مدى صحة حديث ما أهل مهل قط إلا بشر، ولا كبر مكبر قط إلا بشر

ما صحة حديث ما أهل مهل قط إلا بشر، ولا كبر مكبر قط إلا بشر قيل: يا رسول الله، بالجنة؟ قال: نعم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أَهَلَّ مُهِلٌّ قطُّ إلَّا بُشِّرَ ، ولا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قطُّ إلَّا بُشِّرَ ، قيل يَا رسُولََ اللهِ : بالجنةِ  قال : نَعَمْ.

قلت هذا جزء من حديث في بدايته "الوفود ثلاثة: المغازي في سبيل الله وافد على الله، والحاج إلى بيت الله، والمعتمر وافد على الله،" ما أهل مهل...إلخ

ويل الناس لديهم سرعة البرق في نشر الحديث الخاطئة والمنكرة

حكم الحديث: منكر غلط والصواب أنه من قول كعب الأحبار وكذا قال الدارقطني، وأما الألباني فأخطأ في تحسينه  لغيره بالشاهد وخفي عليه طرق أخرى للحديث تبيّن علّته

ملحوظة قبل أن أبدأ التخريج: نقل موقع الدرر السنية حكم الألباني "إسناده حسن رجاله ثقات رجال الشيخين" وهذا وهم من الموقع فنسبوا إلى الألباني ما لم يقله وقد راسلت موقع الدرر السنية فاستجابوا جزاهم الله خيراً وقد قاموا بالتعديل من "إسناده حسن رجاله ثقات رجال الشيخين" إلى "أورده في السلسلة الصحيحة"

والآن نبدأ التخريج

أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ط الحرمين (ج7/ص379) عن محمد بن جعفر بن سام وعلي بن عمر الحربي في حديثه رواية ابن المهتدي ط مجاميع المدرسة العمرية (ص66) عن أبي خبيب العباس بن أحمد بن محمد البرتي كلاهما عن عبد الأعلى بن حماد النرسي، نا معتمر بن سليمان، نا زيد بن عمر بن عاصم، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أهل مهل قط إلا بشر، ولا كبر مكبر قط إلا بشر قيل: يا رسول الله [ولفظ الحربي: يا نبي الله]، بالجنة؟ قال: نعم.

- زيد بن عمر بن عاصم مجهول وقد خولف

1- خالفه وهيب بن خالد البصري ثقة ثبت - خفي هذا على الألباني -

أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ط العلمية (ج3/ص474) وط الرشد (ج6/ص15-16) أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، حدثني محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا السري بن خزيمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن مرداس عن كعب قال: الوفود ثلاثة: المغازي في سبيل الله وافد على الله، والحاج إلى بيت الله، والمعتمر وافد على الله، ما أهل مهل ولا كبر مكبر إلا قيل أبشر، قال مرداس بماذا؟ قال: بالجنة.

قال البيهقي حديث وهيب أصح. قلت وقد توبع السري بن خزيمة تابعه الإمام البخاري فقال: قال موسى: حدثنا وهيب، حدثنا سهيل، عن أبيه، عن مرداس الليثي سمع: الحاج والغازي وفد الله، وما أهل مهل إلا قيل: أبشر (الهامش من التاريخ الكبير للبخاري ت الدباسي والنحال ج9/ص304)

2- وخالفه سليمان بن بلال القرشي المدني - خفي هذا على الألباني -

ذكر ذلك الدارقطني وأسنده الدارقطني في موضع آخر فقال حدثنا النيسابوري، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا سليمان، عن سهيل بنحوه (علل الدارقطني ط طيبة ج10/ص209 وج10/ص126)

3- وخالفه عبد العزيز بن أبي حازم المخزومي - خفي هذا على الألباني -

أخرجه الفاكهي في أخبار مكة ط4 (ج1/ص420-421) حدثنا محمد بن زنبور، قال: ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، قال ثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن السلولي، قال: إن كعب الأحبار، قال: الغازي وافد على الله تعالى والحاج وافد على الله عز وجل كلما كبر منهم مكبر وأهل بلغته الملائكة بالبشرى فقال مرداس: بماذا يبشرونه؟ قال كعب: فهمت، من أنت يا ابن أخي؟ فانتسب له، فقال كعب: فانا نزعم ذلك.

قال بعض المحققون وهم محمد بن زنبور في "السلولي" والصواب "مرداس" قلتُ وربما الوهم ليس من محمد بن زنبور بل لعله من النساخ بدليل أنه في آخره "فقال مرداس" وهذا يعني إن الإسناد يجب أن يكون "مرداس" وليس "السلولي" والله أعلم والدارقطني قال رواه ابن أبي حازم -يعني عبد العزيز- وفيه "مرداس" وليس "السلولي" (علل الدارقطني ط طيبة ج10/ص125)

وسئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال الصحيح أنه من قول كعب (علل الدارقطني ط طيبة ج10/ص209)

وقال ابن أبي حاتم الرازي سمعت أبي وذكر حديثاً رواه ابن وهب، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة، عن النبي قال: وفد الله ثلاثة: الغازي، والحاج، والمعتمر.

قال أبي: ورواه سليمان بن بلال ، عن سهيل، عن أبيه - هو أبو صالح -، عن مرداس الجندعي، عن كعب قوله.

ورواه عاصم، عن أبي صالح، عن كعب قوله (العلل لابن أبي حاتم ت الحميد ج3/ص458)


وأما الشطر الأول من الحديث (الوفود ثلاثة: المغازي في سبيل الله وافد على الله، والحاج إلى بيت الله، والمعتمر وافد على الله) فقد رواه بالإضافة إلى الذي ذكرتهم روح بن القاسم وعبد العزيز بن المختار والدراوردي ثلاثتهم عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن ‌مرداس الجندعي، عن كعب الأحبار


2) محمد بن عمرو بن علقمة عن مرداس

أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف ت الشثري (ج7/ص400) من طريق يزيد بن هارون ومسدد في المسند كما في المطالب العالية (ج6/ص335) من طريق يحيى بن سعيد القطان كلاهما عن محمد بن عمرو عن مرداس بن عبد الرحمن الليثي قال: دخلنا على عبد اللَّه بن عمرو فحدثنا قال: ما من أحد يهل إلا قال اللَّه له: أبشر فقال مرداس [[قال يحيى القطان: فقال عَمُّ مرداس] يا أبا محمد: فواللَّه ما ‌يبشر اللَّه إلا بالجنة قال: من أنت يا ابن أخي قال: أنا ‌مرداس [زاد مسدد: ابن شداد الجنيدي] قال: قد كان خيارنا يتتابعون على ذلك.

قال البخاري قال إسحاق - هو ابن راهويه -: أخبرنا يزيد - هو ابن هارون -، أخبرنا محمد، عن مرداس بن عبد الرحمن الليثي، سمع عبد الله بن عمرو في التهليل، فقال مرداس بن شداد: يا أبا محمد، قوله. وقال النضر - هو ابن شميل البصري -: أخبرنا محمد، حدثنا مرداس بن عبد الرحمن، سمع ابن عمرو، فقال عمي نحوه. (الهامش من التاريخ الكبير للبخاري ت الدباسي والنحال ج9/ص304)

- محمد بن عمرو بن علقمة الليثي صدوق يخطأ ويهم وأراه غلط في هذا الحديث، "عبد الله بن عمرو" وهم صوابه "كعب"

وأما بالنسبة أن مرداس بن شداد عم مرداس بن عبد الرحمن هو الذي رد على كعب فإن كان حقاً محمد بن عمرو بن علقمة حفظه فهذا يعني أن "مرداس" في حديث سهيل بن أبي صالح في المتن هو مرداس بن شداد عم مرداس بن عبد الرحمن أو يكون محمد بن عمرو توهم بين متن حديثين، متن حديث كعب ومتن آخر عن عبد الله بن عمرو فخلط وخرج معه هذا


3) محمد بن كحلا عن مرداس

أخرجه الفاكهي في أخبار مكة ط4 (ج1/ص422) حدثنا حسين بن حسن، قال: أنا عبد العزيز بن أبي عثمان الرازي، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كحلا، عن ‌مرداس ‌الجندعي، قال: كنت في مجلس فيه كعب، فحدثنا حديثا قال: ما من حاج ولا معتمر يكبر تكبيرة إلا كبر الشرف الذي يليه إلى منتهاه من أطراف الأرض، ولا لبى تلبية إلا قال الله عز وجل عند كل تلبية: ابشر. فقلت: يا أبا اسحاق، ما يبشر الله عز وجل إلا بالجنة. فقال: صدقت، والذي نفسي بيده إنه لفي كتاب الله المنزل يبشره بالجنة، وما رفع بعيره خفه ولا وضعه إلا كتب الله تعالى له به حسنة، وكفر عنه سيئة، فإذا طاف كان طوافه عدل رقبة، فإذا ركع ركعتي الطواف أعطاه الله تعالى أجرا، فإذا مسح الركن حين يخرج إلى الصفا والمروة أعطاه الله أجرا، فإذا سعى بين الصفا والمروة أعطاه الله أجرا عظيما، فإذا طاف طواف الوداع وضع الملك كفه بين كتفيه، وقال: ائتنف العمل فقد غفر لك.

منكر من أجل موسى بن عبيدة ومحمد بن كحلا لا يُعرف البتة وأخشى أن يكون فيه تصحيف


وأما الشاهد الذي ذكره الألباني فلفظه يختلف وهو حديث آخر

أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ط الحرمين (ج5/ص329) حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: ثنا الحسن بن علي الحلواني قال: نا سليمان بن حرب قال: ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن عبيد الله بن عمر، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما سبح الحاج من تسبيحة ولا كبر من تكبيرة إلا بشر بها بشرى.

قلت هذا مختصر والحديث كاملاً أخرجه الأصبهاني في الترغيب والترهيب (ج2/ص15) أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، أنبأ عبد الله بن يوسف، ثنا أبو مروان عبد الله بن محمد القاضي بمدينة الرسول، ثنا عبد الله بن زيدان البجلي، ثنا الحسن بن علي، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد عن أيوب السختياني، عن عبيد الله بن عمر قال: ثم لقيت عبيد الله بن عمر فحدثني عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العمرتان تكفران ما بينهما، والحج المبرور ليس له ثواب، أو قال: جزاء إلا الجنة، قال: وزاد أيوب في حديثه: وما سبح الحاج من تسبيحة ولا هلل من تهليلة ولا كبر من تكبيرة إلا بشر بها تبشيرة.

- عبد الرحمن بن أحمد الواحدي هو أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن علي بن مَتَّوَيْهِ النيسابوري شيخ صالح
- عبد الله بن يوسف هو أبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد بن بامويه الأصبهاني ثقة وثقه الخطيب وغيره (انظر تاريخ بغداد ت بشار ج11/ص452)
- أبو مروان عبد الله بن محمد القاضي لا يُعرف من ذا

أبو موسى المديني في اللطائف من علوم المعارف ط جوامع الكلم (ص536) أخبرنا أبو علي الحداد، ثنا الفضل بن محمد بن سعيد، ثنا أبو الشيخ، أنا عبد الرحمن بن محمد بن حماد، ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله الجزري بالبصرة، أنا سليمان بن حرب، ثنا حماد، عن أيوب، عن عبيد الله، قال: فلقيت عبيد الله فحدثني، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: «العمرة تكفر ما بينها وبين العمرة، والحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة». وفي حديث أيوب: «ما سبح الحاج تسبيحة، أو كبر تكبيرة إلا بشر بها تبشيرة».

- أبو الشيخ هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني ثقة مشهور صاحب التصانيف مثل طبقات المحدثين وغيرها
- عبد الرحمن بن محمد بن حماد هو أبو العباس الطهراني قال الخليلي ثقة (الإرشاد في معرفة علماء الحديث للخليلي ج2/ص674)
أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن مسلم الجزري لقبه عَبُّويه روى عنه ابن ماجه حديثاً في سننه ولم يوثقه أحد

قلت اختلف على أيوب في إسناده في هذا الحديث، وجملة (ما سبح الحاج من تسبيحة ولا كبر من تكبيرة إلا بشر بها بشرى) منكرة ولا أدري الوهم ممن أو يكون قد بلغ أيوب هذا وليس هو من المسند وهذا الحديث (العمرتان تكفران ما بينهما، والحج المبرور ليس له ثواب، أو قال: جزاء إلا الجنة) رواه جماهير الأئمة من الحفاظ الأثبات كمالك بن أنس وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وغيرهم ولم يروي أحد قط هذه الزيادة (ما سبح الحاج من تسبيحة ولا كبر من تكبيرة إلا بشر بها بشرى)


عبد الله بن ضمرة السلولي عن كعب الأحبار

أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف ت الشثري (ج7/ص400) حدثنا غندر عن ‌شعبة عن منصور عن ‌مجاهد عن عبد اللَّه بن ضمرة السلولي عن ‌كعب قال: الحاج والمعتمر والمجاهد في سبيل اللَّه وفد اللَّه، سألوا فأعطوا، ودعوا فأجيبوا.

منصور بن المعتمر ثقة ثبت وعبد الله بن ضمرة السلولي ليس فيه توثيق معتبر وهو شاهد لحديث مرداس عن كعب وأخرجه سعيد بن منصور في السنن ت الأعظمي (ج2/ص169) نا إسماعيل بن عياش وعبد الرزاق في المصنف ط التأصيل الثانية (ج5/ص232) من طريق معمر بن راشد كلاهما عن ليث، عن مجاهد، عن كعب، قال: وفد الله ثلاثة: الحاج، ‌والمعتمر، والغازي دعاهم الله فأجابوه، وسألوا الله فأعطاهم. قلت ليث بن أبي سليم ضعيف وأسقط "عبد الله بن ضمرة السلولي"

أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف ت الشثري (ج7/ص399) والفاكهي في أخبار مكة ط4 (ج1/ص421) وعبد الرزاق في المصنف ط التأصيل الثانية (ج5/ص232) ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة عن منصور عن مجاهد عن ‌عبد ‌اللَّه ‌بن ‌ضمرة عن ‌كعب قال: إذا كبر الحاج والمعتمر والغازي كبر الربو الذي يليه ثم الذي يليه، ثم الذي يليه حتى ينقطع في الأفق.

هذا والله أعلم

إرسال تعليق