الرد على أثر عبد الله بن شقيق في إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة

قلت طبعاً الذي كفروا تارك الصلاة كسلاً قالوا هذا في الذي تركها كسلاً وقالوا أيضاً ورد عن جابر والحسن البصري الإجماع وسأرد على كل هذا إن شاء الله

1 أما أثر ابن شقيق فأخرجه الترمذي في سننه ت بشار (ج4/ص310) حدثنا قتيبة، قال: حدثنا بشر بن المفضل، عن الجريري، عن عبد الله بن شقيق العقيلي، قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة.

صحيح وقد خولف الترمذي خالفه قيس بن أنيف فذكر أبا هريرة في السند وهو خطأ أخرجه الحاكم في المستدرك (ج1/ص48) أخبرنا أحمد بن سهل الفقيه ببخارى، حدثنا قيس بن أنيف، حدثنا قتيبة بن سعيد به. والصواب الأول أي موقوفاً على عبد الله بن شقيق ليس فيه أبو هريرة

وقد توبع قتيبة تابعه محمد بن عبيد بن حساب وحميد بن مسعدة على وقفه على عبد الله بن شقيق أخرجه محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (ج2/ص904)

ملحوظة: البعض ذهب ينقل عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة من ثم نقل أيضاً عن عبد الله شقيق لوحده وهذا حشو وغلط من حيث الصناعة الحديثية فذكر أبا هريرة خطأ وخولف ومن درس علم الحديث علم ذلك

وأخرجه أبو بكر الخلال في السنة (ج4/ص144) من طريق أبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل -، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: ثنا الجريري، عن عبد الله بن شقيق، قال: ما علمنا شيئًا من الأعمال قيل: تركه كفر، إلا الصلاة. إسناده صحيح

وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف ت كمال (ج6/ص172) وأيضًا في الإيمان (ص49) حدثنا عبد الأعلى، عن الجريري، عن عبد الله بن شقيق قال: ما كانوا يقولون لعمل تركه رجل كفر غير الصلاة قال: كانوا يقولون: تركها كفر.

إسناده صحيح وقوله (ما كانوا) يحتمل عدداً من الصحابة أو من الصحابة والتابعين والعلم عند الله

2- واستشهدوا أيضاً على الإجماع بما رواه مجاهد عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قلت له: ما كان يفرق بين الكفر والإيمان عندكم من الأعمال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: الصلاة وبما رواه أبو الزبير، قال: سمعت جابرا رضي الله عنه وسأله رجل: أكنتم تعدون الذنب فيكم شركا؟ قال: لا، قال: وسئل ما بين العبد وبين الكفر قال: ترك الصلاة.

3- وأيضاً بما قال الحسن البصري حيث قال بلغني أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون: بين العبد وبين أن يشرك فيكفر أن يدع الصلاة من غير عذر.

الرد

- أما بالنسبة لأثر ابن شقيق أن فيه إجماع الصحابة فهذا باطل ليس فيه إجماع

1- فهل أدرك ابن شقيق كل الصحابة؟! وأنا متأكد لو أن الرسول قال من ادعى الإجماع فهو خالد في النار لما رأيت مخلوقاً قط قال في قول ابن شقيق أن فيه الإجماع خوفاً من الخلود ولاكتفى بقوله عدداً من الصحابة والبعض يقول لم يأتِ مخالف واحد نقول وحتى لو لم يأتِ نصف مخالف فما أدراك هل نزل عليك الوحي وأخبرك أن الذين لم يصلنا كلامه يكفر تارك الصلاة تكاسلاً! يا أخواني هذه مسألة كفر وهي أشد حتى من الحلال والحرام ففي الكفر تحتاج يقيناً كاملاً لا يعتريه شكوك فأنت تدخل مسلماً جهنم خالداً فيها أبداً

2- ومما يخالف أثر ابن شقيق أن الصحابة لم يكونوا يرون شيئاً تركه كفر غير الصلاة أنه ورد عن بعض الصحابة أنه كانوا يكفرون غير تارك الصلاة

- في الزكاة

صح عن ابن مسعود أنه قال "من أقام الصلاة ولم يؤد الزكاة فلا صلاة له" وفي لفظ "ما تارك الزكاة بمسلم" (انظر تخريجه بالتفصيل هنا) وهذا ظاهره الكفر

- في الحج

صح عن عمر بن الخطاب أنه قال من أطاق - يعني استطاع - الحج فلم يحج، فسواء عليه يَهُودِيًّا مات أو نَصْرَانِيًّا (انظر تخريجه بالتفصيل هنا) وهذا أيضًا ظاهره الكفر

3- فإذا كان شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر فما فائدة ومميزة أحاديث لا إله إلا الله والتي فيها إن الله سيخرجهم من النار إذا كان ذلك في حق من صلى وليس فيمن لم يصل! كما في صحيح مسلم حيث في المرة الرابعة عندما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لله عز وجل "ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله، قال: ليس ذاك لك - أو قال: ليس ذاك إليك - ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي، لأخرجن من قال: لا إله إلا الله"

فهذا حصر فيمن قال لا إله إلا الله فالله سيخرج مَن مِن النار؟ والرسول قد سبق وشفع في أهل الكبائر

4- كل الأحاديث التي روي فيها من قال لا إله إلا الله يدخل الجنة لم يرد فيها شيء إلا من ترك الصلاة يعني كمثال "من قال لا إله إلا الله ولم يصل فهو في النار" ما جاء هكذا وهذا يدل على أن توحيد الله دون الجحود هو شيء لا يقارن به شيء آخر لأنه الأساس والأحاديث تدل على ذلك.

- وأما بالنسبة لأثر جابر فليس فيه التصريح بل مثله مثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. يعني ظاهره الكفر

- وأما بالنسبة لأثر الحسن البصري فهو بلاغ أي الذي أبلغ الحسن مجهول أي مرسل ولكن لكي يزيد من قوة الإجماع ولربما نفس هذا الشخص الذي يأخذ بقول الحسن شاهداً تجده في مكان آخر أي مسألة أخرى وذلك عندما يتصادم مع مذهبه أو تكون مسألة عادية يقول لك العلماء قالوا مراسيل الحسن البصري شبه الريح وهي أضعف المراسيل! وبالتالي فلا يتقوى الحديث! بينما هو في مسألة كفر يقوي به وهذا ليس من العدل

- وقال البعض هذا إسحاق بن راهويه رحمه الله نقل الإجماع قلت نرده فأين المشكلة؟! فهل قوله نزل من السماء؟! وهل العلماء يأخذون بكل من زعم الإجماع؟ ذلك مستحيل بل وتجد العلماء يقولون فلان زعم الإجماع وهو مردود!

بل وأهل السنة قاموا بتأويل ما هو أشد من حديث الذي ظاهره كفر تارك الصلاة وهو قوله {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}


- والبعض قال أجمع التابعون على كفر تارك الصحابة ودليله في ذلك قول أيوب السختياني ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه. 

قلت وهذا الإجماع مردود فالإمام ابن شهاب الزهري يخالف في ذلك! أخرجه أبو بكر الخلال في أحكام أهل الملل (ص482) وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (ج2/ص957) كلاهما من طريق إبراهيم بن سعد، قال: سألت ابن شهاب، عن الرجل يترك الصلاة؟ قال: إن كان إنما يتركها أنه ينبغي ديناً غير الإسلام قتل، وإن كان إنما هو فاسق من الفساق ضرب ضربا شديداً، أو سجن.

وأخرج عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل (ج7/ص465) عن معمر، عن الزهري، قال: من شرب في رمضان، فإن كان ابتدع ديناً غير الإسلام استتيب، وإن كان فاسقاً من الفساق جلد ونكل وطوف وسمع به، والذي يترك الصلاة مثل ذلك.

وأيضاً الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز الدمشقي التنوخي لا يكفرناه (انظر تخريج قول الأوزاعي وسعيد في هذه المقالة)


- والبعض احتج بما نقله ابن حزم كما في المحلى بالآثار (ج2/ص15) حيث قال وقد جاء عن عمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمداً حتى يخرج وقتها فهو كافر مرتد

السؤال التالي: هل أنتم مع ابن حزم فيما نقله عن الصحابة في تكفير من ترك صلاة واحدة وضع خطاً أحمر تحت "واحدة"؟!

- ويوجد شيء لا أحبه مطلقاً عند البعض فعندما يريد نصر حجته وعنده دليل من عالم يقول قال الإمام العلامة الجهبذ الصاروخ الذي لم يكن له مثيل وهذا التعظيم لا لشيء إنما ليقوي به حجته وفي مكان آخر عندما يكون هذا العالم قوله يخالف الدليل يقول قال فلان باسمه ولا يذكر الإمام الجهبذ وإن هذا لعجبٌ

وقد روي ولا يصح عن علي بن أبي طالب من لم يصل فهو كافر (انظر تخريجه هنا)

وقد روي ولا يصح أيضًا عن ابن عباس من ترك الصلاة فقد كفر (انظر تخريجه هنا)

والبعض ربما ذهب يحسن الأثرين! بطرق لا تمت لعلم الحديث بصلة لحشو مقالته ليدعم الإجماع قلت في مسألة الحلال والحرام نحن نشدد في الأسانيد فكيف بمسألة كفر! قلت يكفيك أن تنقل قول عمر بن لخطاب الذي ظاهره الكفر فهو صحيح أو غيره من الذين ثبت عنهم لكن لماذا الحشو؟ لاشك ليقوي حجة الإجماع وليزيد عدد الصحابة في كفر تارك الصلاة ليصل إلى الإجماع الذي يهواه قلبه

هذا والله تعالى أعلم

الموضوع التالي الموضوع السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق