مدى صحة سئل الشافعي عن صفات الله وما ينبغى أن يؤمن به؟ فقال لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه

قال يونس بن عبد الأعلى المصري سمعت الشافعي يقول: وقد سئل عن صفات الله، وما ينبغى أن يؤمن به؟ فقال: لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه، وأخبر بها نبيه صلّى الله عليه وسلم أمته، لا يسمع أحداً من خلق الله قامت عليه الحجة: أن القرآن نزل به، وصح عنه بقول النبي صلّى الله عليه وسلم، فيما روى عنه العدل، فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو بالله كافر، فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل، لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا بالروية والفكر، ونحو ذلك أخبار الله سبحانه وتعالى، أتانا أنه سميع، وأن له يدين بقوله {بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ} وأن له يميناً بقوله {وَالسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ} وأن له وجهاً بقوله {كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ}) وقوله {وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ} وأن له قدماً بقول النبي صلّى الله عليه وسلم «حتى يضع الرب فيها قدمه» يعني جهنم، وأنه يضحك من عبده المؤمن بقول النبي صلّى الله عليه وسلم للذي قتل في سبيل الله: «إنه لقى الله وهو يضحك إليه» وأنه يهبط كل ليلة إلى سماء الدنيا بخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بذلك، وأنه ليس بأعور بقول النبي صلّى الله عليه وسلم إذ ذكر الدجال فقال «إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور» وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم، كما يرون القمر ليلة البدر، وأن له إصبعاً بقول النبي صلّى الله عليه وسلم «ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن عزّ وجل» فإن هذه المعاني التي وصف الله بها نفسه، ووصفه بها رسوله صلّى الله عليه وسلم مما لا يدرك حقيقته بالفكر والروية، فلا يكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها. فإن كان الوارد بذلك خبراً يقوم في الفهم مقام المشاهدة فى السماع: وجبت الدينونة على سامعه بحقيقته، والشهادة عليه، كما عاين وسمع من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولكن يثبت هذه الصفات وينفي التشبيه، كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.

حكم الأثر: صحيح ثابت

أخرجه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة ت الفقي (ج1/ص283) وأبو طاهر السلفي في الثلاثين من المشيخة البغدادية (ص15) كلاهما من طريق المبارك [وعند أبي طاهر السلفي: أبو الحسين بن الطيوري]، قلت له: أخبرك ‌محمد ‌بن ‌على ‌بن ‌الفتح [زاد أبو طاهر السلفي: أبو طالب العشاري الحربي]، قال: أخبرنا علي بن مردك [وعند أبي طاهر السلفي: أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مزدك البردعي]، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: حدثنا يونس ابن عبد الأعلى المصري قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي يقول وقد سئل عن صفات الله فذكراه بطوله.

- المبارك هو أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الطيوري الصيرفي ثقة مشهور

- أبو طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري الحربي قال الخطيب كتبت عنه وكان ثقة ديناً صالحاً (تاريخ بغداد ت بشار ج4/ص179)

- علي بن مردك هو أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مردك المعروف بالبرذعي قال الخطيب البغدادي كان ثقة (تاريخ بغداد ت بشار ج13/ص482)


ابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص175-181) أخبرنا الشيخ الزكي أبو علي الحسن بن سلامة بن محمد الحراني، قال: أنبأ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الغنوي الرقي، قال: أخبرنا شيخ الإسلام أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف القرشي الهكاري، قال أخبرنا أبو يعلى الخليل بن عبد الله الحافظ، أنبأ أبو القاسم بن علقمة الأبهري (1)، ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه يقول وقد سئل عن صفات الله تعالى وما يؤمن به- فقال: لله تعالى أسماء وصفات، جاء بها كتابه، وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته، لا يسمع أحدا من خلق الله تعالى قامت عليه الحجة ردها، لأن القرآن نزل بها، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القول بها في ما روى عنه العدول، فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر، فأما قبل ثبوت الحجة فمعذور بالجهل، لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا بالرؤية والفكر، ولا نكفر بالجهل بها أحدا إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها، وثبت هذه الصفات، وننفي عنها التشبيه، كما نفى التشبيه عن نفسه، فقال: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ط الرسالة (ج10/ص79) وقال شيخ الإسلام علي بن أحمد بن يوسف الهكاري في كتاب عقيدة الشافعي له: أخبرنا أبو يعلى الخليل بن عبد الله الحافظ أخبرنا أبو القاسم بن علقمة الأبهري، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، حدثنا يونس بن عبد الأعلى سمعت أبا عبد الله الشافعي يقول، وقد سئل عن صفات فذكر مثله.

وقال الذهبي في العرش (ج2/ص293) رواه شيخ الإسلام - يعني الهكاري - في عقيدة الشافعي وغيره، بإسناد كلهم ثقات.

- أبو يعلى الخليل بن عبد الله الحافظ هو الخليلي صاحب الإرشاد مشهور

- أبو القاسم بن علقمة الأبهري قلت سقط "سعيد" بين "أبو" و"القاسم" وهو أبو سعيد القاسم بن علقمة الشروطي الأبهري قال الخليلي يعني تلميذه: أبو سعيد القاسم بن علقمة الشروطي الأبهري لقي بالري ابن أبي حاتم - يعني عبد الرحمن -، وكان قيماً فيما يرويه وله في الفقه والشروط محل كبير وقال الذهبي شيخ عالي الإسناد روى عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، أكثر عنه أبو يعلى الخليلي (انظر الإرشاد في معرفة علماء الحديث للخليلي ج2/ص775 وتاريخ الإسلام للذهبي ج8/ص636)

هذا والله أعلم

الموضوع التالي الموضوع السابق
1 تعليقات
  • طالب علم
    طالب علم 11/19/2022

    الله يجزاك خير شكرا على الإجابة

إضافة تعليق
رابط التعليق