفي -: سمعت أبا أحمد جعفر بن عبد الله - التجيبي وثقه ابن بشكوال في الصلة - يقول: كان حكم بن منذر من أهل المعرفة والذكاء، متقد الذهن، طود علم في الأدب لا يجاري (الصلة في تاريخ أئمة الأندلس لابن بشكوال ص146)
- يوسف هو أبو يعقوب يوسف بن أحمد المكي هو يوسف بن أحمد بن يوسف بن الدخيل الصيدلاني أحد رواة كتاب "الضعفاء الكبير" للعقيلي
- محمد بن حفص بن عمرويه قال أبو عبد الله بن منده أبو بكر محمد بن حفص بن عمرويه المروزي ثنا عن عبد العزيز بن حاتم (فتح الباب في الكنى والألقاب ص118)

قلت والخلاصة هذا مداره على أبي الفضل العباس بن عزير القطان المروزي وهو مجهول

وقد جاء العكس عن حرملة بن يحيى أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي (ج1/ص523) أخبرنا أبو عبد الله قال: سمعت أبا أحمد الحافظ - هو الحاكم - قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن جامع الحلواني قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح المصري قال: سمعت حرملة بن يحيى يقول: سمعت الشافعي يقول: [وفيه] ومن أراد الجدل فعليه بأبي حنيفة. عبد الله بن جامع لم أجد فيه جرحاً وتعديلاً ويحيى بن عثمان فيه ضعف وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج60/ص117) أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلمة أنا أبو عبد الله محمد بن أبي نعيم النسوي أنا أبو محمد بن أبي نصر أنا عمي أبو علي محمد بن القاسم بن أبي نصر نا أبو العباس الزيات نا أحمد بن إسحاق وعبد الواحد بن أحمد قالا نا صاحب أنا أبو الحسن محمد بن أحمد الطبري قال سمعت الجزري بطبرستان يقول الشافعي [وفيه] ومن أراد الجدل فعليه بأبي حنيفة.

الخطيب في تاريخ بغداد ت بشار (ج15/ص473) أخبرنا علي بن القاسم - هو أبو الحسن النجاد -، قال: حدثنا علي بن إسحاق المادرائي، قال: حدثنا زكريا بن عبد الرحمن، قال: حدثني عبد الله بن أحمد، قال: قال هارون بن سعيد: سمعت الشافعي، يقول: ما رأيت أحداً أفقه من أبي حنيفة.

هذا غريب إسناده مظلم زكريا وعبد الله لم أعرفهما وقد جاء العكس عن هارون بن سعيد أي ذم 

أخرجه ابن أبي حاتم الرازي في مناقب وآداب الشافعي (ص130) قال أبي: ثنا هارون بن سعيد الأيلي، قال: سمعت الشافعي يقول: ما أعلم أحداً وضع الكتب أدل على عوار قوله من أبي حنيفة. 

وهذا إسناد صحيح وهو عكس القول الأول في مدح أبي حنيفة

الصيمري في أخبار أبي حنيفة وأصحابه (ص128) أخبرنا عمر بن إبراهيم المقرىء قال ثنا مكرم قال ثنا ابن مغلس قال سمعت أبا عبيد يقول قدمت على محمد بن الحسن فرأيت الشافعي عنده [وفيه] فسمعت الشافعي يقول لقد كتبت عن محمد بن الحسن وقر بعير ذكر ولولاه ما فتق لي من العلم ما انفتق فالناس كلهم في الفقه عيال على أهل العراق وأهل العراق عيال على أهل الكوفة وأهل الكوفة كلهم عيال على أبي حنيفة.

إسناده موضوع ابن مغلس كذاب وهو أحمد بن الصلت بن المغلس الحماني وبعضهم يقول أحمد بن محمد بن الصلت بن المغلس وبعضهم يقول أحمد بن عطية أصله من الكوفة يروي عنه مكرم بن أحمد القاضي كما قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج5/ص373)

الصيمري في أخبار أبي حنيفة وأصحابه (ص26) أخبرنا عمر بن ابراهيم قال ثنا مكرم قال ثنا أحمد قال سمعت المزني يقول سمعت الشافعي يقول الناس عيال على أبي حنيفة في القياس والاستحسان.

إسناده موضوع أحمد كذاب وهو أحمد بن محمد بن الصلت بن المغلس وهو أيضاً أحمد بن عطية أصله من الكوفة يروي عنه مكرم بن أحمد القاضي كما قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج5/ص373)

البيهقي في مناقب الشافعي (ج1/ص171) أخبرنا محمد بن الحسين السلمي، حدثنا علي بن عمر الحافظ، ببغداد، حدثنا أبو طالب الحافظ - هو أحمد بن نصر بن طالب -، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس - هو أبو يعقوب المنجنيقى -، قال: حدثنا عبد الغني بن عبد العزيز العسال، قال: سمعت الشافعي، يقول: لو أن أبا حنيفة بنى على أصول أهل المدينة لكان الناس عليه عيالاً في الفقه، ولكنه بنى على أصول هي في بعض الأحوال أضعف من الفروع. إسناده ضعيف من أجل محمد بن الحسين السلمي يكنى أبا عبد الرحمن وقد روي لكن لم يصرح باسم أبي حنيفة أخرجه الأبري في مناقب الشافعي (ص83) حدثنا علي بن الحسن بن هارون النصيبي، حدثنا أبو طالب البغدادي الحافظ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد الغني يعني المصري قال: سمعت الشافعي يقول: لو أن فلاناً بنى على أصول أهل المدينة كان الناس عيالاً عليه.

ابن أبي حاتم الرازي في مناقب وآداب الشافعي (ص129) ثنا الربيع بن سليمان المرادي، قال: سمعت الشافعي يقول: أبو حنيفة يضع أول المسألة خطأ، ثم يقيس الكتاب كله عليها. إسناده صحيح

ابن أبي حاتم الرازي في مناقب وآداب الشافعي (ص130) ثنا أحمد بن سنان الواسطي، قال: سمعت محمد بن إدريس الشافعي، يقول: ما أشبه رأي أبي حنيفة إلا بخيط سحارة، تمده هكذا فيجيء أصفر، وتمده هكذا فيجيء أخضر. إسناده صحيح

هذا والله أعلم 

الموضوع التالي الموضوع السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق