مدى صحة قالت عائشة: إنما عرفة الذى يعرفه الناس

قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: إنما عرفة الذي يعرفه الناس.

أسانيد هذا الأثر لم تصلنا كلها إنما هي في الكتب المفقودة لكن العلماء نقلوا شيئاً منها فحفظوها لنا وإليكم ما قالوه

سئل الدارقطني عن حديث ‌مسروق عن ‌عائشة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم النحر يوم ينحر الإمام والناس، ويوم ‌عرفة يوم يعرف الإمام والناس.

فقال: يرويه أبو إسحاق السبيعي، واختلف عنه،

فرفعه دلهم بن صالح - ضعيف -، عن أبي إسحاق، عن ‌مسروق، عن ‌عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم

ووقفه شعبة، عن أبي إسحاق، وهو الصواب وقال شعبة فيه: عن أبي إسحاق، عن ‌مسروق، وأبي عطية، واسم أبي عطية مالك بن أبي حمزة (علل الدارقطني ج15/ص135)

قلت إسناد شعبة صحيح، ومعنى قوله الدارقطني "وقفه شعبة" يعني على عائشة من قولها ليس فيه النبي وهو الصواب

قال ابن رجب الجنبلي ومأخذ آخر: وهو الذي أشارت إليه عائشة رضي الله عنها: أن يوم عرفة هو يوم مجتمع الناس مع الإمام على التعريف فيه، ويوم النحر هو الذي يجتمع الناس مع الإمام على التضحية فيه.

الدارقطني في المؤتلف والمختلف (ج2/ص597) حدثنا إبراهيم بن حماد - هو أبو إسحاق الأزدي -، حدثنا عباس بن يزيد - هو أبو الفضل البحراني -، حدثنا ابن مهدي - هو عبد الرحمن -، حدثنا سفيان - هو الثوري -، عن أبي إسحاق، عن مالك بن أبي حمرة، عن مسروق نحو حديث قبله: دخلت على عائشة رضي الله عنها في اليوم الذي يشك أنه يوم عرفة، الحديث.

معنى قول الدارقطني "الحديث" أي اختصر الحديث ولم يكمله فوضع بدل التكملة قوله "الحديث"

أحمد بن حنبل في المسائل رواية ابنه عبد الله كما عند ابن رجب في رسالة في رؤية هلال ذي الحجة (ص601-602) عن ابن مهدي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عطية ومسروق قالا: دخلنا على عائشة في اليوم الذي يشك فيه الأضحى، فقالت: خوضي لابني سويقاً وحليه، فلولا أني صائمة لذقته فقيل لها: يا أم المؤمنين، إن الناس يرون أن اليوم يوم الأضحى! فقالت: إنما يوم الأضحى يوم يضحي الإمام وجماعة الناس.

وقال ابن رجب وكذا رواه شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي عطية، ومسروق عن عائشة بنحوه عنهم.

أحمد بن حنبل في المسائل رواية ابنه عبد الله كما عند ابن رجب في رسالة في رؤية هلال ذي الحجة (ص601-602) عن ابن نمير وابن فضيل، كلاهما عن الأعمش، عن أبي إسحاق السبيعي عن مسروق قال: دخلت على عائشة أنا وصديق لي يوم عرفة فدعت لنا بشراب، فقالت: لولا أني صائمة لذقته فقلنا لها: أتصومين والناس يزعمون أن اليوم يوم النحر؟! قالت: الأضحى يوم يضحي الناس، والفطر يوم يفطر الناس.

ابن أبي شيبة في المصنف ت الشثري (ج5/ص557) حدثنا ابن فضيل عن الأعمش عن أبي إسحاق عن مسروق قال: أتيت عائشة أنا ورجل معي وذلك يوم عرفة فدعت لنا بشراب ثم قالت: لولا أني صائمة لذقته.

هكذا مختصراً ولم يسقه وهكذا عادة المحدثين في الأبواب يسوقون الحديث على قدر الشاهد منه، فمرة يروونه بطوله ومرة يروون فقط محل الشاهد


البيهقي في السنن الكبرى ط العلمية (ج4/ص422) من طريق محمد بن الحسين بن أبي الحنين، ثنا عارم أبو النعمان، ثنا حماد بن زيد، قال: سمعت أبا حنيفة، يحدث عمرو بن دينار قال: حدثني علي بن الأقمر، عن مسروق، قال: دخلت على عائشة يوم عرفة، فقالت: اسقوا مسروقاً سويقاً، وأكثروا حلواه، قال: فقلت: إني لم يمنعني أن أصوم اليوم إلا أني خفت أن يكون يوم النحر، فقالت عائشة: النحر يوم ينحر الناس، والفطر يوم يفطر الناس.

وأخرجه أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي - متروك الحديث - في كشف الآثار الحديثية (الأثر برقم1) حدثنا أبي رحمه الله، وأبو زيد عمران بن فرينام، قالا: حدثنا أحمد بن الليث أبو نصر البخاري، قال: حدثنا عارم أبو النعمان، قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: سمعت أبا حنيفة رضي الله عنه يحدث عن عمرو بن دينار، قال: حدثني علي بن الأقمر، عن مسروق، قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها يوم عرفة، فقالت: اسقوا مسروقاً وأكثروا حلوبه، فقلت: يا أم المؤمنين! إنه لم يمنعني أصوم هذا اليوم إلا أني خشيت أن يكون يوم النحر، فقالت: إنما النحر يوم ينحر الناس، والفطر يوم يفطر الناس.

هكذا رواه حماد بن زيد ورواه أبو يوسف فلم يذكر "عمرو بن دينار"

أخرجه أبو يوسف القاضي في الآثار (ص179) عن أبي حنيفة، عن علي بن الأقمر، عن مسروق، أنه قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها يوم عرفة فقالت: أصائم أنت؟ قلت: لا، قالت: يا جارية خوضي له سويقا وأحليه، ثم قالت: لوما أني صائمة لذقته، قال: فقلت: ما منعني من الصوم إلا أني ظننت أنه يوم النحر، فقالت: إنما يوم النحر يوم ينحر الناس، ويوم الفطر يوم يفطرون.

صحيح ولعل الصواب والأرجح أن في الإسناد "عمرو بن دينار"

- علي بن الأقمر أدرك مسروق فقد روى سفيان الثوري عن علي بن ‌الأقمر قال: صليت إلى جنب مسروق فمسست الحصى فضرب بيدي. وروى سفيان أيضاً عن ‌علي ‌بن ‌الأقمر قال: كان ‌مسروق يَؤُمُّنَا في رمضان فيقرأ العنكبوت في ركعة (مصنف بن أبي شيبة ت الشثري ج5/ص196 ومصنف عبد الرزاق ط التأصيل الثانية ج2/ص545 والطبقات الكبرى لابن سعد ط العلمية ج6/ص142)

عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل الثانية (ج4/ص455) عن معمر، عن جعفر بن برقان، عن الحكم، أو غيره، عن مسروق أنه دخل هو ورجل معه (1) على عائشة يوم عرفة، فقالت عائشة: يا جارية، خوضي لهما سويقا وحليه، فلولا أني صائمة لذقته، قالا: أتصومين يا أم المؤمنين، ولا تدرين لعله يوم النحر، فقالت: إنما النحر إذا نحر الإمام، وعظم الناس، والفطر إذا أفطر الإمام، وعظم الناس.

- (1) الرجل هو أبو عطية مالك بن أبي حمرة عامر الوداعي الهمداني وقال بعضهم هو عمرو بن جندب


وجوه منكرة وهي ما أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (ج7/ص44) حدثنا محمد بن هارون، نا العباس بن عثمان المعلم الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم، حدثني أبو داود سليمان بن موسى الكوفي، نا دلهم بن صالح، عن أبي إسحاق، عن مسروق، أنه دخل على عائشة، يوم عرفة، فقال: اسقوني، فقالت عائشة: يا غلام، اسقه عسلا، ثم قالت: وما أنت يا مسروق بصائم؟ قال: لا، إني أتخوف أن يكون يوم الأضحى، فقالت عائشة: ليس ذلك، إنما يوم عرفة يوم يعرف الإمام، ويوم النحر يوم ينحر الإمام، أو ما سمعت يا مسروق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعدله بصيام ألف يوم؟. البيهقي في فضائل الأوقات (ص359) أنبأنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد الوهاب الزاهد قال: حدثنا محمد بن عثمان العبسي، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن بكار، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا سليمان بن موسى، حدثني دلهم بن صالح، عن أبي إسحاق، عن مسروق، أنه دخل على عائشة رضي الله عنها يوم عرفة، فقال: اسقوني، فقالت: يا جارية، اسقيه عسلا وما أنت يا مسروق بصائم؟ فقال: لا إني أتخوف أن يكون يوم أضحى، فقالت عائشة: ليس كذلك يوم عرفة يعرف الإمام ويوم النحر ينحر الإمام أو ما سمعت يا مسروق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعدله بصوم ألف عام؟.

منكر ودلهم بن صالح ضعيف


ابن سعد في الطبقات الكبرى (ج6/ص141) من طريق أبي عبد الرحمن عبيدة بن حميد الليثي الكوفي عن أبي الحارث يحيى بن عبد الله الجابر عن حِبَالِ بن رُفَيْدَةَ عن ‌مسروق بن الأجدع قال: أتينا أم المؤمنين عائشة فقالت: خوضوا لابني عسلاً ثم قالت: ذوقوه فإن رابكم منه شيء فزيدوا فيه عسلاً فإني لو كنت مفطرة لذقته قال قلنا: يا أم المؤمنين نحن صيام قالت: وما صومكم هذا؟ قالوا: صمنا هذا اليوم فإن كان من رمضان أدركناه وإن لم يكن منه كان تطوعاً قال فقالت: إنما الصوم صوم الناس والفطر فطر الناس والذبح ذبح الناس ولكني صمت هذا الشهر فوافق رمضان.

وستأتي زيادة في آخره من طرق آخرى وهي منكرة

- حبال بن ‌رفيدة قال يحيى بن معين ثقة (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج3/ص315)

- أبو الحارث يحيى بن عبد الله الجابر التيمي قال أبو حاتم الرازي ضعيف (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج9/ص161) قلت ولعلماء آخرين أقوال فيه لكن هذه خلاصته 

الطحاوي في شرح مشكل الآثار (ج1/ص314) حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني، حدثني أبي في إملاء أبي يوسف عليهم، عن يحيى بن الحارث التيمي، عن حبال بن رفيدة، عن مسروق بن الأجدع، قال: كنا عند عائشة أم المؤمنين يوم عرفة والناس يسألون يرون أنه يوم النحر فقالت لجارية لها: أخرجي لمسروق سويقا وحليه، فلولا أني صائمة لذقته فقال لها: أصمت هذا اليوم وهو يشك فيه؟ فقالت: نزلت هذه الآية في مثل هذا اليوم: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات: ١] كان قوم يتقدمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصوم وفيما أشبهه، فنهوا عن ذلك.

وهذا آخره أي سبب نزول الآية فمنكر وسبب النزول موجود في صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير: قدم ركب من بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر: بل أمر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردت إلى - أو: إلا - خلافي، فقال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين ‌يدي ‌الله ‌ورسوله} حتى انقضت الآية.

- سليمان بن شعيب الكيساني هو أبو محمد أبو محمد سليمان بن شعيب بن سليمان بن سليم بن كيسان الكلبي المصري قال السمعاني وكان ثقة (الأنساب للسمعاني ج11/ص195)
- شعيب بن سليمان بن سليم بن كيسان المصري لم أقف على توثيقه
- أبو يوسف هو أبو يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة له كتاب "الآثار"

الطبراني في المعجم الأوسط (ج3/ص134) من طريق أبي كدينة يحيى بن المهلب الكوفي، عن يحيى بن الحارث التيمي، عن حبال بن رفيدة، عن مسروق، أنه دخل على عائشة في اليوم الذي يشك فيه من رمضان، فقالت: يا جارية، خوصي له سويقا، فقال: إني صائم، فقالت: تقدمت الشهر؟ فقلت: لا، ولكني صمت شعبان كله، فوافق ذلك هذا اليوم، فقالت: إن ناساً كانوا يتقدمون الشهر، فيصومون قبل النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات: ١].

الطحاوي في شرح مشكل الآثار (ج1/ص314) حدثنا الحسن بن بكر بن عبد الرحمن أبو علي المروذي - شيخ الترمذي وصحح حديثه -، حدثنا إسحاق بن منصور السلولي، أخبرنا جعفر الأحمر - هو ابن زياد الكوفي -، عن يحيى الجابر، عن حبال بن رفيدة، عن مسروق أن رجلاً صام يوم الشك، فقالت له عائشة: لا تفعل فإنهم كانوا يرون أن هذه الآية نزلت فيه: {لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات: ١].

أبو نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان (ج1/ص373) والواحدي في التفسير الوسيط (ج4/ص150) من طريق محمد بن إبراهيم المزكي كلاهما عن أبي بكر محمد بن جعفر بن محمد بن الهيثم الأنباري، ثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام، ثنا أبي، ثنا النعمان بن عبد السلام التيمي، عن زفر بن الهذيل، عن يحيى بن عبد الله التميمي، عن حبال بن رفيدة، عن مسروق، عن عائشة، في قوله عز وجل: {لا تقدموا بين ‌يدي ‌الله ‌ورسوله} [الحجرات: 1] قال: لا تصوموا قبل أن يصوم نبيكم [زاد الواحدي: واتقوا لله في تضييع حقه، ومخالفة أمره، {إن الله سميع} [الحجرات: 1] لأقوالكم، عليم بأفعالكم].

أبو الشيخ الأصبهاني في طبقات المحدثين (ج2/ص228) من طريق أبي بكر محمد بن علي ‌بن ‌الجارود وأبو نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان (ج1/ص373) من طريق أبي محمد عبد ‌الله ‌بن ‌جعفر بن أحمد بن فارس كلاهما عن إسماعيل بن عبد الله، قال: ثنا ‌محمد ‌بن ‌زياد، قال: قال: ثنا النعمان، عن زفر، عن يحيى بن سعيد التيمي، عن حبال بن رفيدة، عن مسروق بن الأجدع قال: دخلنا على عائشة، فقالت: يا جارية، خوصي لبني شرابا، فخاصت لهم شرابا، فقالت لهم: ذوقوا، فإن رابكم شيء فمروا الأمة فتزيدكم، فإني لو كنت مفطرة لذقت لكم، قلنا: نحن صيام، فقالت: وما صومكم؟ قلنا: إن كان من رمضان أدركناه ، وإن لم يكن تطوعناه ، فقالت: إنما الصوم صوم الناس، والفطر فطر الناس، وإني صمت الشهر، فإن يكن من رمضان فإن ناساً كانوا يصومون، حتى نزلت الآية {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات: 1].

- إسماعيل بن عبد الله هو أبو بشر إسماعيل بن عبد الله بن مسعود بن جبير العبدي الفقيه الأصبهاني الحافظ يعرف بِسِمَّوَيْهِ قال ابن أبي حاتم الرازي ثقة صدوق (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج2/ص182)
- محمد بن زياد هو الشروشاذراني صاحب النعمان قال أبو الشيخ الأصبهاني أحد الثقات (طبقات المحدثين لأبي الشيخ ج2/ص228)

أبو نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان (ج2/ص325) حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن يحيى بن منده، ثنا حفص بن معدان، ثنا يوسف بن مهران - هو الجرواءاني ثقة -، ومحمد بن زياد، قالا: ثنا النعمان، عن زفر، عن يحيى التيمي، عن حبال بن رفيدة، عن مسروق بن الأجدع، قال: دخلنا على عائشة، فقالت: يا جارية، خوضي لبني شرابا، فخاضت، فقالت لهم: ذوقوا، فإن رابكم شيء فمروا الأمة فلتزدكم، فإني لو كنت مفطرة ذقت لكم، قال: ونحن صيام، قالت: وما صومكم هذا؟ قالوا: إن كان من رمضان أدركناه، وإن لم يكن تطوعناه، فقالت: إنما الصوم صوم الناس، والفطر فطر الناس، والذبح ذبح الناس، وإني صمت هذا الشهر فأدركتم رمضان، وإن أناساً كانوا يتقدمون حتى نزلت هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين ‌يدي ‌الله ‌ورسوله} [الحجرات: 1].

هذا والله أعلم

الموضوع التالي الموضوع السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق