هل كان مُسَيْلِمَة الكذاب يدعى رحمن اليمامة
1) مكحول الشامي
أخرجه الطبري في التفسير ط هجر (ج15/ص124) حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني عيسى، عن الأوزاعي، عن مكحول، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتهجد بمكة ذات ليلة، يقول في سجوده: يا رحمن، يا رحيم فسمعه رجل من المشركين، فلما أصبح قال لأصحابه: انظروا ما قال ابن أبي كبشة، يدعو الليلة الرحمن الذي باليمامة. وكان باليمامة رجل يقال له: رحمن. فنزلت: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى}.
إسناده لا يصح مرسل
- الحسين هو سُنَيْد بن داود المصيصي صدوق ضعيف يعتبر به قال أبو حاتم صدوق وفي تهذيب التهذيب لا بن حجر ط الهندية (ج4/ص244) وتهذيب الكمال للمزي (ج12/ص164) قال أبو حاتم ضعيف وهو وهم من المزي أو تصحيف إنما الصحيح أن أبا حاتم الرازي قال صدوق (راجع الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ط المعارف العثمانية ج4/ص326) وقال أحمد بن حنبل قد كان سنيد يلزم حجاجاً وربما رأيت حجاجاً يملي عليه من كتابه وأرجو ألا يكون حدث إلا بصدق (تاريخ أسماء الثقات لابن شاهين ت السامرائي ص109 والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج4/ص244) وقال النسائي سنيد ليس بثقة وقال الخطيب لا أعلم أي شيء غمصوا على سنيد وقد رأيت الأكابر من أهل العلم رووا عنه واحتجوا به ولم أسمع عنهم فيه إلا الخير وقد كان سنيد له معرفة بالحديث وضبط له، فالله أعلم (تاريخ بغداد للخطيب ت بشار ج8/ص573)
2) سعيد بن جبير مرسلاً، وعكرمة عن ابن عباس متصلاً
ابن هشام في السيرة ت السقا (ج1/ص295-297) قال ابن إسحاق [وهو محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي وقال كلاماً ثم قال ابن إسحاق] حدثني بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير، وعن عكرمة مولى ابن عباس، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: حديث رؤساء قريش مع الرسول صلى الله عليه وسلم : اجتمع عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة [حديث طويل وفيه] إنه قد بلغنا أنك إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له: الرحمن، وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا، فقد أعذرنا إليك يا محمد، وإنا والله لا نتركك وما بلغت منا حتى نملكك، أو تهلكنا.
قلت قوله "حدثني بعض أهل العلم" وقفت على اسمه قال ابن كثير في البداية والنهاية ت تركي (ج4/ص127-129) وقد روى يونس -يعني ابن بكير- وزياد عن ابن إسحاق عن بعض أهل العلم وهو شيخ من أهل مصر يقال له: محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس قال: اجتمع علية من أشراف قريش [حديث طويل وفيه] فقد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة، يقال له: الرحمن
إسناده مظلم محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت المدني المكي لا يُعرف وقال الطبري في التفسير ط هجر (ج15/ص90) حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثنا ابن إسحاق، قال: ثنى محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن سعيد بن جبير، أو عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس بنحوه، إلا أنه قال: وأبا سفيان بن حرب، والنضر بن الحارث أخا بني عبد الدار، وأبا البختري بن هشام. وفي السيرة والمغازي لابن إسحاق ط الفكر (ص197-199) نا أحمد: نا يونس عن ابن إسحاق -هو محمد بن إسحاق صاحب المغازي- قال: حدثني شيخ من أهل مكة قديم منذ بضع وأربعين سنة عن عكرمة عن ابن عباس [وفيه] بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن، وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبداً فقد أعذرنا إليك يا محمد.
وقال ابن هشام في السيرة ت السقا (ج1/ص311) قال ابن إسحاق -يعني محمد بن إسحاق صاحب المغازي-: وأنزل عليه في قولهم: إنا قد بلغنا أنك إنما يعلمك رجل باليمامة، يقال له الرحمن، ولن نؤمن به أبداً: {كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب} [١٣: ٣٠].
مرسل معضل
طريق آخر عن سعيد بن جبير وحده
أخرجه أبو داود السجستاني في المراسيل ط الرسالة (ص89) ومن طريقه المستغفري في فضائل القرآن ط ابن حزم (ج1/ص472) حدثنا عباد بن موسى، حدثنا عباد بن العوام، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم بمكة قال وكان أهل مكة يدعون مسيلمة الرحمن، فقالوا: إن محمداً يدعو إلى إله اليمامة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخفاها فما جهر بها حتى مات.
وقد توبع عباد بن موسى تابعه يحيى بن عبد الحميد الحماني أخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ت تكله (ج6/ص367-368) حدثنا أبي، قال: نا الحماني، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، قال: كان المشركون يحضرون المسجد، فإذا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم، قالوا: هذا محمد يذكر رحمان اليمامة -يعنون: مسيلمة-، فأمر أن يخافت ببسم الله الرحمن الرحيم، ونزلت: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}.
إسناده لا يصح مداره على شريك القاضي ضعيف ثم هو مرسل سعيد تابعي
- سالم هو سالم بن عجلان الأفطس
3) عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس متصلاً، وعطاء مرسلاً
أخرجه ابن أبي حاتم الرازي في تفسيره ط نزار مصطفى (ج8/ص2715) حدثنا الفضل بن شاذان، ثنا سهل بن عثمان العسكري، ثنا محبوب يعني ابن محمد القواريري، عن طلحة، عن عطاء: وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة فأنزل الله عز وجل: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}.
إسناده ضعيف جداً
- طلحة هو طلحة بن عمرو الحضرمي المكي متروك ضعيف الحديث
- محبوب بن محمد القواريري قلت "محمد" تصحيف صوابه "مُحْرِز" وهو محبوب بن محرز القواريري
ابن سعد في الطبقات الكبرى ط العلمية (ج1/ص131) أخبرنا علي بن محمد عن أبي علي العبدي عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس قال: بعثت قريش النضر بن الحارث بن علقمة وعقبة بن أبي معيط وغيرهما إلى يهود يثرب وقالوا لهم: سلوهم عن محمد، فقدموا المدينة فقالوا: أتيناكم لأمر حدث فينا، منا غلام يتيم حقير يقول قولاً عظيماً يزعم أنه رسول الرحمن، ولا نعرف الرحمن إلا رحمان اليمامة. قالوا: صفوا لنا صفته. فوصفوا لهم. قالوا: فمن تبعه منكم؟ قالوا: سفلتنا. فضحك حبر منهم وقال: هذا النبي الذي نجد نعته ونجد قومه أشد الناس له عداوة.
إسناده مظلم ضعيف جداً
- علي بن محمد هو أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف القرشي المدائني
- أبو علي العبدي لم أعرفه أبداً
- محمد بن السائب هو أبو النضر الكلبي متروك متهم بالكذب وقال أبو حاتم الرازي الناس مجتمعون على ترك حديثه لا يشتغل به هو ذاهب الحديث (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ط المعارف العثمانية ج7/ص270-271)
- أبو صالح هو باذام مولى أم هانئ
طريق آخر عن عطاء وحده مرسلاً
أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في حديث إن لله تسعة وتسعين اسماً ط الغرباء (ص162) حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا بكر بن سهل، ثنا عبد الغني بن سعيد، ثنا موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، وعن مقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو ساجد: يا الله يا رحمن فسمعه أبو جهل، وهو لا يعرف الرحمن، فقال: محمد ينهانا أن نعبد إلهين، وهو يدعو إلها مع الله آخر، يقال له الرحمن فأنزل الله تعالى: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} [الإسراء: ١١٠] يريد: أسماؤه كثيرة، وهو الله وحده لا شريك له.
إسناده باطل ليس بشيء
- سليمان بن أحمد هو الطبراني
- بكر بن سهل هو الدمياطي ليس بشيء ضعفه النسائي وقال ابن حجر ومن ضعفه ما حكاه أبو بكر القباب مسند أصبهان أنه سمع أبا الحسن بن شنبوذ المقرىء: سمعت بكر بن سهل الدمياطي يقول: هجرت أي بكرت يوم الجمعة فقرأت إلى العصر ثمان ختمات؟! فاستمع إلى هذا وتعجب (انظر تاريخ دمشق لابن عساكر ط الفكر ج10/ص379-380 ولسان الميزان ت أبي غدة لابن حجر ج2/ص344)
- عبد الغني بن سعيد هو أبو محمد المصري الثقفي قال ابن يونس ضعيف (لسان الميزان لابن حجر ت أبي غدة ج5/ص231)
- موسى بن عبد الرحمن هو الثقفي الصنعاني يعرف بأبي محمد المفسر قال ابن عدي منكر الحديث وقال ابن حبان شيخ دجال يضع الحديث روى عنه عبد الغني بن سعيد الثقفي (الكامل لابن عدي ط العلمية ج8/ص66 والمجروحين لابن حبان ت حمدي ج2/ص250)
4) مجاهد بن جبر القرشي
وقال السيوطي في الدر المنثور ط الفكر (ج5/ص376) أخرج ابن المنذرعن مجاهد أن قريشاً اجتمعت فقالوا: يا محمد قد رغبت عن ديننا ودين آبائنا فما هذا الدين الذي جئت به قال: هذا دين جئت به من الرحمن فقالوا: إنا لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة -يعنون مسيلمة الكذاب- ثم كاتبوا اليهود فقالوا: قد نبغ فينا رجل يزعم أنه نبي وقد رغب عن ديننا ودين آبائنا ويزعم أن الذي جاء به من الرحمن قلنا: لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة وهو أمين لا يخون وفي لا يغدر صدوق لا يكذب وهو في حسب وثروة من قومه فاكتبوا إلينا بأشياء نسأله عنها فاجتمعت يهود فقالوا: إن هذا لوصفه وزمانه الذي يخرج فيه فكتبوا إلى قريش: أن سلوه عن أمر أصحاب الكهف وعن ذي القرنين وعن الروح فإن يكن الذي أتاكم به من الرحمن فإن الرحمن هو الله عز وجل وإن يكن من رحمن اليمامة فينقطع فلما أتى ذلك قريشا أتى الظفر في أنفسها فقالوا: يا محمد قد رغبت عن ديننا ودين آبائنا فحدثنا عن أمر أصحاب الكهف وذي القرنين والروح قال: ائتوني غداً ولم يستثن فمكث جبريل عنه ما شاء الله لا يأتيه ثم أتاه فقال: سألوني عن أشياء لم يكن عندي بها علم فأجيب حتى شق ذلك علي قال: ألم ترنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة -وكان في البيت جرو كلب- ونزلت {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا} من علم الذي سألتموني عنه أن يأتي قبل غد ونزل ما ذكر من أصحاب الكهف ونزل {ويسألونك عن الروح} [الإسراء: ٨٥] الآية.
قلتُ: لا نعلم إسناده إلى مجاهد لأن التفسير لابن المنذر وصلنا ناقصاً ومجاهد روايته مرسلة لأنه تابعي
هذا ما وقفت عليه بعد البحث والله أعلم وبه العصمة