قول الحسن البصري في الشطرنج بالأسانيد وبيان صحيحها من ضعيفها

أخرج البيهقي في السنن الكبرى (ج10/ص375) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنبأ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ أبو مسلم، ثنا معقل بن مالك الباهلي، قال: خرجت من المسجد الجامع فإذا رجل قد قربت إليه دابة، فسأله رجل: ما كان الحسن يقول في الشطرنج؟ فقال: كان لا يرى بها بأساً، وكان يكره النردشير، فقلت: من هذا؟ فقالوا: ابن عون، وكان مضبب الأسنان بالذهب.

إسناده جيد

- معقل بن مالك حدث عنه البخاري (انظر القراءة خلف الإمام للبخاري ص67 وسنن الترمذي ت بشار ج3/ص41) ومحمد بن المثنى (انظر فضائل الترغيب لابن شاهين ص129) ومحمد بن مرزوق (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج8/ص286) ويعقوب بن سفيان وذكره ابن حبان في الثقات (ج9/ص202) فهذا يثبت عدالته وأما بالنسبة لحفظه فلا ولهذا قلت إسناده جيد ولم أقل حسن وقد زعم البعض أن أبا حاتم الرازي قال مجهول وهذا خطأ فقد قال ابن أبي حاتم معقل بن مالك أبو شريك الباهلي روى عن عمر بن قيس الأنصاري عن مبارك بن همام عن اليسع بن عيسى عن أبي ظبية عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل، روى عنه محمد بن مرزوق، سمعت أبي يقول: هذا حديث منكر عن مجهولين. انتهى فقول أبو حاتم الرازي (حديث منكر عن مجهولين) لا يقصد به معقل بل يقصد به من فوقه أي عمر بن قيس ومبارك بن همام..إلخ بدليل قوله (عن مجهولين) وصاحب الترجمة معقل يعني معقل عن مجهولين

وقال السخاوي في عمدة المحتج (ص105-106) وأسند الصولي من طريق الضحاك بن درهم، قال: رأيت الحسن مر على قوم يلعبون بالشطرنج، فقال: ارفع ذا، وضع ذا، واحذر ذا.

إسناده ضعيف من أجل الضحاك قال ابن معين ضعيف (انظر الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ج4/ص461)

وأخرج الدولابي في الكنى والأسماء (ج3/ص1132) حدثني إبراهيم بن الجنيد، قال: حدثني عبيد الله بن عمر بن ميسرة، قال: حدثنا معاذ بن معاذ العنبري، قال: سألت الأشعث، قلت: يا أبا هانئ ما كان الحسن يقول في: الشطرنج والنرد وأشباه ذلك؟ قال: كان الحسن يكره اللهو كله.

إسناده صحيح وأشعث هو أبو هانئ أشعث بن عبد الملك الحمراني

وعندي لا تعارض بين الخبرين فالخبر الثاني ليس فيه التصريح إن أشعث سمع الحسن البصري في الشطرنج خاصة إنما قال بشكل عام يكره اللهو وإنما الحسن بالرغم أنه يكره اللهو فليس بالضرورة كل لهو حرام عنده وعند غيره! لكن لا يحب كل اللهو لأنه يبعدك عن الدين مثل الصبي قد يلعب مع الصبيان فيكون أبوه يكره اللهو فيقول يا بني تعال معي إلى لو تعلمت القرآن لهو خير لك من هذا اللهو 

وأما ما أخرجه عبد الرزاق في المصنف ط التأصيل (ج8/ص451) ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان (ج8/ص472) عن معمر، عن قتادة، قال: مر عبد الله بن غالب، رجل من أهل البصرة، بقوم يلعبون بالشطرنج، فقال للحسن: مررت بقوم قد عكفوا على أصنام لهم.

فهذا من قول عبد الله بن غالب وليس الحسن كما ظن السخاوي رحمه الله كما في عمدة المحتج (ص89) والسبب أن لفظ السخاوي "يلعبون بالشطرنج فذكر ذلك للحسن فقال" فظن السخاوي أن قوله "فقال" هو الحسن وليس كذلك إنما هو من قول عبد الله بن غالب وسياق الحديث يدل على ذلك أيضاً

هذا والله تعالى أعلم

الموضوع التالي الموضوع السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق