قال إبراهيم الحربي: سألت أحمد بن حنبل: ما تقول في مالك؟ قال: حديث صحيح ورأي ضعيف
قلت: فالأوزاعي؟ قال: حديث ضعيف ورأي ضعيف.
قلت: فالشافعي؟ قال: حديث صحيح ورأي صحيح.
قلت: فأبو حنيفة؟ قال: لا رأي ولا حديث.
ليس إبراهيم الحربي من سأل أحمد بن حنبل إنما رجل سأل أحمد بن حنبل وإبراهيم كان حاضراً يسمع
وشيء آخر فإن الإمام أحمد بن حنبل يوثق الأوزاعي ويعتبره من الأئمة كما هو مسطر في كتبه لكن هنا لا يقصد بـ "ضعيف الحديث" ضعف حفظه وإن كان أحياناً يخطئ في حيث يحيى بن أبي كثير وسيأتي كلام البيهقي في شرح هذا
حكم الأثر: صحيح ثابت
أخرجه أبو بكر محمد بن الحسين الآجري في جزء له فيه حكايات عن الشافعي وغيره (ص33) أخبرنا أبو بكر، قال: حدثني أبو الحسن - صاحب بن بيان المعروف بالحربي صاحب إبراهيم الحربي -، قال: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي يقول:
سئل أحمد بن حنبل عن كتب مالك، فقال: حديث صحيح ورأي ضعيف.
وسئل عن الأوزاعي، فقال: رأي ضعيف وحديث ضعيف.
وسئل عن أبي حنيفة، قال: لا رأي ولا حديث.
وسئل عن الشافعي، فقال: رأي صحيح وحديث صحيح.
- أبو بكر هو أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم الختلي قال الخطيب وكان صالحاً ديناً مكثراً ثقة ثبتاً (تاريخ بغداد للخطيب ت بشار ج5/ص113)
- أبو الحسن صاحب بن بيان المعروف بالحربي صاحب إبراهيم الحربي قلت لم أعرفه لكنه توبع
أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ت بشار (ج15/ص573) أخبرنا الحسن بن الحسن بن المنذر القاضي، والحسن بن أبي بكر البزاز، قالا: أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي، قال: سمعت إبراهيم بن إسحاق الحربي، يقول: سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن مالك، فقال: حديث صحيح ورأي ضعيف، وسئل عن الأوزاعي فقال: حديث ضعيف ورأي ضعيف، وسئل عن أبي حنيفة فقال: لا رأي ولا حديث، وسئل عن الشافعي فقال: حديث صحيح ورأي صحيح.
إسناده صحيح
- الحسن بن الحسن بن المنذر القاضي هو أبو القاسم الحسن بن الحسن بن علي بن المنذر قال الخطيب كتبنا عنه وكان صدوقاً ضابطاً صحيح النقل ومرة قال الخطيب كان ثقة ثبتاً (تاريخ بغداد ت بشار ج8/ص262 وتلخيص المتشابه في الرسم ج1/ص516)
- الحسن بن أبي بكر البزاز هو أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان البزاز ثقة
- محمد بن عبد الله الشافعي هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدويه البزاز البغدادي ثقة ثبت
وقد توبع الحسن بن الحسن والحسن بن أبي بكر
البيهقي في المدخل ت عوامة (ج1/ص27-28) وأيضاً في مناقب الشافعي (ج1/ص166) أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن السقاء الإسفرايني [وفي المناقب: أبو الحسن علي بن أبي علي المهرجاني] - قلت قال الذهبي الثقة -، حدثنا أبو بكر الشافعي يعني البغدادي [وفي المناقب: أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي] قال: سمعت إبراهيم الحربي يقول: سئل أحمد بن حنبل عن مالك بن أنس؟ فقال: حديث صحيح، ورأي ضعيف، وسئل عن الأوزاعي؟ فقال: حديث ضعيف ورأي ضعيف، وسئل عن الشافعي؟ فقال: حديث صحيح، ورأي صحيح، وسئل عن آخر [وفي المناقب: وسئل عن أبي فلان]؟ فقال: لا رأي ولا حديث.
قال البيهقي، البيهقي اسمه أحمد أيضاً فأحياناً يقال في مصنفاته "الإمام أحمد" فيظن الناس أنه الإمام أحمد بن حنبل وليس كذلك
المهم قال البيهقي في المدخل: قوله في الأوزاعي حديث ضعيف: يريد به بعض ما يحتج به، لا أنه ضعيف في الرواية، والأوزاعي إمام ثقة في نفسه، لكنه قد يحتج في بعض مسائله بأحاديث من عساه لم يقف على حاله، ثم يحتج بالمراسيل والمقاطيع، وذلك بين في كتبه. والشافعي لا يحتج بالمراسيل ولا بأحاديث المجهولين، وهو وإن كان يروي مقاطيع، ويروي عن بعض الضعفاء، فليس يعتمد على روايتهم، وإنما يعتمد على ما تقوم به الحجة من الكتاب والسنة الصحيحة أو الإجماع أو القياس على بعض ذلك، ثم يروي ما يحفظ في الباب من الأسانيد على رسم أكثر أهل الحديث، وإن كانت الحجة لا تقوم ببعضها، ويشير إلى ضعف ما هو ضعيف منها بانقطاع أو غيره، لئلا يتوهم أن اعتماده عليه، وقد سكت عن بيانه في بعض المواضع، اكتفاء بما بين في بعضها، والله أعلم قال: والرأي إنما هو تشبيه، فإذا وقع التشبيه بحديث ضعيف، أو بما لا يشبهه، أو بما في الأصول ما هو أقرب إليه منه، وقع الرأي ضعيفاً، وإنما ضعف رأي مالك رحمنا الله وإياه لأنه قد يترك الحديث الصحيح لعمل أهل المدينة، ثم يدعي إجماعهم في الأمر الذي يجدهم مختلفين فيه، ثم يشبه به، فيقع التشبيه بأصل ضعيف، فيكون ضعيفاً، وبالله التوفيق. انتهى كلام البيهقي بتصرف
وقال البيهقي في مناقب الشافعي: إنما قال ذلك أحمد بن حنبل في مالك، رحمهما الله؛ لأنه كان يترك حديثه الصحيح، ويعمل بعمل أهل المدينة في بعض المسائل وقال ذلك في الأوزاعي رحمه الله؛ لأنه كان يحتج بالمقاطيع والمراسيل في بعض المسائل، ثم يقيس عليها وقال ذلك في الشافعي رحمه الله؛ لأنه كان لا يرى الاحتجاج إلا بالحديث الصحيح المعروف، ثم يقيس الفروع على ما ثبت أصلها بالكتاب، والسنة الصحيحة، والإجماع وقال ذلك في غيرهم، رحمهم الله؛ لأنه كان يقول بالحديث الضعيف دون القياس مرة، ويترك الصحيح المعروف بالقياس أخرى، فيقول بالقياس مرة، ويتركه بالاستحسان أخرى؛ وهذا لأنه كان يرى الحجة تقوم بخبر المجهول، وبالحديث المنقطع؛ فما وقع إليه من ذلك من حديث بلده قال به وترك القياس لأجله، وما لم يقع إليه من صحيح حديث بلده، أو وقع إليه فلم يثق، قال فيه بالقياس، أو الاستحسان.
هذا والله اعلم