مدى صحة سئل مالك عن نزول الرب فقال ينزل أمره كل سحر فأما هو فإنه دائم لا يزول ولا ينتقل سبحانه لا إله إلى هو

مدى صحة أثر سئل الإمام مالك رحمه الله عن نزول الرب عز وجل، فقال ينزل أمره كل سَحَر، فأما هو عز وجل فإنه دائم لا يزول ولا ينتقل سبحانه لا إله إلى هو

سئل الإمام مالك بن أنس رحمه الله  عن نزول الرب عزّ وجلّ، فقال ينزل أمره كل سَحَر، فأما هو عزّ وجلّ فإنه دائم لا يزول ولا ينتقل سبحانه لا إله إلى هو.

حكم الأثر: موضوع مكذوب وزيادة "ولا ينتقل سبحانه لا إله إلى هو" لا أصل لها

قلت زيادة "ولا ينتقل سبحانه لا إله إلى هو" ذكرها ابن السيد البطليوسي في الإنصاف (ص82) قلت وقد تفرد بها أي بزيادة "ولا ينتقل سبحانه لا إله إلى هو" إلا إن كانت من قول البطليوسي نفسه

لأنه قد ورد الأثر بدون هذه الزيادة فقد قال ابن المحب الصامت في صفات رب العالمين (ج2/ص491) والذهبي في سير أعلام النبلاء ط الرسالة (ج8/ص105) قال أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني: حدثنا محمد بن هارون بن حسان، ثنا صالح بن أيوب، ثنا حبيب بن أبي حبيب، حدثني مالك قال: يتنزل ربنا تبارك وتعالى أمره، فأما هو فدائم لا يزول. قال - يعني صالح بن أيوب -: فذكرت ذلك ليحيى بن بكير فقال: حسن والله، ولم أسمعه من مالك.

وهذا إسناد موضوع مكذوب وليس فيه "ولا ينتقل سبحانه لا إله إلى هو"

- صالح بن أيوب هذا مجهول البتة

- حبيب بن أبي حبيب هو أبو محمد حبيب بن رزيق الحنفي المصري كاتب مالك بن أنس متهم بالكذب ساقط قال الإمام أحمد بن حنبل رجل كذاب وقال يحيى بن معين كذاب خبيث يضع الحديث وقال الساجي كذاب يضع الحديث وقال أبو أحمد الحاكم ذاهب الحديث وقال ابن عدي يضع الحديث وقال النسائي متروك الحديث أحاديثه كلها موضوعة عن مالك وعن غيره وقال أبو حاتم الرازي متروك الحديث روى عن ابن أخي الزهري أحاديث موضوعة وقال ابن حبان يروي عن الثقات الموضوعات (انظر العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية ابنه عبد الله ط الخاني ج2/ص56 وسؤالات ابن الجنيد لابن معين ت سيف ص489-490 وتاريخ ابن معين رواية ابن محرز ط مجمع اللغة ج1/ص63 ورواية الدوري ت سيف ج4/ص458 وإكمال تهذيب الكمال لمغلطاي ط الفاروق ج3/ص363-364 والكامل في ضعفاء الرجال ط العلمية ج3/ص324 والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ط المعارف العثمانية ج3/ص100 والمجروحين ت حمدي ج6/ص323)

وفي مسند الموطأ لأبي القاسم الجوهري (ص152) حبيب -يعني ابن أبي حبيب المصري-، قال مالك: يتنزل أمره في كل سحر، فأما تبارك وتعالى فهو دائم لا يزول وهو بكل مكان.

قلت كذا بزيادة "وهو بكل مكان" وقد تقدم أن حبيباً هذا متهم بالكذب ساقط الرواية

وقال السبكي في السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل (ص94-95) وقد روى الضراب -هو الحسن بن إسماعيل- في هذا الكتاب -يعني كتاب فضائل مالك- قال حدثنا عمر بن الربيع ثنا أبو أسامة ثنا ابن أبي زيد عن أبيه عن حبيب كاتب مالك وعلى روايته قال: سئل مالك بن أنس عن قول النبي صلى الله عليه وسلم (ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء كل ليلة) قال: ينزل أمره كل سحر وأما هو فهو دائم لا يزول وهو بكل مكان.

- حبيب كاتب مالك تقدم كلام العلماء فيه وهو ساقط الراوية متهم بالكذب
- عمر بن الربيع هو أبو طالب عمر بن الربيع بن سليمان الخشاب ذكره أبو يعقوب القراب في تاريخه وقال كذاب وضعفه الدارقطني وقال مسلمة بن قاسم الأندلسي تكلم فيه قوم ووثقه آخرون وكان كثير الحديث (انظر ميزان الاعتدال للذهبي ج3/ص196 ولسان الميزان لابن حجر ت أبي غدة ج6/ص100) وقال أبو القاسم بن الطحان الرجال الصالح حدثونا عنه توفي سنة 340 (تاريخ علماء أهل مصر ص80)
- ابن أبي زيد وأبوه لم أعرفهما


قال ابن عبد البر في التمهيد ط المغربية (ج7/ص143) روى محمد بن علي الجبلي وكان من ثقات المسلمين بالقيروان قال حدثنا جامع بن سوادة بمصر قال حدثنا مطرف عن مالك بن أنس أنه سئل عن الحديث إن الله ينزل في الليل إلى سماء الدنيا فقال مالك يتنزل أمره.

وهذا خبر منكر باطل علّته جامع بن سوادة يكنى أبا سليمان قلت ليس بثقة ولا مأمون مجهول يروي الأباطيل واضرب لكم مثالان

المثال الأول: أخرجه الدارقطني في العلل ط طيبة (ج14/ص99) من طريق الحسين بن الحسين الأنطاكي قاضي الثغر، قال: حدثنا جامع بن سوادة أبو سليمان بمصر، قال: حدثنا زياد بن يونس - هو الحضرمي -، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: من مس فرجه فليتوضأ.

وقد توبع الحسين بن الحسين الأنطاكي أخرجه ابن شاهين في ناس الحديث ومنسوخه (ص111) حدثنا سعيد بن نفيس الصواف، قال: حدثنا جامع بن سوادة، قال: حدثنا زياد بن يونس الحضرمي...إلخ.

ولعمري أن هذا كذب ولو ذهبت تتعقب أحاديث عروة بن الزبير مع مروان في بسرة في مس الذكر على اختلاف فيه ستجده يقول لا أعلم فيها حديثاً! وهذا جامع يزعم عروة عن عائشة! ولو كان عنده عن عائشة لصاح به!

المثال الثاني:

قال أبو بكر محمد بن إسماعيل الوراق حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد ابن محمد الفقيه -قلت خطأ وقد روى ابن حجر السند وفيه "علِي بن محمد بن أحمد الفقيه" وهذا هو الصواب ولم يعرفه ابن حجر قلت وهو علي بن محمد بن أحمد الواعظ المعروف بالمصري العسكري ثقة قال الخطيب روى عنه محمد بن إسماعيل الوراق، قلت وروى عنه ابن بشران عن جامع- حدثني ‌جامع ‌بن سوادة الحمراوي حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وابن عباس قالا: آخر خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخطب غيرها حتى خرج من الدنيا فقال: من مشى في تزويج بين اثنين حتى يجمع الله عزوجل أعطاه الله عزوجل بكل خطوة وبكل كلمة تكلم في ذلك عبادة سنة، صيام نهارها وقيام ليلها، ومن مشى في تعويق بين اثنين حتى يفرق بينهما كان حقا على الله عز وجل أن يضرب رأسه يوم القيامة بألف صخرة من نار جهنم.

وهذا موضوع معروف تفرد به جامع عن آدم وقال ابن الجوزي موضوع (وانظر الموضوعات لابن الجوزي ت عبد الرحمن عثمان ج2/ص279 المغني في الضعفاء للذهبي ت عتر ج1/ص127 ولسان الميزان لابن حجر ت أبي غدة ج2/ص415)

هذا والله أعلم

إرسال تعليق